
أمير داود لعلّ العالم يعتقد أنّ المدينة التي لا تتجاوز مساحتها 365 كلم مربعا، والتي تُعادل في الوضع الطبيعي مساحة حيٍّ سكني صغير في إحدى الدول المنبسطة على شواطئ العالَم، محض دولة كبرى. لا يُمكن لهذا الكمّ الهائل من الأخبار، ولا لهذا الكمِّ الهائل من الصبر والمعاناة والبطولة والصرخات والأنّات وال
أكرم قطريب غزّة على التلفزيون ما أجمل المغيب الذي يبدو مثلَ قشرة الطِّلاء في سقف البيت. المدينة بأكملها تنام على عتبته. يطلعُ البحّارة من كتب التاريخ وعلى أكتافهم سلال السمك الذي يسمّونه هناك "غراب البحر". القنابل الفسفورية فقط تعيد اختراع شكل الألم. لا حاجة للكهرباء، الجسد الذي يتفتّتُ يض
ليس العثور على محتوى معرفي موجَّه للأطفال العرب في بلدان اللجوء أمراً سهلاً، ولو أمعنّا النظر في واقع هؤلاء الأطفال خلال العقد الأخير على الأقلّ، فسندرك أنهم في غالبيّتهم قد تأثّروا وبشكلٍ كبير، كحال ذويهم تماماً، بالحروب التي تلت الثورات العربية. ومن ناحية أُخرى أكثر راهنية، لا يُمكن استحضار الثق
غادة السمان كعادتي في كل عام، في فترة عيد الميلاد وليلة رأس السنة، أذهب للمشي في جادة الشانزليزيه الباريسية (حين أكون في باريس) فهي تزين نفسها بالأضواء على نحو جذاب جداً. غصن كل شجرة في الشارع (ملفوف) بالأضواء والمشهد جميل حقاً. الشارع مضاء، وفي قلبي أضواء وأنا أمشي هبوطاً من «قوس النصر&ra
منصف الوهايبي في مدوّنة كلّ شاعر أو «أعماله الكاملة» أو غير الكاملة، كما دأبنا على القول، كتاب أو نصّ، أشبه ما يكون بـ»البيت المقلّد» (من القلادة) أو حجر الزاوية؛ سواء أكان من بواكير أعماله أم بعدها، نظلّ نعود إليه ونستأنف قراءته دون أن نملّ، وكل قراءة تكشف لنا ناحية في ال
جمال البدري كدجلة في فيينا يترّنح الدانـوب ترّنح سكران احتسى الشراب.. تحت ظلال مقهى ( الرينغ )(*). يتذكّـر الغريب شارع الرشيــد.. فبين الاسمين بــون من الآهات؛ من شارلمان إلى هارون الرشيد من كرستال الأرض إلى بغــداد ومن فيينــا وصيفة الجمـال.. إلى بصرة السيّاب والنخيـل. آه أيّها الغريب ع
رسْمُ الخرائط والفنّ والتراث، هي التخصّصات الرئيسية الثلاثة التي يتحرّك عبرها كتاب "ريف بلا مدينة: القدس في خرائطية مُغايرة"، الصادر حديثاً عن "رواق - مركز المعمار الشعبي" في رام الله، لمجموعة من الباحثين الفلسطينيين، هُم: دانا عباس، وبنجي بويدجيان، ومحمد أبو الربّ، وآية طحّان، ورغد سقف الحيط، ووس
د. ابتهال الخطيب في مأساة غزة ثقافة واسعة، ويا للحسرة على بشر لا يتعلمون سوى بعد وقوع الوقائع واستقرار المآسي! لقد كشفت الجريمة الصهيونية عن رأس جبل الجليد المتوحش الذي طالما غطته أمواج إبهار الحياة وانشغالنا بتشعباتها وتعقيداتها وتراكم طبقات صانعيها حتى اختفى الجبل المتوحش بأكمله وضاعت قدرتنا عل
جاسم عاصي علاقة الرواية بالسرد عموماً، محفوفة بالحذر. ذلك لأن التاريخ منطقة ثقافية ومعرفية مغرية لما يحتويه كمدونة من معلومات وثراء وحركة تنطوي على متغيرات وتحولات. ناهيك عن إغراء النماذج البشرية والأحداث ذات الصبغة والصيغة الدرامية. من هذا المنطلق ننظر إلى الرواية من باب تشكيل تلك العلاقة على أس
سومر شحادة عزيزي سانتا كلوز لو تُحضر لي أباً عِوضَ الذي قتلتهُ الطائرة وإن كان الأب لا يدخلُ من المدخنة لو تحضر لي يدَ أبي أو عيني أبي القديمتين ذاتهما أو النظرةَ الدافئة التي كان يتركها عليَّ عزيزي سانتا كلوز الطائرة قتلت ألعابي كُلَّها لو تحضر لي حصاناً يأخذني إلى أبي حصاناً لا يراه
جعفر العلوني يُعدّ اختيار الكلمات والمصطلحات لأيِّ فعلٍ سرديٍّ أمراً بالغ الأهمية. فالكلمات تختبئ، ولها مقاصد، وهي حيناً تتلاعب، وحيناً آخر تظهر معانيها الحقيقية وراء السطور. قد يبدو هذا الأمر بشكل واضح عندما نكتب عن فلسطين. هذا ما تؤكّده أستاذة العلاقات الدولية إيتساسو دومينغيز دي أولازابال Itxa
إبراهيم نصر الله يمتد طويلاً تاريخ كتّاب فلسطين مع الاستشهاد، بدءاً من شاعر العامية نوح إبراهيم صاحب القصيدة الساخرة «دبِّرها يا مستر «دِلْ»/ يمكن على إيدك تِنْحَلْ»، ثم عبد الرحيم محمود صاحب القصيدة الخالدة «سأحمل روحي على راحتي»، وصولاً إلى علي فودة صاحب القص
سمير اليوسف ثريّة وعديدة هي العلامات التي قد تشجعنا على وصف رواية الكاتبة اللبنانية إيمان حميدان بـ»نصٍّ نسويّ». إنها أولاً رواية عن النساء، عن أربعة أجيال من نساء عائلة واحدة يمتد حضورها ما بين عام 1908 وينتهي عام 1982، بما يجعلها أشبه بعمل ملحمي يتعقب مصائر شخصياتها في سياق حياتهن ا
ملاك أشرف صد الأعداء بالصمت انتهى كُل شيءٍ عندما صمتت الكلمات كلماتكَ أيها الجسدُ النحيلُ كلماتكَ التي استراحت ولَمْ تعد تركض معهم التي خذلتهم ولَمْ تخذلكَ لا تخذل الكلماتُ صاحبها إن صمتت لا يخذلهُ شيء إذا قرر التوقف عن المُطاردة أيها الجسدُ المسكينُ ما زلتَ في لُعبتِكَ تخذلهم قبلَ أن يطر
باسم النبريص لِمَ تتعامل ألمانيا مع الذين يحملون جوازات سفرها، والذين تمكّنوا من مغادرة القطاع، بعد كلّ ذلك الهول، على أنهم "متعاطفون محتمَلون مع حماس"، ويجري التحقيق معهم، منذ دخول المطار، بناءً على ذلك؟ هل هؤلاء اللاجئون، الذين هربوا من الاحتلال الصهيوني، جاؤوا هنا إلى برلين كي يروه مرّةً أُخرى
واسيني الأعرج على الرغم من الضباب الداكن والمخيف الذي يلف المنطقة، ووسط آلة تدميرية غير مسبوقة، إجرامية بامتياز، وبعد عشرين سنة قضاها داخل دهاليز سجون الاحتلال، مشفوعة بثلاث مؤبدات، يخرج الروائي والشاعر الفلسطيني الأسير باسم خندقجي من هذه الظلمة القاسية محلقاً بجناحي اللغة حيث لا قهر ولا حيطان، ف
مروة صلاح متولي كتب أمل دنقل قصيدة «لا تصالح» قبل عام من ذهاب الرئيس محمد أنور السادات إلى إسرائيل، عندما رأى ببصيرة الشاعر نحو أي اتجاه تمضي الأمور، فأطلق صيحته محذراً، وبثّ رجاءه في تراجع لم يحدث، وأعلن موقفه السبّاق كأول الرافضين، وحفظ هذا الموقف في شعر يخلده على مر السنين. رجع الش
فادي العبد الله نحو الإمحاء كانت للحياة قواعد وللموت ترتيبات تحفظها عهود وأسماء ومأثورات رغم الأيام الدوارس عندما يختلطان مثل نخاع مهروس على الأسفلت مثل عظام مطحونة كفتات الطبشور يصبح للموت قواعد ولا حياة الكلمات لا تخرج من فم كلمات تكلّ عن أن تكون حتى صدى لما كان معنى حتى أجنحة الم