سؤال قبل الانتخابات: ماذا سنخبر الأجيال.. كنا قطيع خراف يقوده "ثلاثي العورة السياسية"؟
2025-11-07 | منذ 2 ساعة
كتابات عبرية
كتابات عبرية

للوجود الإسرائيلي الفوضوي عبث غريب مسنود بالاستطلاعات: العنصر الأكثر استقراراً في الساحة السياسية هو نتنياهو. تحوم من حوله عاصفة ويجتازها من خدعة إلى خدعة، من خيانة أمانة إلى خيانة أمانة، من رشوة سياسية إلى رشوة شرف، من عنف ينشأ عن سياسته إلى عنف ينشأ عن غياب سياسة.

لا شيء يفعله أو يقوله يصمد أكثر من فقاعة صابون. وفيما تحوم الفقاعة في الهواء وتنفقع، تنطلق مباركة الفقاعة التالية. هذا هو خط الإنتاج على شريط متحرك من كارثة إلى أخرى. لكن ها الرجل ما زال متصدراً كل الاستطلاعات في ملاءمته لقيادة الدولة. العبث الأكبر في عالمنا الفوضوي هو أن كارهيه أيضاً يشعرون بنوع من الأمان بمجرد وجود الشيطان الحالي كجزء من عالمهم المعقد. هذا ليس تناقضاً أكبر مما نتخيل. فاستقرار كارهي روحنا رغم الخوف منهم يبدو نوعاً من الاستقرار. مشوه، لكنه واضح.

ظاهراً، تعد الانتخابات اليوم مصلحة للجناح الديمقراطي الليبرالي. أما عملياً، ستكون مصلحة ليكودية. المعارك الداخلية على فتات الحكم تختلط بمظاهر الفساد في كل مكان تطؤه قدم ليكودية. وهي كفيلة بأن تفجر فقاعة الدمل. والانتخابات التمهيدية الحزبية والعامة يفترض أن تكون مصلحة ليكودية ما لم تتفكك الرزمة الائتلافية.

سؤال آخر هو: هل سيعمل أثر الأداء البائس للحكومة والنتيجة البشعة لحروب إسرائيل الحالية، على تلك الهوامش الرقيقة التي ستشذ عن التصويت العاطفي فتحطم تعادل الكتلتين. ليس ضربة قاضية، بل معركة نقاط، تطلق فيها منظمة جريمة خرجت عن السيطرة في كل الاتجاهات، بما في ذلك داخل المجنزرة، في مواجهة حركة احتجاج وأحزاب معارضة لم تتبطل بعد على رافعة أرخميدية واحدة.

 التساؤل هو: هل نحن في فترة انتظار لتراكم كتلة حرجة تتحول إلى ثورة شوارع وتسقط الحكومة، أم لجسر واحد يؤدي إلى دكتاتورية دينية؟ دكتاتورية ترفع معارضة تتجاوز الأحزاب ورصاصة تفجر الصبر النافد للجمهور، بما في ذلك مظهر فوضى وتسريبات مناهضة للحكومة، تمنح الاحتجاج، بغياب الزعيم، شعاراً معارضاً موحداً.

اعتقدنا أنه سيكون قانون بيبي – سموت، للتملص الجماعي من الخدمة. مر الاحتجاج على القانون بصفته موضوع حياة وموت، على أمل أن ينتهي بتفكيك الحكومة. لم ينجح. وما يحصل لقانون التجنيد حصل ويحصل في كل موضوع استقطابي ومثير للحفيظة. تدور على السطح معارك وهمية بدماء زائفة مثلما في WWE الأمريكي. ظاهراً، تضم ساحة المصارعة الأمريكية أزعرين منفوخي العضلات، يضرب أحدهما الآخر ضربات قاتلة. عملياً، كل شيء مخطط له كـ “أوبرا” صابون مع حبكة، ترفيه تام للأمريكيين.

بخلاف عروض المصارعات الأمريكية، نجد في إسرائيل معارك حقيقية تستوجب حسماً حقيقياً. في جانب العرض الخارجي، الغاضبة والقاطعة لاحتجاج المعارضة ضد الحكومة، تجري -بالتوازي- حملة آلة الزمن الخالد. مساج يومي ومتابعة أسبوعية ومملة لفروع مسدودة. نوع من الإشفاء الجماعي الذي يشفي يقظة الجمهور، مثلما في موضوع المساواة في العبء.

يحصل هذا على خلفية وقف القتال. وكأنه لا فرق بين من يضحي بحياته ومن يضحون به. ولا يوجد في هذا القانون إمكانية حقيقية لحسم الانتخابات. في الحياة الحقيقية لإدارة دولة سوية، لا يحتاج الجيش الإسرائيلي الحريديم لضمان الأمن القومي، إلا إذا طلبت الحكومة أمناً قومياً بالحد الأقصى كي تبقي على بضع ساحات قتالية في صالح الإبقاء على الائتلاف وتخليص رأسها من المحاكمة.

أمام حالة مجنونة من هذا القبيل، يطالب الجيش الإسرائيلي بقانون تجنيد للجميع. سواء من ناحية الحاجة الحقيقية أم من الناحية السياسية الداخلية، لأجل إجبار الحكومة على أن تقرر. وحتى حيال الجيش، تنفذ الحكومة أشكالاً من الصياغات وغيرها من الالتواءات التي تمنع تحول قانون التجنيد إلى محفز موحد للجيش الإسرائيلي والاحتجاج لإسقاط الحكومة.

 هكذا أيضاً أحداث التنكيل بفلسطيني في “سديه تيمان” والتنكيل بأسلوب آلة السم بالنائبة العسكرية العامة. فمحاولة الحكومة واليمين “احتواء” التنكيل في إطار “الحرب على الوجود اليهودي” أحبطت عقب تسريب الشريط الذي استهدف صد حملة يمينية بجعل سجانين ساديين أبطالاً ومحاكمتهم.

وحتى يتم “الإثبات” للجمهور بالتحقيق في الأحداث حسب القانون وأن اتهام المنكلين يقوم على أساس حقائق، سربت النائبة العسكرية العامة شريطاً يثبت الفظاعة وجملة بينات تعزز الادعاء. هذا فعل نبع من مصلحة وطنية صرفة في مواجهة حملة التشهير التي تهدد إجراء المحاكمة، وفي ظل نوايا لإثارة الشغب في أثنائها. وأثار التسريب عاصفة مدعية الحق، هدفها جعل المسربة رافعة تلغي المحاكمة. مثل كل إمكانية كامنة للاحتجاج، فهذه أيضاً تبددت في أثناء المحاكمة.

هل يوجد خيار لتوحيد المعسكر الديمقراطي ضمن مطلب لجنة تحقيق رسمية بحرارة غليان؟ ظاهراً، “صوت دماء أخيك يصرخ من الأرض”، ما يعزز المطالبة بلجنة تحقيق رسمية بمسؤولية رئيس المحكمة. الاتجاه المتحقق هو حفلة شاي “إليسا في بلاد العجائب” بنجومية معتمر القبعة المجنون، الأرنبة المتحفزة والغافي المواظب.

 وربما القشة الكفيلة بتحطيم عدم مبالاة الاحتجاج هي ذاك العرض المفزع الذي تقدمه كل أنواع الشرور، والإهانة في الجناح التهكمي المسيحاني – القومجي في قضية النائبة العسكرية العامة.

لا سبيل للتعايش مع هذا البؤس طواعية. طلاق طوعي الآن.

إلى أن يحصل هذا، ستبقى هذه أياماً حرجة. إذا ما حلت الكنيست، لا يمكن لنتنياهو أن يتحكم بتركيبة اللجنة، وسيكون ممكناً الافتراض بأن تنفذ العصابة خطوة مثيرة للحفيظة. قبل أسبوع، تقدم النائب أريئيل كلنر بمشروع قانون لإقامة لجنة تحقيق بأسلوب المحكمة الميدانية. فهل هذه الخطوة تجعل الشوارع غاضبة؟ ليس مؤكداً.

 المؤكد أن الجبهة الحقيقية للحكومة هي الجبهة الداخلية، والمسيطر فيها هما بن غفير وسموتريتش. سياسة الخارجية والأمن التي كان نتنياهو يتحكم بها انتقلت إلى إدارة أمريكية، وهذان الاثنان يديران الحياة اليومية لدولة إسرائيل. لا فرق حقيقياً بينهما. لدى بن غفير، تعد هذه بهيمية أصيلة تؤدي إلى الوحشية، ويراها السموتريتشيون وحشية معللة تؤدي إلى البهيمية. لا شك أنه سيصعب علينا جميعاً، كل من ينجو من عصر الظلام أن يشرح لأنسالنا كيف سمحنا لبن غفير ونتنياهو وسموتريتش، ثلاثي العورة للسياسة الإسرائيلية – أن يستبدوا بنا وكأننا قطيع خراف.

وهذا هو الجزء المقلق في وضعنا بين حاويات القمامة والروح.

 

ران أدليست

معاريف 7/11/2025



مقالات أخرى للكاتب

  • "الفشل المطلق".. حين تتحدث إسرائيل عن "شرق أوسط جديد" يبدأ من الضفة الغربية
  • تسييس الجيش وفق "ثلاثي العربدة": أي ثمن ينتظر إسرائيل؟
  • هل سيكون للأحزاب العربية دور في تشكيل الواقع المدني داخل إسرائيل؟









  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي