
أميرة..وسنابل رياح الخريف تهرول فوق وجه مساء المدينة النائمة يسمع لها هسيس الجوع والفاقة..نادتني منتشلة إياي من همومي، ومن ضجيج زبائن المقهى وعالمهم الخانق المتشبع بالدخان والضحك الذي يشبه البكاء، واشعلت ذبالة العين الذكرى، بالطفولة ولهاث "حبس أمان"(1) داخل أزقتنا الفقيرة وكركرة الأطفال القديمة..- ي
عز الدين الماعزي* توقفت طويلا بالقرب من النافذة الصغيرة التي تشبه كوة في سطح المنزل، بغرفة أكتريها منذ أعوام من عسكري متقاعد، باب الدرج مقفل والباب الحديدي للمرحاض الموارب تؤرجحه ريح الخريف.. أحسّ كما يحكي أنه للوهلة الأولى وحيدًا متفردًا، بعيدا عن الآخرين - غاضبا يبدو - رغم الموسيقى التي تنبعث م
بثينة الناصري* كنت هنا من قبل هذا الدرب أعرفه.. بعد العطفة الأولى، نخلة مائلة حتى ليخيّل للرائي أنها تتهاوى. سيلوح منزل أبيض مصبوغة شبابيكه بالأحمر. هاهو المنزل.. سوف أخطو إلى عتبته وأدق الباب، ولما لن يردّ أحد، سأدور حول السياج وفي الحديقة، سأرى أرجوحة حمراء اللون أيضًا. هل رأيت كل ذلك منذ زمن
شهلا العجيلي* سمحوا لنا اليوم بالتجوّل بعيداً عن «الكامب» الذين احتجزنا فيه منذ وصولنا. هو في الحقيقة لم يكن مخيّماً بالمعنى المتعارف عليه. كان عمارة عالية فيها شقق كثيرة، بطوابق عشرين، كما قرأت على لوحة المصعد. الشقّة منها عبارة عن غرفة ضيّقة ليست أكثر من خمسة أمتار في ثلاثة أم
فهد العتيق* كنت أتمشى في شوارع شمال الرياض وحيدًا، كانت السيارة تسير بهدوء وكأنها تقودني وتختار لي شوارع ومقاهي الذكريات الجميلة. وكانت نجاة الصغيرة تغني من الإذاعة عيون القلب سهرانة، حتى وصلني اتصال يقول لي: إنه أصيب بجلطة عابرة وخفيفة، وإنه الآن في المستشفى. غيرت الطريق وأنا في حال من القلق وال
-أيها الأرضي!!نفس النغمة التي لا صوت لها تخاطبني دون أن أسمع لها صدى وكأنني في حلم، كل ما حولي أملس بارد يميل إلى اللون الرصاصي، حيث أجدني وسط صالة هائلة مثلثة الأبعاد أقف فاغر الفم كالأبله، يجتاحني خدر عارم لا طعم له ولا نكهة وكأنني معلق في الفراغ،"ما الذي حدث ومن أتى بي إلى هذا المكان الغريب!", كن
هدى حمد* في كل واحد منا بيت، لا يمكن تجاوزه بيسر، حيث نبتت الألفة لأول مرّة، وتشكلت الصور وفتنة الخيالات. ننغلقُ على هذا البيت الذي يسكن مخيلتنا لنحميه بداخلنا، ونستعيده بصورة مفرطة في انتكاساتنا اللانهائية، ربما ليس كما عشنا فيه واقعيًّا، ولكن بقدر ما نرغب أن يكون بيتًا مثاليًّا وآسرًا، فالعالم
إبراهيم أحمد* بيت كبير مهجور، بني بطابوق بغدادي مزخرف برسوم زهور وطيور، ما زال يحتفظ بلمعانه الذهبي رغم تقادم الأعوام، لكن حديقته يابسة مصوحة ملأتها أشواك وأدغال، وربما سكنتها أفاع وعقارب وهوام! كلما مررت به، أحس بقلبي يجرح بسياجه الشائك، ويتوقف وكأنه علق بسنارة، وبعد قليل سيجره صياد ماهر! أتسا
نجوى مصلية* انتحار اتجه إلى منزله يرغي ويزبد، وكأنه شيطان في ثوب إنسان. كان غاضبًا جدًا من ابنه الذي وصله خبر رسوبه في الامتحان النهائي. سنة كاملة وهو يشقى ويعمل بلا ملل ولا كلل من أجل أن لا يحتاج هذا الولد العاق لأي شيء، فقط كان عليه أن يجتهد لينجح. أين ذهبت نقود الساعات الإضافية التي ك
تاريــــــــــــــخ علبة حلوى صغيرة أخذها خلسة دون أن يدرك أن ثمة عين تراقبه، ستة أشهر كاملة قضاها في السجن، صور عديدة التقطت له في أوضاع مختلفة، طبع أصابعه على عشرات الأوراق، وعندما خرج من السجن كان قد فُصل من مدرسته الثانوية وهو في الصف الأخير قبل التخرج، فرض عليه أن يعود كل أسبوع إلى قسم
تمارا محمد* (نافذة.. ستارة… باب) أمام الساعة المعلّقة على الحائط المجاور لباب المنزل، وقفت لتدرك من خلال عقاربها بأن الليل قد أتى، توجهت نحو النافذة ممسكة بيدها جزءا من تلك الستائر التي تكاد من شدّة لونها أن لا ترى منها شيئاً في الخارج، حينها بدأت باستشعار الزمن الذي ابتعد
حسام عبد الباسط * حين مات قالوا: جُنَّتْ.. لم تصرخ، ولم تبك.. بل مالت على الرأس الذي هشّمته الهراوات، والجسد الذي ثقبته الرصاصات، وجهه المغمور بدماءٍ طازجة، ملامحه المطموسة.. غمغمت للحظاتٍ وكأنها توشوشه، ثم اعتدلت بملامح لم نرها من قبل.. لملمت أطراف ثوبها المترب.. ومضَ في عينيها بريقٌ له ألف لون
محمد القعود *إلى / وجدي الأهدل.. شاهدا وساخرا!! - - - - - - - - -***- آلو .. وجدي!!- نعم من أنت..؟!- أنا مهيوب. - مهيوب من؟!- مهيوب صعلوك الحارة في قصة (حارتي)، التي كتبها القاص مسعود سعيد .. صديقك مسعود..!!- آه لقد قرأتها .. كان دورك فيها حقيرا، بصورة تثير الاشمئزاز ..!!- صدقت.ارتفع صوت مهيوب ناشج
بوريس بريتُو غارسيا ـ ترجمة محمد محمد الخطابي على امتداد عشرة أيام وهم يحاولون التأثيرفييه ليعترف، لمن دفع المنشورات التحرشية؟ على سطح ذاكرته يطفو فقط اسم خوليان، أو ربما لم يكن خوليان بل ميغيل، ومهما يكن فقد كان اسماً مستعاراً، وبعدئذٍ هل كان طويلَ القامة؟ أم قصيرَها، هــــل تراه في هذه الصور؟ ليس
محمد سعيد* لم تنم الأم ليلتها تلك، ولا الليلة التي بعدها، ولا التي تلت ولا أي ليلة أخرى. سكنها أرق مقيم إلى أن مات ابنها. عندها تنهدت بعمق ونامت. قضت ليلتها الأولى مستلقية على ظهرها بجانب زوجها النائم، تردد بعض الأدعية التي تحفظ وسور القرآن القصيرات التي حفّظها لها جواد بصبر وأناة لأجل أداء الصل
عبدالناصر مجلي* النجمة الكبيرة التي تتوسط صدره بسلسلتها الضخمة المعلقة على رقبته السوداء النحيلة، جعلته يبدو كما لو كان مشعوذاً مع قصّةْ شعره القادمة من الخلف إلى الأمام- أنظر من يركب هذه الموستنج؟!- زنجي ابن عاهرة!!- أعرفه جيداً فقد كان مساح أحذية يقف أمام الحانات!"اقذفها عا
مريم سليماني* سأقول الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، وأول الحقائق هي أنه لا يمكننا الاعتماد على الذاكرة لتذكر الحقيقة. ما أسهل أن تخدعنا الذاكرة وما أسهل أن تملأ تجاويف دماغنا بالأوهام التي نحسبها، إذ نسجلها، أنها محض حقيقة. بعد الفقرة أعلاه هل يمكن أن تصدقوا أنني بالفعل سأقول الح
بسام شمس الدين* تؤلمني أصابعي بمجرد أن أصافح العم حسن بسبب صلابته وقوته، وهو شيخ مسن في التسعين من العمر، مازال حاد البصر والذهن، يملك تقاطيع وجه حجري، يخال لي أنه اقتطع من جبل، طوله الذي يصل إلى مترين أصبح منحنياً، وصار يتوكأ على عصا من الخيزران، لكن قوة جسده ظلَّت مضرب مثل يتحدث عنها الأهالي.