
تمكن العلماء من رصد أقوى توهج كوني على الإطلاق، انبعث من ثقب أسود هائل يبعد عن كوكبنا 11 مليار سنة ضوئية، بحسب إندبندنت.
وهذا التوهج كان أكثر سطوعا من شمسنا بعشرة تريليونات مرة، وهو أقوى بـ30 مرة من أي توهج سابق لثقب أسود.
ويعتقد العلماء أن هذا التوهج الهائل نتج عن حدث نادر يتمثل في ابتلاع الثقب الأسود لنجم ضخم. فالثقب الأسود، الذي تبلغ كتلته 300 مليون مرة كتلة شمسنا، قام بتمزيق "أحشاء" النجم عندما اقترب منه بشكل كبير.
واكتشف التوهج باستخدام منشأة زويكي العابرة (ZTF)، حيث انبثق من الثقب الأسود فائق الضخامة الموجود في قلب نواة مجرية نشطة تعرف باسم J2245+3743، والتي تقع في مركز مجرة تبعد 10 مليارات سنة ضوئية عن الأرض. والنوى المجرية النشطة هي المناطق المركزية للمجرات التي تهيمن عليها الثقوب السوداء فائقة الضخامة التي تتغذى على المادة المحيطة بها أو تعمل على "تراكمها".
ويتغذى الثقب الأسود في J2245+3743 على الغاز والغبار المحيطين به، ومما يدور حوله على شكل سحابة مفلطحة تسمى "القرص المزود". لكن هذا التوهج ناتج في الواقع عن سبب آخر: اقتراب نجم هائل كتلته تعادل 30 مرة كتلة الشمس بشكل خطير من الثقب الأسود الذي تبلغ كتلته 500 مليون مرة كتلة الشمس. ويؤدي التجاذب الهائل للثقب الأسود إلى تمزيق النجم، حيث يتغذى العملاق الكوني على بقايا النجم.
ووفقا للعلماء، فقد ازداد سطوع التوهج بمقدار 40 مرة خلال عمليات الرصد، على ما يبدو مع سقوط المزيد من المواد من النجم في الثقب الأسود، وبلغ ذروته في يونيو 2018. وكان لمعانه 30 مرة أكثر من أي توهج لثقب أسود تم رصده سابقا.
وما يزال التوهج مستمرا لكن لمعانه يخف شيئا فشيئا، ومن المتوقع أن تستغرق العملية بأكملها نحو 11 عاما حتى تكتمل.
ويشرح العلماء ما حدث بالتفصيل. فعندما اقترب النجم كثيرا من الثقب الأسود، تعرض لما يسمى "تأثير المعكرونة" - حيث تم تمديده وإطالته بفعل الجاذبية الهائلة للثقب الأسود. ثم بدأت بقايا النجم في الدوران حول الثقب الأسود قبل أن "يبتلعه" تماما.
وكان النجم المبتلع نجما عملاقا نادرا، تتراوح كتلته بين 30 و200 مرة كتلة شمسنا. ويعتقد العلماء أن هذا النجم كان يدور في منطقة قريبة من الثقب الأسود، ثم اصطدم بجسم آخر دفعه إلى المسار الخطأ الذي أوصله إلى "حتفه" في براثن الثقب الأسود.
وما يجعل هذا الاكتشاف أكثر إثارة هو أن التوهج ما يزال مستمرا، رغم أنه في طور التلاشي.
ويذكرنا هذا الاكتشاف بقوة الكون الهائلة، وأننا نعيش في فضاء مليء بالعجائب والأسرار التي تنتظر من يكتشفها. ورغم أن هذا الحدث وقع في مكان بعيد جدا وفي وقت سابق من تاريخ الكون، إلا أن دراسته تساعدنا على فهم أفضل لطبيعة الثقوب السوداء والكون الذي لدينا "إقامة دائمة" فيه.
نشرت الدراسة في مجلة Nature Astronomy.