من تجليات جاري

محمود الرحبي محمود الرحبي* في صباح يوم جمعة يصعب نسيانه، رأيته في ساحل "السيب" يرفع سمكة كبيرة من ذيلها. كان متوترا وهو يبحث عن سيارة أجرة؛ جبينه المعروق مقطب ورقبته لا تتوقف عن الدوران. اقترحت عليه أن أوصله، فرجاني أن أسرع كي لا تُفسد الحرارة سمكته. طلب مني كذلك إشعال إشارات الخطر. وحين وصلنا، و


لقاء في كوبنهاغن

 ذكرى لعيبي* كنت صغيرة، لا تتجاوز أحلامي فضاء طفولتي، وعندما كبرت، ضاقت بي سماء وطني، حالي مثل حال آلاف العراقيين الذين تضيق بهم فسحة العيش الكريم، ليس بسبب جفاف ضرع دجلة والفرات، وليس بسبب يباب حقول البصرة وبساتينها، وليس بسبب نفاد حقول نفط الرميلة ومجنون، لا.. السبب أكبر وأقوى من أن نعي، و


لا أرجوحة في هذه القصة

 صادق الطريحي* ■ يبدو إنني ما زلتُ قاصا مغمورًا في المملكة السوداء، على الرغم من نشري لبضع قصص في صحف المملكة ومجلاتها، لذلك فرحت كثيرًا عندما وجدت على ضفة شط المملكة ثلاث نسوة بأعمار مختلفة، يسألن عن بيت محمد خضير، حدستُ أنني أعرف هذه النسوة، ولكن لا أدري كيف، أو أين فقدمت نفسي لهن بوصفي قا


سعر مفتوح

طالب الرفاعي* عادةً لا يجيء أحدٌ للإرشيف بعد الثانية عشرة والنصف. خلصْ، قلتُ لنفسي، وخرجتُ من خلف مكتبي المغطى بالملفات. تمغّطتُ رافعاً يديَّ إلى الأعلى، قبل أخذ مكاني بخفسة مقعدي على الكنبة الطويلة بجلدها العتيق. سأعودُ لإكمال قراءة رواية «السيد الرئيس» للكاتب أستورياس. بهدوء دخل مرا


أمي تشحت بي - سيرة

علوان مهدي الجيلاني * قررت أمي أن تتدروش بي ، لازمنى الورد(الملاريا) وقتاً طويلا ، كان عمري أربع سنوات أو أقل ، بالكاد يعاني أبي وأمي كثيراً حتى أشرب ماء علبة الأناناس ، لم يكن بقي مني شيء ، مجر جلد على عظام ، قالوا إن سن قلبي قد سقط ، وجاءوا بجدي موسى(خال أمي) كي يعيد سن قلبي إلى مكانه ، كانت جدتي


ساعة فريدريك إنجلز

حسام ميرو لم يكن فريدريك إنجلز راضياً عن قصتي التي نشرتها عن البيان الشيوعي، وفي اتصاله بي اعتبر أنني تجنّيت عليه، فقد أشرت في القصة إلى غياب الروح الخاصّة عن البيان، وتحديداً روح إنجلز. تهمته لي أنني أحاول إحراز الشهرة، وهو ما يعني أنني برجوازي طفيلي، لا عمل حقيقياً له، يحاول التكسّب من تعب الآ


حقل حنطة‎

محمد الحمد* يمعن النظر في صورة الأشعة مطولا ويقول لي: تتركز الحويصلات الغريبة بين الأم الجافية والسائل الدماغي ما يسبب نوبات ألم وحكة في الدماغ، ويردف: أنظر هذه الحويصلات السبع متجاورة بتناسق مخيف. دماغي يحكني، فاقد التوازن لا يعطيه، بالكاد أطالع الصورة بما أوتيت من قلق وهلوسة أقول: يا إلهي تبدو


من طائر لا يغرد

بسام شمس الدين* يظن معظم كبار السن في قريتنا بأن الفتاة الصغيرة مثل العجينة اللينة، التي يمكن تشكيلها بواسطة قوالب حلوى، أما إذا كبرت وتصلب عودها فليس من اليسير إصلاح اعوجاجه. وما زال الزواج من الصغيرات إحدى العادات الشائعة في بلادنا، لا سيما في الأرياف، حيث طغت عادة انتقاء الفتيات اللواتي لم يبل


أنا وفرويد في رحم الغابة

حسام ميرو تخيّلوا أيها السيدات والسادة أن يكون أحدكم أو إحداكن مسؤولاً عن معالجة الدكتور سيغموند فرويد من مرض السرطان، وهو يطالب طوال الوقت بعدم الإفصاح عن مرضه، وترك الأمر سرّاً عن أقرب المقربين، حتى لو كان ذلك الشخص هو مارتا برزنيز، زوجته العزيزة التي أنجبت له ثلاث بنات وثلاثة أبناء. جاء إلى ع


سُنّة الحياة

محمود الريماوي عاد الشخص البدين من التواليت بعد غياب خمس دقائق، فعلّق شريكه في الجلسة: ماذا فعلت.. هل نِمتَ هناك؟ قالها متضاحكاً، ودعاه للمسارعة بالجلوس، فجلس هذا وهو يغمغم متبسّما، ومعجباً بروح الدعابة لدى صديقه الأثير، وشاعراً بالتقصير حياله، رغم أنه أمضى جُلّ الوقت هناك في انتظار دورٍ له. على


قلم الرصاص

باولو كويلو ترجمة عبده حقي كان الولد الصغير جالسا يراقب جده وهو يكتب رسالة. فجأة سأله :جدي، هل تكتب حكاية حدثت لنا؟ وهل تتحدث هذه الحكاية عني؟ توقف الجد عن الكتابة وابتسم لحفيده وقال: أجل إنها قصة تحكي عنك، هذا صحيح. لكن القلم الذي أستخدمه أكثر أهمية من الكلمات التي أكتبها. أتمنى أن تشبه هذا الق


تافروات أو موسم الهجرة الى الجنوب

محمد دخاي* خيط ضوئي يسرد دمعاته وهو يشع على وجهي من جبل قريب وأنا أصل المدينة ذاك الصباح الباكر، وجوه نبتت منذ زمان تنسج خطواتها على التربة، تقرأ أثر الزمن وكأنها تنتظرني، فهي تسع كل الوجود بنخبوية متفردة يشبه سكانها متصوفة انعزلوا في دير، بعد أن رهنوا أنفسهم للمحبة وأحلام الناس… تسافر في


سقوط اللاعودة

رامي فارس أخذ يتقلب على فراشه لا يستطيع النوم، حاول أن يغلق عينيه. دوامة الأفكار والعذابات تسيطر عليه منذ عودته إلى بيته القابع في أحد أحياء المدينة الفقيرة. قام من الفراش، ووقف إلى جوار النافذة القريبة المطلة على الطريق، وراح يحدث نفسه: ماذا سيحصل لو أبلغت الشرطة، وأرحتُ ضميري؟ ولكن لا، بالتأكي


"بكاء الرجال"

بسام شمس الدين* وضعت يدي على خزان الوقود، وندت عني صرخة مفاجئة، تأملت أصابعي التي احمرت بفعل الحرارة، وأيقنت أن المضخة أصيبت بضرر بالغ، وفعلاً توقفت عن العمل ثلاثة أيام، لم تصب بعطل فني أو تقني كما أوضح مهندس الصيانة، بل بفعل فاعل، حيث سُدّ أنبوب التهوية بأحجار كثيرة بحجم الكف. كان يمكن لهذا أن


قصتان قصيرتان

 د ميسون حنا*  هاجس إتاء فارغ ملقى على الطريق، نظر إليه الرجل ، وفكر: ربما آخذه إلى بيتي وأجمع فيه ثروتي . ثم تذكر أنه لا يملك من الدنيا غير شجرة زيتون. قال: أخلل فيه زيتوني إذن . تناول الإناء ومضى ، ولما وصل إلى مقره لم يجد الشجرة مكانها، تلفت حائرا كيف اختفت ؟! أغمض عينيه ، رآها في م


السفرجلة اليابانية

 جون جالزورثي* ترجمة: خلف سرحان القرشي عندما فتح السيد نيلون – وهو أحد رجال الأعمال المشهورين – نافذة غرفة ملابسه المطِّلة على ساحة (كامبدن هيل)، شعر بإحساسٍ جارحٍ في حنجرته؛ لم يعهده من قبل، كما أحسَّ بخواءٍ تحت أحد أضلاعه. وعندما همَّ بإغلاق النافذة، استوقفت نظره شجيرةً صغيرةً


المعزول

 محمد محمد المعلمي* ظل حدث تعيينه وزيرا حديث المجالس إلى حين عزله؛ هو الذي كان أقصى طموحه أن يبلغ درجة ضابط كبير. ومنذ تنصيبه في حفل رسمي هيمنت عليه أوهام غيرت مجرى حياته رأسا على عقب، فخيل إليه أنه خالد في منصبه، وأن ريح التغيير التي عصفت بمن كانوا أولي قوة وأولي بأس شديد، لن تزحزحه عن كرسي


على حافة القبر

عبده حقي* بدا له لحظتها أن كل الأشياء من حوله تنتظر شيئا ما.. أشجار الصفصاف.. ربوة المقبرة المكسوة بالأزهار وأعشاب البقوليات.. أعمدة الهاتف الخشبية المنتصبة في أمرها العسكري.. أسراب العصافير الغافية على أسلاك الكهرباء.. الكلب الأسود القابع على عتبة الطاحونة.. قطيع الخرفان الذي يتلهى طول النهار با








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي