الوباء والربيع

شادية الاتاسي* غزاني الربيع في عقر قلبي، نيساني المذاق، متألق المزاج. داهمني وأنا أتنقل بلهفة من محطة لأخرى، أرقب بدهشة مذيعي القنوات الفضائية، وهم يتحدثون بحماس عن التسارع المفجع لعدوى الوباء القاتل، ويحصون بحيادية ارتفاع معدل ترمومتر الموت على أرصفة المعمورة، فأتوقف لبرهة، أصيخ السمع بقلق، لذاك


رباط

 عبدالرحيم التدلاوي* كل شيء كان معدا بعناية فائقة.. حضر الجميع؛ وكان الانتظار مادا رجليه بمتعة فاحشة، إلا الموت، أصر على التأخر لرفع أدرينالين التشويق.  تقاطع في الوقت الذي اصطدمت سيارتي بعمود الإنارة، فتحطم قفصي الصدري؛ وانكسر عنقي؛ وسال الدم من عيني؛ رأيتها كطيف من نور رافعة أكف ال


وزيـر!

 صلاح بوزيان* انقطع التيار الكهربائي فجأة، الشارعُ مظلمٌ وموحش، الزبائن انفضوا وتركوا المقهى واحتموا بالظلام وهربوا، ولم يدفعوا ثمن القهوة والشاي، الأماكن بسرعة تحولت إلى خراب، زبون يضع كرسيا على مقود دراجته ويهرب، زبون يقتلعُ فانوسا، وزبون على حافة الهلاك منذ سنين، توثب وحملَ طاولة على كتفه


عشــتـار

دارين زكريا* اللون الأحمر يسيل على الأرض كأنه يريد إفشاء سر ما لها، لكن اللون الأزرق يقطع مساره… يسكت له فاهه فالأسرار الحقـيقـية مـرة. اللوحة على (الستاند) المخصص لها تقْلق رسامها، يقف أمامها والحيرة تلحس أصابعه، لا يدري تماماً سبب هذا القلق الذي يغرس أصابعه في رأسه كلما اقترب ليرسم هذا


وحي موسيقى وظل حلم

نجم الدراجي المدينة معمدة بالصمت، وغارقة في النوم، وذاهبة إلى العدم إلا من هذيان الأشباح المعدنية.. لم يخطر له التعارف مع عالم أشباح جامدة إلا من خلال تلك الهياكل المعدنية، لكل شبح ظل رمادي يعتم الزوايا كخيمة مهترئة لا تقي حرا ولا بردا.. لا دهشة لحالة اليد المستلة من كيانه، التي قدر لها أن تخيم ف


رواية ذات منفعة عمومية

 رضا نازه* دبَّ قلمه على صفحات الدفتر جيئة وذهابا كإبرة مرصاد تسجل هزاتٍ لا تُدرى بؤرتها. أخيرا طاوعته الكلمات. كانت تسمع له على الطاولة نقرات متكررة مكتومةً بحائل الورق. استرسل يسوّد الصفحات الأولى بدون توقف. المَطالع حاسمة جامعة مانعة ، تشدّ قارئ الرواية أو تصرفه. دبت من خلفه حركة خفيفة أح


المشهد الأخير

 انعام قرشي* عندما تحسست الممثلة أودري هيبورن بإصبع قدمها حرارة الماء في حوض الحمام، كانت سلوى تحمل صينية القهوة لأمها في البلكونة الصغيرة، استوقفها المشهد ووقفت تتابع بقية الفيلم القديم، انتقلت الكاميرا إلى زاوية بعيدة لستارة الحمام المنسدلة والمعبأة ببخار الماء، بينما يعلو صوتها بأغنية رقي


ناتالي…

شادية الاتاسي* قالت لي صديقتي الإسبانية ناتالي، إنها سترحل في الغد، وتعود إلى بلدها. تجمعني مع ناتالي حكاية قديمة، حكاية الفردوس المفقود، حكاية تشاركناها في زمن غابر، التاريخ والانتماء، والمدن والقصور والعطور، القصائد وموسيقى الموج، وحكايات الحب المستحيل، دفء الشمس، وكثير من الأجداد والجدات. نا


فضائلُ العُزلةِ

 هدى عيد* «لستُ في حاجةٍ إلى تقديم القلق لكم، فكل منا قد ابتُلي بهذا الشعور، والحق أقولُ لكم إنه حالة وجدانيةٌ نشعرُ بها في أنفسنا، وتعاودُنا مرة تلو الأخرى». قد تكونُ عبارةُ عالمِ النفس الشهير سيغموند فرويد، التي أدلى بها في القرن السابق، خيرَ توصيف لحال معظم أبناء القرن الحالي؛


قصص قصيرة جداً

 هارون الصبيحي*   1- نضوج بعد أن تجاوزت الأربعين تغيرت نظرتها للحياة في الشتاء ترى الأشجار شموعاً فوق كعكة الأرض يشعلها البرق تنفخ الآهات من فمها وتطفئها يدها على مقبض السيف وفوقها يد الحبيب يقطعان الكعكة ويقترب كل جياع العالم..   2- كرة قدم مدرجات الملعب مكتظة بالجمهور


الكتابة تفادياً لسأم التكرار

قاسم حداد 1 هل سيعرف الكاتبُ كيف يكتب؟ من تجربتي، سوف أشكّ في هذا. فالحق أن فعل الكتابة، بالنسبة لي على الأقل، يأتي على غير مثال في كل مرة. وكلما جاءت الكتابة اكتشفتُ لها طريقة جديدة، طريقة ليست مختلفة فحسب، بل ربما تكون نقيض المرة السابقة لها. وفي هذا شكلٌ من أشكال ابتكار الأسلوب. وعند الكاتب،


في البيتِ النّحويّ

 صادق الطريحي* كتبتُ هذه القصّة في صباح موصليّ حزين، في يونيو/حزيران، في بيتٍ شريف النّسب، متين البناء، صوّتَ صاحبه مع بنيه الثلاثة عام 1925 أن يبقَوا مع دولة العراق المدنية، ويمكن للقارئ الآن أنْ يلاحظ البيت بخصائصه الإنشائية المحليّة، في زقاق عريض، نظيف، مازال يفضي إلى الجانب الأيمن من دجل


المهمة الصعبة

جميلة زنير* إنها امرأة مغايرة، لا كبقية النساء. أثوابها فاخرة، منتقاة بعناية وقد تعددت ألوانها واختلفت تصاميمها، وشعرها مصفف بذوق رفيع على الدوام، وهي تنشر المرح حواليها سعيدة بزوجها المحب وأطفالها الأصحاء الناجحين في حياتهم. حتى إذا اصطدم سمعها بخبر الموت انقلبت معالم الهدوء في وجهها الجميل إلى


أخرج من هذا الجسد

صالحة العراجي* أشتاق إلى الليل وما يحمله إلىّ من أسرار ورؤى غامضة، تتنازع فيها كومة من الأحاسيس المتناقضة متداخلة الصور لأشخاص أعرفهم وآخرين غرباء، بعضهم ينتمي إلى ماض سحيق وضاح الملامح رغم الأيام المتداولة والزمن المهرول، بكل أحداثه الشبيهة بشلال عظيم متدفق يصب في منبع واحد في قلب صغير أعيته نبض


رحلة إنسانية

نجاة زعيتر* خصتني بعنايتها هذا الصباح، أعدت لي قهوتي الثقيلة، أخرجت لي بذلة الأحد، مسحت حذائي الرياضي، ركزت جيدا على بقعة كنت قد تجاهلتها منذ مدة ولم أجتهد في إزالتها. قالت لي عندما أدرجت ملاحظتي وهي تغادر إلى المسبح: لا يهم فنحن لا نقيم بأحذيتنا. لم تلاحظ قلقي وإصراري على الإعتناء بالصغير ليل


اختطاف حُلم

 عبدالله جنوف* كان يسير ببطء على أرض ليّنة، ويفحص بعينيه آثارا كرهها، لا شكّ في أنّها الكلاب، أم هي الثعالب؟ أم تكون الذئاب؟ توجّس منها، أعاد فحصها.. لا.. لا.. هذه آثار كلب، ووقف يهامس نفسه: لقد طال الانتظار.. سأراها اليومَ أو غدا، لكنّني أمسِ قلّبتها واحدة واحدة، ليتني لم أفعل، ولكنْ تُرى


آلام سبينوزا!

حسام ميرو في ساحة أمستردام، عمال بناء مشغولون بترميم الرصيف أمام الكنيسة، بينما الكاهن يقف تحت مظلته ويتابع عملهم. مررت بقربهم ورميت السلام، فردّ العمال. لكن الكاهن تجاهلني. يعتبرونني يهودياً، وهذا صحيح، فقد ولدت لأب وأم يهوديين، وباكراً سرقتني الفلسفة إلى أفق مفتوح من الشك، في مدينة لا تغادرها


قصص قصير جدا

مزهر جبر الساعدي* 1 حين ركض الزمن إلى الوراء أكثر من ألف عام خرج النهابون واللصوص فيه، من مخائبهم خرجوا في النهار والليل اللذين صار البرد فيهما يعصر الجسد وقسوة الجوع فيهما تنخر العظام  2  حين اشتد جوع الجائع وازداد نهب النهاب أصبحا كائنين متضادين  3 عندما اشتدت في نواح








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي