موعد أبيض

  اسمهان الزعيم* أراد أن يلفت انتباهها فلوّح لها بكلتا يديه. من أعلى شرفتها فسّرت رمز إشارته على طريقتها، فقالت في دخيلتها: «قالت يداه: ليس لديّ ما أقوله لك» ثم أردفت بعد أن كزّت من الغيظ على شفتيها: طيب.. سأرد لك الصاع. وظلت لبعض الوقت تحْبِك خطة ماكرة في مخيلتها، فاهتدت بهدي من


نهار مجنون

شادية الاتاسي مثل كل صباح استيقظت مبكرة، بدأ النهار وضعت ركوة القهوة على النار، أعدت فنجانين تعلم مسبقا، أنها لن تشرب أحدهما، توقفت عن هذه العادة منذ زمن. أعطت لزوجها المسترخي على الأريكة، يسمع أخبار الصباح، الفنجان الآخر. غمغم وهو يتناول قهوته وينظر إليها، نظرته الغائمة التي لا يراها بها.. &la


فقط أراد أن يرى وجهه!

إبراهيم أحمد عندما يسير تبدو قامته المتوسطة النحيفة أشبه بظل لجسم آخر لا تدري أين هو، وجهه بسيط الملامح مغمور بعتمة لاصقة به حتى حين يكون الجو بصحو نادر، وشمس دافئة بعض الشيء. يمشي ببطء كأنه يعاني من عرج خفيف. تجاوز الأربعين لكنه يبدو أقل عمراً حتى إنه يضحك مع أصدقائه حين يقولون له: «المصا


يوم حالتْ ألوان الفراشة

رانيا مأمون* كان نهارٌ أصفر، الشمسُ فيه تبرز سطوتها كما لو أنها تتحدي سطوةً أعلى. كنتُ فراشة ملونة، هشَّة وسهلة السَّحق، ولكني سعيدة وخفيفة من الهموم. جئتُ إلى سطح الأرض قبل اثنتي عشرة سنة، لا تاريخ أأسى عليه ولا قلق على غدٍ لم يأتِ بعد. كنت أرتدي إسكيرت أزرق وبلوزة بلون وردي فاتح، وشبشب بلاستيكي


مساء برليني

عمرو حمزاوي*   لم ينتبه بداية إلى تحيتها. كان يجلس في الشرفة، مجترا بعض ذكرياته في هذه المدينة الجميلة ومسترجعا أحداث الأيام الأخيرة. ابتسم لها حين كررت التحية، وعرفته بنفسها قائلة:– اسمي كاترين. أسكن في الشقة المقابلة لشقتك. لم أرك هنا من قبل.أخبرها باسمه وبأنه مستأجر جديد، ولم يمض على


حكايــــــــــة الحــــــــــرب - عبدالناصر مجلي *

فجأة قامت الحرب من مكانها وأصبحت الورشة ساحة ملائمة للعراك، أخذ عبدالله يكيل الضربات إلى زميله الأسود حتى أوشك أن يقتله, مستعيناً بلوحٍ خشبي مليئ بالمسامير الصدئة، ولأن الضرب قد يؤدي إلى قتل الرجل الضخم الجثة، فقد تدخل صراخ النسوة القريبات من موقع الحادث ليجعل بقية العمال في المواقع الأخرى يدركون أن


حين يصبح الإسكافي حطابًا

محمد العتروس * معتمرا قبعة سوداء، وسترة ضيقة، وسروال جينـز، وحذاء رياضيا ذا علامة عالمية شهيرة، ومتأبطا عددا من كتبه، اخترق الرجل الستيني بخفة شاب في العشرين خان الخليلي، مارا من أمام مسجد "الإمام الحسين"، ليدخل زقاقا ضيقا تحفه محلات مكتظة بالناس والسياح، ويقف بقرب بناية قديمة تنتشر على جانبيها م


أميـرة - عبدالناصر مجلي*

أميرة..وسنابل رياح الخريف تهرول فوق وجه مساء المدينة النائمة يسمع لها هسيس الجوع والفاقة..نادتني منتشلة إياي من همومي، ومن ضجيج زبائن المقهى وعالمهم الخانق المتشبع بالدخان والضحك الذي يشبه البكاء، واشعلت ذبالة العين الذكرى، بالطفولة ولهاث "حبس أمان"(1) داخل أزقتنا الفقيرة وكركرة الأطفال القديمة..- ي


الطيف

عز الدين الماعزي* توقفت طويلا بالقرب من النافذة الصغيرة التي تشبه كوة في سطح المنزل، بغرفة أكتريها منذ أعوام من عسكري متقاعد، باب الدرج مقفل والباب الحديدي للمرحاض الموارب تؤرجحه ريح الخريف.. أحسّ كما يحكي أنه للوهلة الأولى وحيدًا متفردًا، بعيدا عن الآخرين - غاضبا يبدو - رغم الموسيقى التي تنبعث م


كنت هنا من قبل

بثينة الناصري* كنت هنا من قبل هذا الدرب أعرفه.. بعد العطفة الأولى، نخلة مائلة حتى ليخيّل للرائي أنها تتهاوى. سيلوح منزل أبيض مصبوغة شبابيكه بالأحمر. هاهو المنزل.. سوف أخطو إلى عتبته وأدق الباب، ولما لن يردّ أحد، سأدور حول السياج وفي الحديقة، سأرى أرجوحة حمراء اللون أيضًا. هل رأيت كل ذلك منذ زمن


من حكايات المدينة المفقودة

 شهلا العجيلي* سمحوا لنا اليوم بالتجوّل بعيداً عن «الكامب» الذين احتجزنا فيه منذ وصولنا. هو في الحقيقة لم يكن مخيّماً بالمعنى المتعارف عليه. كان عمارة عالية فيها شقق كثيرة، بطوابق عشرين، كما قرأت على لوحة المصعد. الشقّة منها عبارة عن غرفة ضيّقة ليست أكثر من خمسة أمتار في ثلاثة أم


جلطات خفيفة وعابرة تتمشى فوق رؤوسنا

فهد العتيق* كنت أتمشى في شوارع شمال الرياض وحيدًا، كانت السيارة تسير بهدوء وكأنها تقودني وتختار لي شوارع ومقاهي الذكريات الجميلة. وكانت نجاة الصغيرة تغني من الإذاعة عيون القلب سهرانة، حتى وصلني اتصال يقول لي: إنه أصيب بجلطة عابرة وخفيفة، وإنه الآن في المستشفى. غيرت الطريق وأنا في حال من القلق وال


رحلة إلى كوكب ساﭭوراس - عبدالناصر مجلي

-أيها الأرضي!!نفس النغمة التي لا صوت لها تخاطبني دون أن أسمع لها صدى وكأنني في حلم، كل ما حولي أملس بارد يميل إلى اللون الرصاصي، حيث أجدني وسط صالة هائلة مثلثة الأبعاد أقف فاغر الفم كالأبله، يجتاحني خدر عارم لا طعم له ولا نكهة وكأنني معلق في الفراغ،"ما الذي حدث ومن أتى بي إلى هذا المكان الغريب!", كن


بيت السيدة ملعقة

هدى حمد* في كل واحد منا بيت، لا يمكن تجاوزه بيسر، حيث نبتت الألفة لأول مرّة، وتشكلت الصور وفتنة الخيالات. ننغلقُ على هذا البيت الذي يسكن مخيلتنا لنحميه بداخلنا، ونستعيده بصورة مفرطة في انتكاساتنا اللانهائية، ربما ليس كما عشنا فيه واقعيًّا، ولكن بقدر ما نرغب أن يكون بيتًا مثاليًّا وآسرًا، فالعالم


البيت المهجور!

إبراهيم أحمد* بيت كبير مهجور، بني بطابوق بغدادي مزخرف برسوم زهور وطيور، ما زال يحتفظ بلمعانه الذهبي رغم تقادم الأعوام، لكن حديقته يابسة مصوحة ملأتها أشواك وأدغال، وربما سكنتها أفاع وعقارب وهوام! كلما مررت به، أحس بقلبي يجرح بسياجه الشائك، ويتوقف وكأنه علق بسنارة، وبعد قليل سيجره صياد ماهر! أتسا


انتحارٌ... وقصص أخرى قصيرة جدًا

نجوى مصلية*   انتحار اتجه إلى منزله يرغي ويزبد، وكأنه شيطان في ثوب إنسان. كان غاضبًا جدًا من ابنه الذي وصله خبر رسوبه في الامتحان النهائي. سنة كاملة وهو يشقى ويعمل بلا ملل ولا كلل من أجل أن لا يحتاج هذا الولد العاق لأي شيء، فقط كان عليه أن يجتهد لينجح. أين ذهبت نقود الساعات الإضافية التي ك


أقاصيــــــص ملونـــــــة - عبدالناصر مجلي

تاريــــــــــــــخ   علبة حلوى صغيرة أخذها خلسة دون أن يدرك أن ثمة عين تراقبه، ستة أشهر كاملة قضاها في السجن، صور عديدة التقطت له في أوضاع مختلفة، طبع أصابعه على عشرات الأوراق، وعندما خرج من السجن كان قد فُصل من مدرسته الثانوية وهو في الصف الأخير قبل التخرج، فرض عليه أن يعود كل أسبوع إلى قسم


لـربما

  تمارا محمد*   (نافذة.. ستارة… باب) أمام الساعة المعلّقة على الحائط المجاور لباب المنزل، وقفت لتدرك من خلال عقاربها بأن الليل قد أتى، توجهت نحو النافذة ممسكة بيدها جزءا من تلك الستائر التي تكاد من شدّة لونها أن لا ترى منها شيئاً في الخارج، حينها بدأت باستشعار الزمن الذي ابتعد







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي