رسائل من نافذة القطار…

مريم الشكيلية لم يكن لديّ الوقت لأن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة الازدحام حولي.. لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة.. ولكن كان كل جزء مني يودعك حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي كانت الآن وفي هذه اللحظة تتحرر من أسطري وتتطاير في الهواء كطائر حر.. هذه اللحظة ملايين الكلمات تهطل


الغابة أبواب

قاسم حداد 1- فتحت باب الغابة. ليس للغابة باب، لكنني تخيلتُه. باب افتراضي. فتحته ودلفتُ. استقبلتني هناك أشجارٌ كثيرةٌ وماء. ثمة حيوانات تشتهي بشراً يداعبونها. توقفت عند أول غصن أسأله عن الطقس. متلهفاً كان الغصنُ بأوراقه باهية الخضرة، مبتهجة بالبشر الذين تمثلتهم، بكى قليلاً وقال لي: الطقس هنا عكس


هل تراني؟ إنّي ألوّح لك الآن

حسن أكرم فكّرتُ مرّات ومرّات بأن أتجاوز الكتابة عنه، قلتُ في نفسي لا أريد أن أُتاجِر بحُزني عليه، ولمرّات عديدة ادّعيتُ بيني ونفسي أنني تجاوزتُ أمره، لكن إلى ماذا انتهيت؟ أُعاني من قلّة نوم، وأجلس سهراناً لأكتبَ عنه. بدأتِ الحكاية عندما توقّفت سيارة أُخت زوجتي في وسط طريق عام، تنبّهنا لذلك عبر "


أَخَرَجتَ عن صمتكَ، أمْ خرجَ صمتُك عليك؟

سليم بركات حين تستيقظُ صباحاً أيقِظِ الصباحَ معكَ. لم يحْظَ النائمُ بحاجته من القتل في حلمهِ: أيقِظوه، واسندوا إليه مَهامَّكم. ما الفتحُ الأعظمُ إن لم يكن تهشيمَ بوابات المدنِ قرْعاً بالرؤوس؟ الجلوسُ قربَ النار ليس جلوساً قرب معنى النار. الحياةُ حيلةٌ، والهذيانُ مَخْرجٌ عقلانيٌّ. بياضٌ مِن س


«أصيلة» الأصيلة

قاسم حداد في مدينة أصيلة المغربية، التي بدأت قرية مجهولة في أطراف المغرب، تمنح مثقفي وفناني العالم الفسحة التي يحتاجونها للعمل، ولا يجدونها غالباً في بلدانهم، لكي يمارسوا حريتهم في القول الفكري والإنتاج الفني، تيسر لي أن ألتقي لفيفاً من الأصدقاء، بعد غيابات كثيرة، وصحَّ لي اكتساب الصداقات النوعية


التبرؤ من الجمال

عوض بريوم أصبح أمرا مألوفا الآن أن يجد المتلقي العادي نفسه، في أي مكان في العالم، حائرا ومستغربا، بل أيضا منزعجا، وهو يقف أمام كم هائل من الأعمال الفنية المعاصرة التي تنأى بنفسها عمّا يمكننا أن نصفه بالجميل. ولربما توقف لبرهة متسائلا: ما هذا؟ ثم لا يلبث أن يمضي الى حال سبيله لأن الأمر ليس على قدر


عصي على النسيان

نسب أديب حسين قلّب الكتاب بين يديه، نظر إليّ مبتسما وسألني: «أنا حقا مستغرب لماذا احتجت كلّ هذه السنوات كي تأتي عندنا؟ موقع بيتنا معروف، في الخارج حجر شاهد يشير إلى الموقع الذي جلس فيه محمد واختطفوه منه، كان ذلك في رمضان، جلس في مدخل البيت ليمضي لصلاة الفجر في المسجد القريب مقابل البيت&raqu


التضايُف بوصفه منطقاً وحياة مَعيشة

عُلا شيب الدين في علم المنطق، ثمة مصطلح يُسمَّى «التَّضايُفُ»، يقول هذا المصطلح: لكي يُفهَمَ حدٌّ أو طرف؛ يجب أن يكون هناك طرف آخر أو حد آخر في قُبالته، يرتبط به ارتباطاً وجودياً، ولا يُفهَم، بشكل أو بآخر، إلا من خلاله. يصعب ـ مثلاً ـ تصوّر وجود معلِّم من غير تلميذ أو طالب، والعكس صحي


ليس للكتابة من يكاتبها

قاسم حداد الأمل في الأبجدية التي يصوغها الكاتب، فكل من يصوغ نصوصه من كلمات سوف يستخدم حروف الأبجدية، كمن يبدأ للمرة الأولى. هنا يكمن الأمل متمثلاً في شكل جديد ومختلف وخاص من الكتابة. هنا نص جديد يتوجب الانتباه له، باعتباره صنيعاً لا يشبه أحداً قبله، وبطبيعة الحال لا يقبل التقليد بلا فضيحة. ٭ ٭ ٭


عليه أن يَعبَّ ما استطاعَ منها

إبراهيم الحسين تقليمُ الشهقة لا تُؤخَذْ ولا تَنْذهِلْ، لا تُكلِّفْ عَينيكَ بما ليس في وُسْعِهما، لا تُكرِهْ كفّيكَ على الوقوفِ فوقَ رأسِكَ، قَلِّم الشَّهقةَ كي لا تجرحَ حُنجرَتكَ وتُؤذيكَ، فالفراشاتُ التي تقفُ الآنَ ساكنةً بِأجنحتِها المُلوّنةِ والمُبهجةِ على الورقةِ، تَربَّتْ فيكَ مُنذُ زمنٍ وت


رائحة الخبز أقوى

ثائر دوري حوالي السادسة والنصف صباحاً ذهبت برفقة ابني، الذي لم يكمل السادسة بعد، لإحضار الخبز. مشينا على مهل، على إيقاع خطواته، في الطريق القصير الموصل إلى مكان لجنة الحي، حيث يتم توزيع الخبز كل صباح. في الطريق شاهدنا أطفالاً عائدين حاملين الخبز فوق رؤوسهم. أشرت لأحدهم وقلت لورد: انظر هو بعمرك بع


إطلاق رصاصة في حفل موسيقيّ

فوّاز حداد ثمّة ملاحظة للروائي الفرنسي ستاندال، صاحب "الأحمر والأسود"، سنستشهد بها في معرض علاقة السياسة بالأدب، يقول فيها: "السياسة في عمل أدبي مثل طلقة المُسدَّس وسط حفل موسيقي، عالية الصوت وسُوقِيّة إلى حدٍّ ما، لكنّها شيءٌ غير مُمكِنٍ رفضُه لجذب الانتباه". كما يبدو، يُفضِّل الكثير من الأدباء


أصدقائي الذين مضوا

باسم النبريص أصدقائي الذين مضوا... أحياناً على وجه الفجر، يوقظونني من النوم، وأكون توّاً، حلُمت بهم. أستيقظ: أحاول تذكُّر نتفٍ من الحلم، فتعبرني وجوهُهم سريعةً، دون أسماء. أحيرُ وأستغرب... كيف نسيتُهم وقد كانوا ملء البصر والخَافق، رفاق مسيرة الأدب البازغ بعد حرب حزيران، وزملاء معتقلات العدوّ،


محاولات...

مريم الشكيلية منذ يومين وأنا أحاول أن أخرج من فوة قلمي حرفاً تلوى الآخر لأصنع عقد نص يطوق عنق الورق الأبيض.. إنني أتحايل على أبجديتي أن تطل من نافذة الحبر إلى حقول الأسطر الفارغة لعلها تخرجني معها إلى ضجيج العالم من جديد.. لقد وعدتك أن تكون أحرفي متوشحة اللون الزهري، وأن تكون مفرداتي كلها ربيعي


ضد مجهول

جميلة عمايرة بعد تردد طويل وخجول، أقفل الشتاء بابه الواسع، وحسم الأمر لصالح الربيع. أطل بوجهه الأخضر المشرق، بأزهاره ووروده، بنباتاته المتفتحة بمختلف الألوان والروائح، بفراشاته الملونة، بدت الأرض بساطا أخضر لا يحده النظر. أعدت المرأة حديقة بيتها باكرا، لتكون في أجمل حلة خضراء، بعد أن استعانت بعام


ميلان كونديرا.. رواية الذين فقدوا أوطانهم وماضيهم

عمر أبو سمرة أذكر جيّدًا شعوري بالغرابة الشديدة والإرهاق عندما قرأت رواية ميلان كونديرا "كائن لا تُحتَمل خفّته" للمرّة الأُولى، وكنتُ لم أتجاوز السابعة عشرة. كنتُ في حالة إنكار ذاتي. لم أفهم الكتاب جيّدًا وقتَها، وكان من الصعب إدراك تفاصيله الصغيرة والدقيقة. لقد استهجنتُ محتواه، لكنّه بقي عالقًا


الوحوش في السودان

 قاسم حداد نيتشة يحذر الواقفين وراء الوحوش من التحول إلى وحوش هم أيضاً. ٭ ٭ ٭ ما يحدث في السودان، نموذج صارخ لما يفعله الحاكم العربي في شعبه، بلا هوادة. فالصراع على السلطة الذي يؤديه المتحاربون هناك، يوضح ببشاعة أن الذين وعدوا الناس بالتخلص من الحكم السابق، إنما هم يرثونه في الطبيعة والحلم


قولٌ في التخفّي ومفاتيح الحوار المفقودة!

عُلا شيب الدين ليست وجوهنا مجرد عيون تعلوها حواجب، ولا أنوف، أفواه، جبهات، وذقون.. بل هي أبعد من ذلك بكثير، حتى إني أكاد أجزم، أنها ـ في معنى ما ـ أحد هوياتنا.. هويات تخفي الكثير بقدر ما تكشف الكثير. قد تكون عيوننا متشابهة في اللون، أو في الشكل اللوزي، وطبيعي أن تكون لنا جميعاً عينان مكونتان من ا







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي