لن أرسم بعد اليوم

إبراهيم الزيدي قبل أن تنبت الأهداب في عيون المسافة، وأسلّم أذنيّ لوكالات الأنباء، وعينيّ لتلك المذيعة المثقلة بأناقتها، وهي تجوس مواطن وجعي، خبراً.. خبراً، سأرسم على دفتر الشوق طريقاً، لعلّ امرأةً تعبرني عليه، امرأة تودع في حصالة انتظاري ثلاث قبلات، قبل أن تستعيدني من سلة مهملات الوطن، وتثرثرني ع


الذُّبابة

هشام البستاني هُم ثلاثة، يجلسون في كنبة واسعة وثيرة أمام التلفاز، يتفرّجون على المذبحة وهي تفتك بغزّة ببثّ حيّ. في الهواء الثقيل المحيط بهم تطير ذبابةٌ بعشوائيّة، ترقبهم والصور المتحرّكة أمامهم بعينيها المركّبتين من آلاف العُيَيْنات، تهمّ بأن تحطّ على رأس أحدهم ثمّ تغيّر رأيها متّجهة نحو الشبّاك


مجتمع السوشال ميديا: لايكات!

همدان دماج أراقبهم منذ سنوات، وأسخر منهم، وأضحك عليهم، على سخافاتهم، وتوهماتهم، وتلك المنشورات الغبية، أو نصف الغبية، التي يكتبونها على صفحاتهم، وذلك الإصرار على إظهار «الأنا» بأشكال بعضها قميء ويدعو للاشمئزاز. أراقبهم، وأهزأ لاهتمامهم المبالغ فيه، وهم يتابعون عدد اللايكات التي تحصده


تجريد المعاني.. الفن العظيم والغائب في المسرح العربي!!

هايل علي المذابي بقدر ما أتابع العروض المسرحية بقدر ما أتابع أيضاً أفلاماً سينمائية ومسلسلات تلفزيونية منها القديم ومنها الجديد. وما يدهشني هو قدرات بعض المخرجين على التجريد. تجريد معاني النص إلى إشارات وعلامات وألوان أحيانا وأفعال وسلوكيات وزوايا وتقنيات تصوير وإضاءة. لكنها رغم ذلك تستخدم بترشيد


بنطالٌ عسليّ وقميصٌ أسود

حيدر المحسن عندما تضمّ خزينة السلطان قلادة ماسٍ، تصير تحفة تمرّ عبر العصور، وتزداد نفاسة وقيمة وجوهر، وعبرتْ حفيدةُ السلطان سليمان القانوني قرون الزمان، وصارت حبيبتي، ولديها من جدّتها السابعة السلطانة «هُرُم» كلّ شيء، في الصوت والصورة والقلب، ولم تأخذ من جدّها الأبعد، السلطان العثماني


فقط لا تنسَ!!

بوعلام دخيسي فقط لا تنسَ! واكتبْ في الوصية للذين سيكبرونَ بأن أكبرَ من سنين العمر هذا النورُ في أقصى الجراحات الكثيرةِ، واقتطِعْ مِن كل حزنٍ لحظةً حتى تُذكّرَه بما فعلوا وما لم يفعلِ الأهلُ الذين تَنكّروا.. أو أُجبِروا.. لا تنس أن تروِي الحكاية كلَّها، مِن أول العهد الذي نقضوا إلى أنْ قيّضوا للغ


القدس في زمن الحرب والميلاد

نسب أديب حسين زقزقة العصافير المختبئة في ثنايا أغصان الأشجار مع النسائم العليلة، تنعش روحي الراقدة تحت الدمار ورائحة الموت المنبعثة من الجنوب. أصغي وأسير بالسرعة التي أقدر عليها لأستطلع المتاح والظاهر من البيوت من خلف تشابك أغصان النباتات المتسلقة والأشجار، أتبيّن ما فاتني من جماليات البناء، وألت


من هو الإنسان؟

عزيز الحدادي بهذا السؤال نكون قد أفرغنا كينونة الإنسان من حميمية الوجود، وحكمنا عليه بالسير في ليل العدم المقدس، الذي يناديه عندما فقد نعمة السكن في اللغة، والإقامة في حميمية الفكر، وأدار ظهره للفن، وبما أنه لم يعد يسمع نداء الحقيقة ولا الوجود فإنه أصبح ضحية العدم. فهل في إمكانه أن يطلب المستحيل


بضعة شجون عن الحدبة

باسم النبريص لا شيءَ يدوم إلى الأبد سوى ذاكرة الفلسطينيّ. الذاكرة، حدبةُ الفلسطينيّ يحملُها على ظهره أينما كان. وهي حدبةٌ لا مكان لإحداثيّات جميلة في سينوغرافيّتها، حتى لو هو تمنّى ذلك. لا يُوجد في العالَم فلسطينيٌّ مُعافىً من داء الذاكرة، لا تماماً ولا حتى لُماماً. الفلسطينيُّ يحيا بين الناس، م


ملاحقة «حماس»… حجة لم تعد مقبولة

قاسم حداد الخراب في كل مكان فلسطيني، وعلى العرب أن يتوقعوا ذلك في بلدانهم، المطبعون خصوصاً، فليس للجشع الإسرائيلي، الذي من الجحيم، حدود. إنه (صحراء تزدرد الفصول) والأصول بلا هوادة. ٭ ٭ ٭ كنا على الفطور، وكانت امرأة تقول عن أطفالها: (ينامون جوعى ويستيقظون جوعى) فيما نحن نأكل ما نريد. مَنْ يحتمل


الكلمة خلقت العالم

وفاء وسوف أقف أمام مكتبتي الزاخرة بكتب أعدتُ قراءتها مرات ومرات، أعطي ظهري لتلفزيون أصبح وجوده كالعبء في منزل السوريين، إذ لا فائدة ولا فرجة، سحبتُ كتابا من مكتبتي، وعدت لأتربع مع عائلتي الصغيرة أمام شاشة الموبايل الصغيرة لنرى ما رأت الشعوب قبلنا بأيام، أو لنقل رأتنا قبل أن نرى أنفسنا. تضج وسائل


اللاجئ والحاكم والغريب

قاسم حداد فاض الدم على الناس، واعترض خطواتهم غرابٌ أسعفٌ وضبعٌ فاتك، وانتفضت الأرواح في الأجساد. فقد عاث الحاكم فساداً في البيت والبلاد. وعمت الجثث المنعطفات وأعيت المراثي النادبات، دون أن يقوى أحد على كفّ الأذى عن القوم. فاضطرب الناس وهاجوا لفرط العسف الذي يقع عليهم من الغريب وجلاوزته. فانتبذ أف


اِغْتِيَالُ أَشْجَارِ غَزَّة

صالح لبريني أمام فظاعة مشاهد الموت وبحار الدم المهرق على أرض غزّة؛ والدمار والخراب الذي يعمّ كل شيء، يقف العقل عاجزا عن فهم واستيعاب ما يجري في ظلّ الصمت العربي المتخاذل والمهزوم، والتكالب الغربي عندما تمسّ مصالحه ويشعر بتهديد وجوده في جغرافيات الكرة الأرضية، هذا العجز للعقل ناجم عن الوحشية الصهي


هل نسي المحتل أنه في زنزانة كبيرة؟

محمود علي دماء تغني للأرواح الفاسدة، ونقمات تتقلب تحت الخرائب والأنقاض، وأطفال كالفراشات يحلقون إلى السماء، وصبية يلعبون لعبة الغميضة من يذهب منهم لا يعود. ماذا نرى في غزة المنتصرة في أنفسنا المخذولة في عالم متوحش؟ فليسقط العالم إذن ولتذهب كل الأسئلة الوجودية إلى قعر الأرض، فلم يعد هناك سؤال يستح


من أجل العدالة

خليل النعيمي لا تُغمض عينيك عمّا ترى. أنظر. الوعي أهمّ من المعرفة. لا تبتذل المشهد الفجائعي الفلسطيني بآراء لا جدوى منها. إفهم المقصود من الدمار والخراب، والموت والفاجعة. هذا لا يحدث عبثاً. ليس ثمّة عبث في الواقع. ما تراه ليس مسرحية، إنه الموت الأحمر الذي يعانيه الفلسطينيون. يعانونه ظلماً، وبمعرف


من تشرشل إلى ستارمر: فلسطين ومِذْوَد بريطانيا العنصري

صبحي حديدي* تقتضي حقوق اتصال الحاضر بالماضي في عرف دروس التاريخ، ومثلها واجبات شتى سياسية ومعرفية وأخلاقية، أن توضع في سياقات ترابط جدلية مواقفُ الساسة البريطانيين الراهنة من حرب الإبادة الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني عموماً، وأطفال ونساء وشيوخ قطاع غزّة خصوصاً؛ مع سوابق لها أقدم عهداً، ولكن أشدّ


ثلاثمائة حصان يعدون سويةً

هدى عرموش استلقيتُ على الأرض، سمعت عدوَ ثلاثمائة حصان. أنا لم أعدّهم من قبل، إنها معلومة شائعة في الصحراء؛ أنّ ثلاثمائة حصان يعدون سويةً من دون سرجٍ أو لجام. رأيتُ منهم الغبار فقط وحصانين اثنين في المقدمة متماثلين. صار شكل السماء مثل شكل الصحراء جرّاء عدو الأحصنة، كانوا يتجهون نحوي. أُغمي عليّ.


فلسطين من البحر إلى الشعر

إبراهيم الزيدي نحن على ثقة من أن الشعر ديوان العرب وسيبقى، فقد وثّق انتصاراتهم الدائمة، والمتتالية. ووثق كرمهم ورجولتهم، وعزتهم وإباءهم، وأنفتهم وكبرياءهم، وكأنهم فعلا خير أمة أخرجت للناس! وأصبحت معلقة عمرو بن كلثوم مرجعا للمتغنين بالأمجاد السالفة، وشاهدا أبعد من النسيان في العقل الجمعي العربي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي