مشكلة وحل

عُلا شيب الدين كنتُ قد قررتُ، منذ انتقالي إلى شقة خاصة بي، بعد إقامة استمرّت شهوراً في سكن خاص باللاجئين، عدمَ طرق باب أيٍّ من الجيران، لأي سبب كان، ومهما كانت الظروف، لأنني في المقابل لا أرغب في أن يُطرَق بابي، ولأنني أعرف، إلى حد كبير، خطورة الاختلاط ببعض الناس في بعض الأحيان. لكن بعد مرور أكثر


كلُّ شيء ينهشه النقصان

شجاع الصفدي يقول شخص ما، تشابهت الأنوثة والذكورة في وظائفها. أبتسم وأخبره أن هذا جزء من قصيدة نزار قباني، فيجادلني أن نزار كانت لديه بلقيس الجميلة، تحفزّه ليكتب الشعر، أما "بلقيساتنا" بسبب الحرب أضحوا "جعفر". مؤلم أم مضحك، لم أعد أفرق بين الأمرين، هناك كثير من الألم المضحك، والضحك المؤلم، النساء


أربعة أيام

ناصر رباح صباح اليوم الأول. بعد فجر السبت بساعة، استيقظنا على صوت إطلاق صواريخ، نحن نعرف الفرق تماماً بين صوت الصواريخ المنطلقة نحو الشرق وبين صوت ضربات الهاون التي لن تتجاوز كيلومترات معدودة، صوت الصواريخ يشبه إلى حد ما صوت جر سريع للوح من الصاج على أرض أسفلتية، وبالطبع نفرق بين صوت الرشاش العا


سلالم سقطَت عتباتها

 نازك بدير تأخرت كثيرا حتى أدركت أن كل ما عشته هو أكذوبة. طفولتي كانت كذبة ملونة برائحة خبز الصاج، وثمار البلوط الممزوجة بنكهة المطر. مهد خشبي تستقر فيه لعبة حِيكت ملابسها من بقايا قصاصات أقمشة متناثرة. أما الرأس، فكان غطاء حديديا لعبوة فارغة من شراب «الكراش». تعلمت كيف ألف القما


قصة معقدة مع الوقت

أحمد عاشور لا أجدُ إجابةً لذلك، يعنيني مشهد طفلٍ صغيرٍ يركب المرجيحة وينتقل بسرعته القصوى من أسفل إلى أعلى، متحكماً في الزمن ومتحكماً في ما يراه، يمرنُ نفسهُ على النسيانِ إن قفز إلى الأعلى، وعلى التذكر إن هبط بأرجوحتهِ، وهنا يفقدُ الوقت قيمته. أدركتُ هذه الإجابة حين انتقل إلى العيشِ في خيمتنا، اب


ثلاثة نصوص من الحرب

نجوى شمعون على مدخل الدرج أثناء صعودي على الدرج لأضع بقايا لحم المعلبات للقطط التي تأتي إلى سطح المطبخ، لمحتُ زهوراً جميلة لونها أصفر تسرق القلب من روعتها، رأيتها قد شقّت الحجارة، وخرجت تتمايل وتتراقص مع أشعة الشمس على مدخل الدرج، ورغم صوت الزنانة المخيف تلاشى خوفي، ونزلت الدرج وحملت موبايلي وصو


الشعر والحب والحرب

إبراهيم الزيدي بعد أن حدثت كل التوقعات، وبردت أسماء الذين أحبهم في الغياب، عدت إلى سوريا. فتكت بي صفة «لاجئ»، تعبت من ارتدائها القسريّ فخلعتها عّني وعدت. عدت من وطن لا أعرفه إلى وطن لا يعرفني، نهارا، أمشي بين تداعيات الأسئلة، والإحباطات المكدسة، أحاول أن أقرأ ما تبدل في ذاتي، وما تغيّ


ليس النزوح الأخير

أكرم الصوراني من الحرب فصاعداً نحن لم نعد نحن... وأنا لم أعد أنا! كل شيء بخير... إلا أنا، وكل شيء بخير إلا غزّة! لقد فقدت مدينتي وفقدت نسختي القديمة من نفسي، ومع أنها كانت متخمة بالمشاكل والهموم فقد اكتشفت بعد الحرب أنها كانت أكثر سعادة وراحة وطمأنينة... وبعد الحرب فقط اكتشفت معنى راحة البال ومعن


مونولوغ شخصي

محمد أبو كويك في زمننا الأهوج، تعتقدون أنّي أقف أمامكم لأسرد لكم ما يجري حولنا، فأحصد العدد الأكبر من المتابعين ويغمروني بإعجابهم! لا.. حياتنا اللاعادلة المليئة بالقصص اللامعقولة أرويها لكم، وهي التي أجبرتني على المثول بينكم خاضعاً لمشاعر مؤلمة، لن أتوقع منكم أن تكونوا تنتظرون عنصر المفاجأة!! ف


ستزهر بعد يباس

ثائر دوري شتاء 2020 كنت أستمع لأبي في الشتاءات الجافة في ثمانينيات القرن العشرين وأنا مفعم باندفاع الشباب العارم ومشبع بفكرة التقدم «التاريخ يمشي بشكل خطي إلى الأمام، فالغد بشكل آلي أفضل من اليوم». كان يحدثنا عن شتاءات بعيدة، كان المطر يهطل مدراراً بلا توقف، أستمع له وابتسم في سري سا


عن الحذاء والذباب والسكر المفقود

هاني السالمي اشتريت حذائي مرتين خرجنا من البيت ولهاثنا عالٍ جداً، لهاثنا يشبه نفخ تنين بعيون حمراء، سائق الشاحنة كان نزقاً جداً، فعجّلنا بالخروج من البيت، فلم نأخذ كل أدواتنا [حاجتنا] وتركنا خلفنا ملابسنا الصيفية، خاصة أحذية المناسبات، كانت في علبة كرتون تحت سرير في غرفة النوم، خاصة أمي التي ترك


حنين موجع

خالد شاهين الحنين إليها كان طاغياً، شعرتُ بالموت على الباب، فزاد الوجع وعلت درجات الحنين. اليوم الواحد والثلاثون من كانون الأول/ ديسمبر، واليوم الأخير في السنة، الحرب تركض بسرعة فائقة، وتدخل عام 2024 بكلّ خرابٍ ودمار والكثير من الشهداء من البشر والحجر، هذه الحرب مختلفة، مغايرة تبدو عن سابقاتها، ت


ألف ليلة وحلم

إبراهيم الزيدي لكل امرئ شهرزاده التي تروي له القلق بصيغة حكاية، وشهرزادي هي الرقة، مدينتي التي تتناهبها الخرائط والتصريحات! الرقة التي حين أكتبها أحس بأصابعي وكأنها تتلمس حواف النوتات الموسيقية، الرقة التي ودعتها، ونسيت قلبي نائما على سرير نهرها. الرقة التي كلما سألني أحد عنها، أتهمها بالشفاء، و


حين كنتُ طفلا خارج سجن تدمر

أنس ناصيف انقضى أكثر من عقدين حتى اكتشفتُ مصادفة أنّ راتب جبر، مُترجم رواية «قطار إلى باكستان»، هو نفسه راتب شعبو، الذي غدا كاتبا وروائيّا وطبيبا بعد خروجه من السجن عام 1999. كانت من أولى الروايات التي أقرأها في حياتي، أعطاني إياها الدكتور مصعب النبهان، الذي غادر قريته عقب سنوات من ال


كازينو عطشان

جمال العتابي كم مرة حشروا عطشان مع المعتقلين السياسيين، كان ثمة أفواه تطالب بالخبز للفقراء، يأسره الصوت والنداء، فينجرف معها، عطشان لا صلة له بتنظيم، أو علاقة بحزب  ليست له ناقة في رحى الصراع ولا جمل، كانت أمه تهيئ له من جراحات الصباحات رغيف الحياة، وتوصي صغاره أن يلحسوا أصابعهم مثل الجراء و


ما أجمل العودة إلى البيت

ناهض زقوت عندما يخرج الجنين من بطن أمه يصرخ معلناً حضوره، من دون أن يعلم أهله أن صراخه هو الفرح بخروجه من الظلمة إلى النور. هذا تماماً ما حدث معي، أو معنا، بعد شهر كامل من المعاناة في ظلام خيمة النزوح، بكل ما يعنيه الظلام من ذل وانكسار، وعتمة تفقد فيها صواب الطريق، وتفقد بوصلة تحديد الاتجاهات وال


غواية الذاكرة

شادية الأتاسي مسني بعمق حديث صديقتي الكاتبة السويسرية كاترين عن شجرة الزيزفون الضخمة في قريتها الجبلية البعيدة. تقول كاترين: هذه الشجرة كانت موجودة دائما أمام بيت طفولتي، لم يعرف أحد سر وجودها المدهش في هذا المكان الجبلي البعيد، ولم يعِ أحد منذ متى هي موجودة، فهذا النوع من الشجر يعيش عادة في السه


أدونيس: مفرد يرفض صيغة الجمع!

بروين حبيب* بين شاب مراهق في الرابعة عشرة من عمره ينشد قصيدة أمام رئيس بلده، لا يطلب جزاء عليها سوى أن يمنح فرصة ليتعلم، وشيخ في الرابعة والتسعين من عمره ينال قبل أيام مضت «جائزة جوان مارغريت العالمية للشعر» إحدى أرفع جوائز الشعر الإسبانية، بين هذين المشهدين ثمانون سنة كاملة لم يتوقف في








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي