
واسيني الأعرج وراء كل نص تنام خلفيات متعددة لا يراها القارئ الذي يتعامل مع نص منجز، وقد لا يتخيلها أصلاً. هناك الجهد الفكري والبحثي الذي يبذله الكاتب حتى يجعل من نصه عالماً مقبولاً ومرتكزاً على قاعدة تأملية. وهناك أيضاً مادة تاريخية مبطنة تعطي للنص امتداده في الزمن. وهنا أيضاً بقايا حيوات بشرية و
شادية الأتاسي «قد لا ننتبه إلى الأشياء الصغيرة في حياتنا اليومية، أو مقدار الفرح والضوء الذي قد تمنحنا إياه بعض الكائنات اللطيفة». هكذا كتبت لي كاترين، صديقتي الكاتبة السويسرية في رسالتها – ضمن مشروعنا الرائع للتبادل الثقافي – وهي تحدثني مطولاً عن تاريخ طفولتها في قريتها ا
إن تتبع التقاليد وما مرّت به من نشأة وتحول ورسوخ، ثم دراسة الكيفيات التي بها تمت أقلمة تلك التقاليد في السرد الأوروبي، بعد أن تغلغلت فيه، وما طرأ عليها من تحوّل هو ما يثيره كتاب «الأقلمة السردية: مخابرها الغربية ـ مناشئها الشرقية» لنادية هناوي، والصادر مؤخرا عن مؤسسة أبجد للترجمة والتو
الطاهر الطويل «إملوان» منطقة أمازيغية تقع في صحراء «تافيلالت» جنوب شرق المغرب، وجاء كتاب «ثقافة إملوان: ترميم الذاكرة وتحصين الهوية» لتسليط الضوء على مختلف جوانبها الثقافية، غارفا من معين التنوع والتعدد الذي يتميز به الفضاء المغربي ككل وتناغم مكوناته، خاصة في ت
صبحي حديدي تحت عنوان «ضدّ المحو»، نشرت مجلة The Nation الأمريكية تحقيقاً توثيقياً فوتوغرافياً حول موضوع فلسطين ما قبل النكبة، اعتمد على عدد من الصور الفوتوغرافية الأخاذة؛ المذهلة أيضاً، بسبب ما انطوت عليه من تمثيل رفيع الإقناع حول المستويات الحضارية متعددة الميادين التي كانت عليها مدن
علي صلاح بلداوي قديمًا، بالأمس أو قبل قليل لكلِّ مولودٍ في هذه اللحظةِ نُكتةٌ يُضحِكُه بها الملاكُ الذي هَيَّأَ سريره، لكلِّ مولودٍ حجارته التي تنتحرُ في أظفره وثيابه الملطَّخةِ بالثارات وشتائم الغرباء وبَصَمات العائلة. لكلِّ صارخٍ لأوَّلِ مرَّةٍ في الوجود هذه اللحظة دَغْلُهُ الذي يَلوكه را
سومر شحادة سِيرة امّحاء، موضوع رواية "شرطة الذاكرة"، للروائية اليابانية يوكو أوغاوا (1962). وأوسع من ذلك، وخارج الكتابة؛ فإنَّ المرء يُلاحظ سيرة الاختفاء هذه في حياته، وفي العالَم مِن حوله. اختفاءُ الموجودات، واختفاءُ المهن، واختفاءُ البشر هو ديدن الأيام. لكن في الرواية، يظهر الاختفاء أمراً من سل
هشام البستاني على غير عادة الروايات، يَفتتح الكاتب الأردنيّ خالد سامح إصداره الروائي الجديد "بازار الفريسة"، (الثاني بعد روايته "الهامش"، وعدّة مجموعات قصصيّة) برسالة، تبدو عاديّة، ومفهومة، ومقبولة ضمن الأعراف الدبلوماسيّة المعمول بها في كلّ أنحاء العالَم، مُوجَّهة من مساعد وزير الخارجيّة الأميرك
ممدوح عزام يمكن لشخصية الإمبراطور في الحكاية الشهيرة "ثياب الإمبراطور الجديدة" لـ هانز كريستيان أندرسن أن تكون الشخصية الأكثر حضوراً في عالم الفنّ والواقع. وعلى الرغم من أنّ كثيرين قد نافسوه على الصدارة، فقد بقي في القمّة باستمرار. تسرق الأضواء منه شخصية هنا، أو شخصية هناك، ولكن الإمبراطور العاري
شفيق الإدريسي حين أبصرتُ جسدي المُترهّل يحبُو، على كتفِ ذاكرتي كانت الفراشات الصّفراء تترنَّحُ، على أغصان طفولتي والأزهارُ البيضاء، ترتعشُ، مِن صقيعِ شتاءِِ حزين … وكان الحُلْم المَسكون بوساوسِي نبضاََ مكلوماََ يَدنُو مِن بيوت فارغة… يكتبُ سيرة لِمن رحلوا فأعودُ إلى صب
ثائر دوري رغم الجو العاصف لم تتأخر عن موعدها اليومي مع النوارس. كل يوم تقطع مسافة ليست بالقصيرة لتراقب النوارس والغروب. صححت مبتسمة: الغروب أولاً ثم النوارس. في البدء كانت تحضر لتراقب البحر عند الغروب، ثم لفتت النوارس انتباهها. بعدها بدأت تحضر خبزاً تفته قطعاً صغيرة ثم ترميه طعاماً للنوارس الت
غادة السمان ترى كيف يرى جنود الاحتلال أنفسهم في حرب الإبادة على الفلسطينيين في غزة؟ هل يعترفون سراً بينهم وبين أنفسهم أنهم بعدما سببوا النكبة الأولى لأبناء فلسطين يقومون بتسبيب الشيء ذاته لأبناء غزة؟ ومن لا ينجحون في قتله، عليه بالهجرة لأن جنود الاحتلال يردون كمن سبقهم: من النيل إلى الفرات أرضك ي
عبدالحفيظ بن جلولي يتداخل الشعر والثقافة والإعلام لتشكل كيانا جماليا يتطور باستمرار، منتجاً مستويات من الحياة. عدنان ياسين، لست أدري هل أقول إنه ظاهرة أم افتتان، «والافتتان لا يكمن في طبيعة الفن، حسب ويستان أودن، لكن في الأسلوب المتبع في العمل» لأن ما ينجزه تختلط فيه الظاهرة باعتبارها
ستمد رواية «زيتونة» اسمها من آية قرآنية وردتْ في «سورة النور» يقرب فيها الله تعالى نوره للأفهام ويضرب الأمثال بتشبيهات متسلسلة وصولا لشجرة متوسطة «زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» (الآية 35) ومن بعض معاني التوسط هذا انبثقت الرواية باحثة عن مساحة د
حوار: سعيد خطيبي قضى محمد ديب (1920-2003) عمراً في الكتابة عن الجزائر والجزائريين. لكن صوته لم يصل إلى قرائه كما ينبغي، نظير الترجمات المتعجلة لثلاثيته الروائية الأولى، وتوجب انتظار جيل آخر من المترجمين، أعادوا هذا الكاتب من منفاه، من بينهم الشاعر والمترجم حكيم ميلود، الذي متن علاقة وفية مع ديب،
حسن داوود من طفولته في قريته «رملة العريان» ودراسته للدين، إلى إقامته متقاعدا في بريطانيا، تمتدّ حياة الطفل، ثم الشيخ راويا حكايته من ابتداء الرواية إلى فصلها الأخير. وحياته هذه تجري على لسانه، هو الحافظ لآيات القرآن وأحاديث النبي وقصائد وأمثال وحكم قديمة ومتأخرة. أعني أن روايته لم تف
واسيني الأعرج ما تزال الرواية التاريخية «نوعاً» يستهوي الكثير من الكتاب في وقتنا الحاضر، على الرغم من تعقد موضوعاته، إذ يفترض سلفاً في الكاتب السيطرة على التاريخ سيطرة كاملة في علاقاته ووشائجه مع المحيط الذي نشأ وتبلور ضمنه، والتحكم الفني في كيفيات استعماله في النص الإبداعي، الرواية ت
تومّاسو دي ديو يجيءُ العالَمُ إليَّ بعينيْنِ راجِفتيْن يَجيءُ إليَّ مع السّوبرماركت، مع الرَّجل الأعْرج مع الأسفلتِ والمُتشرّدِ والبار. يجيءُ العالَمُ إليَّ معَ الأرْضِ والوَحلِ مع الكلامِ السيِّئ وعدمِ الكلامِ والأغلال. يَجيءُ العالَمُ إليَّ معَ الدَّرابزين مع غِطاء مُحرّكِ السيّارة والشّا