صح العزم مني…

2024-04-25

ثائر دوري

رغم الجو العاصف لم تتأخر عن موعدها اليومي مع النوارس. كل يوم تقطع مسافة ليست بالقصيرة لتراقب النوارس والغروب.

صححت مبتسمة:

الغروب أولاً ثم النوارس.

في البدء كانت تحضر لتراقب البحر عند الغروب، ثم لفتت النوارس انتباهها. بعدها بدأت تحضر خبزاً تفته قطعاً صغيرة ثم ترميه طعاماً للنوارس التي تحط على الأرض لتلتقط الطعام. تدرج الأمر معها من مراقبة الغروب إلى مراقبة الغروب والنوارس، وحديثاً بدأت تطعمها. ويبدو أن النوارس صارت تتعرف ليها فما إن تقترب من البحر حتى تتجه نحوها.

قالت : انظر إلى النوارس لا تستطيع الإقلاع إلا بصعوبة بالغة بعد أن تلتقط وجبتها..

تابعت: هي الريح تمنعها من الطيرانن قوة الجناحين – قوة الريح = صفر. والنتيجة كما ترى، لا تستطيع الإقلاع سوى بضعة أشبار عن الأرض.

أجبتها: إذن توقفي عن رمي الطعام واتركيها تحلق عالياً.. أنت من ينصب الكمين لها، ترمين الطعام فتهبط لتأكل فلا تستطيع الإقلاع بعد ذلك.

ردت:

لكنها ستجوع .

إذا كان الخيار بين الشبع والتحليق عالياً.. أنا أختار التحليق عالياً.

أنت تبالغ بعد قليل ستتوقف الرياح وتعاود النوارس التحليق.

أجبتها وأنا أنظر إلى الأفق البعيد حيث الشمس تغادر تاركة وراءها شفقاً أحمر.

أنا أتكلم عن سوريا. الريح الصرصر تعصف بالبلاد منذ عشرات السنين. والناس لا تستطيع التحليق.

ردت

ومن أخبرك أن كل الناس تمتلك أجنحة؟ أو أن كل من يمتلكون أجنحة يريدون التحليق. لديك الدجاج مثلاً؟

أنت محقة، لكني أتكلم عن الذين يمتلكون أجنحة ويريدون التحليق. الريح العاتية تحول قوة أجنحتهم إلى صفر.

مع آخر شعاع ضوء وقبل أن تغيب الشمس غيبتها الأخيرة في البحر رمت ما في قبضتها اليمنى من بقايا خبز فحطت مجموعة جديدة من النوارس الجوعى في حين أن تلك التي شبعت كانت تكافح لتحلق، وبالكاد تستطيع الارتفاع عن الأرض بسبب الريح.

قلت:

أخشى أن تُطيرنا الريح العاصفة.

أجابت:

ما زلنا نمتلك أجنحة تقاوم.

قبل أن تغادر توجهت بكلامها للنوارس فطمأنتها أن الأرصاد الجوية توقعت أن ترحل العاصفة بعد قليل.

قلت لها:

ها قد بدأت تتحدثين معها. ذات يوم ستطيرين مع النوارس.

ثم خاطبت نفسي: أمر مؤكد سترحل العاصفة، لكن هل سنكون موجودين؟ هل ستكون أجنحتنا قادرة على التحليق بنا؟ في اللحظة نفسها تكسرت موجة كبيرة على الشاطئ الصخري معلنة أن العاصفة مستمرة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي