
فادي أبو ديب أ. المدينة متاهةً وأشباحاً كان ليلُ تلك المنازل المنفردة مفرطاً في اخضراره الداكن، رطباً لكن ليس إلى درجة أن يشلّ أطراف النسيم. بوّابات مفتوحة ومواربة، ونَفَس مجهول يضخّ برتابة منعشة طاقةً للسهَر في الداخل العامر بالبهجة والسكينة. كان الامتداد نحو الصحراء أكيداً واثقاً غير مهجور، و
سلافة الماغوط شكرا أمريكا لأنك عودت أطفالنا على مشاهد الرعب والجثث على الغارات وصافرات الإنذار على الملاجئ والأقبية شكرا لأنك خلقت أجيالا لا تعرف الحب أجيالا ولدت تحت الحصار وماتت تحت الحصار شكرا لأنك حولت مأساة الهولوكست إلى ألف مأساة ومأساة شكرا لأنك قلبت أنظمة ونصبت أنظمة لأنك دفعت ا
نازك بدير إن ترى البحر مرّتين: مرّة بلون الفجر معتّقا، ومرّة بلون شجر الجميّز، وفي كلتا الحالتين، تخشى الاقتراب منه، تدرك تماما أنّ صفحته ستنشقّ فجأة لترفعك إلى السماء العاشرة، وترميك في أقاصي أعماقه. هناك، حيث ولدتَ في تلك المتاهة المتنازع عليها، الغائرة في باطن الجحيم، تدفعك في طريق لولبي، زجا
د. ابتهال الخطيب خسارتك يا أحمد يا سقا، لطالما بدوت كرجل “جدع”، فعلى الرغم من أن أعمالك الفنية ليست الأكثر قيمة، فإن شخصيتك كانت دوماً قريبة من الشارع. خطابك، رغم بعض ذكوريته، كان يتسم بالشهامة وبنوع من الالتزام الأخلاقي المبدئي، فأين ذهب كل هذا منك في قضية العصر، تجاه جريمة القرنين الع
محمد المحسن «الخير أيضا مثل الشر – نزعة متأصلة في الإنسان» – كل طفل فلسطيني يموت، تطلع من قبره ألف شمس جديدة تنشر نور الفكرة، فكرة الصمود المفتوح. فالحرية فكرة قد تمرض، ولكنها لن تموت.. أن تتداعى الصور الشعرية في ذهن الشاعر، وتخترق سجوف خياله مفصحة عن الوجدان وما يمور دا
مجدي دعيبس في عالم تكنولوجي متسارع لا يعرف حدّ الشبع تتراكم فيه التطبيقات الذكيّة كلّ يوم، تزداد حياتنا سهولة ويسرا؛ ندفع الفواتير، ونحجز الطيران، ونتسوق أونلاين، ونجتمع من خلال السكايب.. إلى آخر القائمة التي تطول وتطول، وكلها أمور عملية لا أرى فيها أيّ ضرر أو تأثير سلبي على الجانب الاجتماعي مدار
صادق الطريحي يا قارئا، قَرأ الكتابَ وشرحَهُ، سَمِعَ المواعظَ والفصولَ لغايةٍ في نفسهِ، عَبَرَ الفُراتَ بقادسٍ قَصبيّةٍ مِنْ عَهدِ سومرَ في العُلا، عَبَرَ الفُراتَ، عبورَ مَلاحٍ خبيرٍ بالرّياحِ ونَوْئها! عَبَرَ الفُراتَ لينقذَ الأسماكَ، والكلماتِ، والأطفالَ مِنْ خَطرِ الجَفافْ: يا أيّها الملاحُ،
حمزة كوتي ما هذا الأنين المضاعَف يحمل الرجُل مظلّةً وكتابًا صغيرًا عن الحكمة والشهوات ويذهب إلى نقطةٍ نائية. تعبر غيمةٌ مع الطيور. لكن أين هنا وما هذا الأنينُ المضاعَف في المساء وما هذه الرائحة التي تصل بك إلى قلعة الحشّاشين. ثم نهض رجلٌ وامرأةٌ ورقصا معًا وهناك طفلٌ ركض نحوي وقال أنت معجزةٌ. أ
محمد الشحري لا أدري يا صديقي من أين أبدا الكتابة من الخاص إلى العام أو العكس، لكن في كل الأحوال ستكون الكتابة إليك نوعا من الطقس الجميل الذي يشعرك بذاتك وقيمة ما تفعل فور الانتهاء منه، ولا أخفيك يا صديقي حيرتي تقديم المواضيع هل أقدم الأخبار السعيدة، أم أختم بها كتابتي إليك، مع أن الأسى متوج هذه ا
جمال العتّابي (صباح الخير).. مفردة، وحدها لا تكفي، شبه جملة تتوالد لا تنتهي، مرتبطة بديمومة الصباح، مختصرة، قديمة، مستهلكة، تأتي وراءها صباحات غير متكاملة، لأن الصباح يُخلق يومياً، معه الكلمات تبتكر بطريقة لا واعية. الصباح مستويات، بداية عمل وحياة. نحن كائنان صباحيان نستيقظ مبكرا، وفقاً لشروطنا
أحمد لطفي قرأتُ اليوم منشورات كثيرة جدًّا رافضة لوجود اللّاجئين الأفارقة في مصر، فتذكّرت يوم أنهيت أوراق تسلُّم العمل بمستشفى القاهرة الجديدة. يومها خرجتُ لأقف تائهًا أمام المستشفى تحت شمس أغسطس لا أدري ماذا أفعل، كيف سأعود إلى بيتي بالشرقية، لا أعرف الطريق ولا المواصلات! قال لي موظّفو المستشفى أ
أحمد بنميمون من منسج أصواف، حيث رجال وحدهمُ من يشتغلون على أنوال خشبية، كنت تسللتُ صغيرا أبحث عما ينقذني من كرباج ناريٍّ تحت سماء ظهيرة. نفسي يملأها ما يشبه إجهاش تخفيه حتى يبعدها خطو عن عين لا ترحم، وقفت بي قدماي أمام مربع نافذة صغرى حتى أبصر من جلسوا قرب حوانيت على الطرف الآخر من منحدر كان ي
محمود بركة مع العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبداياته الكارثية بالتدمير الحربي للطيران، جلست برفقة صديق، ونحن نقيم «خارج المكان». الأهل والأصدقاء جزء منهم في دير البلح، وجزء وسط المدينة، جلسنا نتحدث عن الأماكن، نستعرض الصّور والأشخاص والذكريات والأزمنة، في تلك اللحظة لم ي
باسم النبريص حفنة من مليارديرات وادي السيليكون، مع حفنة من الصهاينة المسيحانيّين، مع حفنة من كهنة المجمّع الصناعي العسكري، مع حفنة من أصنام المال والأعمال.. وكلّ هذه الحفنات تحكم دول الشمال، وبجبروتها الباهظ تحكم الكثير من بلدان الجنوب: بمنطق القسر والبطش، خارج كلّ قانون أخلاقي. العالم يرى، والع
محمد صالح مجيٌد عاش المرحوم محمد الباردي عاشقا لمدينته الجنوبية «قابس» لا يغادرها إلا أياما في سفر إلى الخارج أو متنقلا للتدريس في العاصمة أو في سوسة أو في صفاقس.. لكن بقدر حبه لهذه المدينة الجنوبية كان جحودها ونكرانها، لم يحظ الرجل فيها بما يليق بمقامه العلمي، وبما يتناسب مع ما قدمه
إحساين بنزبير عقار الكلام والأبيض المقبل يشهدان على المائدة في مربع. غزو الفئران صورة فقط لما يمر. وحين أعتني بالصدى وحروف العلة، أستدرك هدوء العين تحت دخان البنزين. ما أجملنا ونحن نحرث الحيز ولو لثانية. وما تبقى يشكله الملح والحليب في كبسولة البوادر.. دردشة مراهقة أمام المرآة. ٭ ٭ ٭ طلاسم.. تج
قاسم حداد في هذه اللحظةٍ الحضارية، يصبح الصوت عنصراً حاضراً وجوهرياً في الحياة والابداع، الجثة فقط بلا صوت، غير أنالحياة هي صوتٌ في الجسد والروح. لذلك ينشأ الشعر مع الصوت ولا يتنازل عنه، لذا سيكون علينا التشبث بالصوتعندما يتعلق الأمر بالكتابة، فكتابة بلا صوت لا تسعف حياتنا. الموسيقى هي صوت الشعر
سليم بركات صورةُ العالم الأرضي في خطوط الجغرافيا، طولاً وعرضاً، يكتنفها نقصانٌ، فداحتُه ما اجترأَ القادرون على تنازع الأرض إخضاعاً لتقسيمٍ من حصص المُلْكيَّات. قد نفكر في حال العالمِ الأطلسِ، بتجريدٍ، أنه أقسامٌ متنافرة في الغالب، ومتقاربة في قليلها. حالُ التنافر هي تعارُضاتُ الأفكار بين الأمكنةِ