نسير في موتنا المؤقّت

سومر شحادة كُنّا نائمين، نومَ الكائنات التي نومُها موت مؤقّت، وهذا تعبيرٌ أوشكَ أن يصير حقيقة أبديّة كالموت؛ ونحن نهتز في الأسرّة، ونصحو جزعين، نراقب انهيارَ السقف والجدران علينا. لكن لم يسكنّا الموت السوري حدّاً كان يمكن أن يدفعنا إلى البقاء في السرير في انتظار الموت. لا نزال أحياء، ولا يزال جسد


يسأل وهو يعرف!

قاسم حداد قال له: يا طويل القامة والإقامة. كيف ترى المكان؟ قال: أراه كفنا يُمنح، مثل الهِبة، لميتٍ غافلٍ، ينجو منه عميق الأنفاس واسع الصدر، ويتعفّن فيه الممتثل لجثته الذهبية. قال له: لماذا إذن لا تغادر المكان؟ قال: لست من هنا. لا أرى في المكان سوى بيت صغير يطل على زرقة الكون.. إنني أنتمي للوقت أ


أديم الأرض عند الثالثة فجراً

أنس الأسعد "على أن قُربَ الدار"... كذا صارت تحكمُ المسافاتُ حيواتنا نحن السوريين، نقيس الألم بمقدار القُرب والتنائي، مع أنّ الأمر لم يكن بحاجة لكارثة طبيعية أخيرة تؤكّد، أو نثبت من خلالها، مدى تعلّقنا بتلك الدار ومَن فيها، بعد سنوات خارجها كادت تُصبح دهراً لا نهاية له. ولا كنّا بانتظار برهان يأتي


أيامٌ تتحوّل إلى جملة

حمزة كوتي رأى أنّ الماضي نيزكٌ 1 من التكوين إلى الرؤيا يحمل الكاهنُ الزهورَ وأسماءَ أولئك الذين اتّفقوا على حقيقةٍ أسطوريةٍ في منشورٍ مُغلق. 2 الإنسان والزوال. الفرجار والخريطة. قياس المسافات. ثني العالم بشكل قوس على خصر امرأة هي زهرة وردية اللون. 3 أخذ يبدي اهتمامًا بالمذياع وحديقة العنب و


البتر

ليلى باحساين في العائلة، نَنحَدِر جميعًا من امرأة واحِدة: عبّوش. تلتقي كلُّ فروع شجرة عائلتي عندها، ويَسوقني إلى مَعينها عِرقان. عبّوش! هي أمّ جدّتَيَّ الاثنتَين. إنها جدّة والِدَيَّ الاِثنين. تبقى ذكراها فيَّ شذوراً وضَبابًا ككلّ شيء يتعلّق بطفولتي. لا أعلم ما الحيلة التي لجأَت إليها ذاكرتي ل


لمن نكتب؟ وسيكولوجيا الجماهير!

باسل عبد العال يدورُ هذا السؤال الكبير دورتهُ في أعماق الكتّاب والشعراء والمؤلفين العرب بشكلٍ خاص والعالميين بشكلٍ عام، هو السؤال الجوهر في مشروع الثقافة الكبير في رأيي، وهو السؤال الذي يتشكل كتشكيل شبكة عنكبوتية للأفكار التي تدور حوله وفيه، لمن نكتب؟ وهو سؤال البدء في الكتابة، الهاجس الأول الذي


حذاء

غدير أبو سنينة وهو يحاول حلّ رباط حذائه الشتويّ القصير، فكّر بالعقد الكثيرة التي لا تتناسب مع حجمه. كان عائداً للبيت بعد حديث سلس مع رئيسه في العمل ومكالمة حميمية من صديقته وتحيّة ودّية من جاره. يضطر لعبور منتصف الصالة للوصول للأريكة وخلع الحذاء. حذاء ثقيل تمتدّ عُقَده من منتصف الأصابع حتى ما فوق


هيثم

أمينة شرادي التقيته هذا الصباح، بشعره المشعث وابتسامته البريئة. يرتدي ملابس باهتة، لا تقيه من برودة الطقس. يحمل محفظة لم تعد تستحمل ثقل الكتب من كثرة خياطتها كلما تمزقت. ابتسم لي ثم فجأة، استوطنت وجهه الجميل، مسحة من الحزن والغضب. لم يتمالك أعصابه وصرخ في وجه حارس المدرسة: أنا لست ابن شوارع، أنا


أحمد سعيد حبيش ..ما بين الميلاد 1959 والإستشهاد 1995

أبو يونس حبيش * تشابهت الأرقام في شكلها ثم تباينت وتباعدت في مدتها لتنجب عمراً مدته " 36 " عاماً ، تحكي قصة شابٍ نشأ وترعرع في مدينة جبن الطاهرية في وسط اليمن ، كان في طفولته هادئ الطبع ، دمث الأخلاق يُستنطق بالكلام ولا يبادر به ، فإذا تكلم نطق بما يقتضيه سؤال السائل ، ملازماً للمسجدفي الفروض ال


اكتئاب

راضية تومي كانت تجلس قرب النافذة. المطر الخفيف يلتصق بالزجاج. بالخارج بضعة أشخاص يُسرعون الخطو. يُغطّون رؤوسهم بالمطريّات. نظراتها لا تحبسها جدران الغرفة ولا تقع على شيء ما هناك، حيث الحياة في الشارع الملسوع بالبرد. جذَبتْ نَفَساً من سيجارتها البيضاء الطويلة، وكأنها تجذب نَفَساً من أنفاس الحياة.


النصّاب الأعمى

سهيل كيوان -مسكين، قلت عندما رأيت كهلاً يتحسّس طريقه بعصاه الخاصة لعبور الشارع. -لا تقل مسكين. ردّ قريبي الذي جلس إلى جانبي في السّيارة. -ليش؟ -إنت بتعرفه؟ -لأ، أول مرّة أشوفه. -لكان لا تقل مسكين. -أفّ، يا ساتر. -أي والله، هذا نصّاب كبير، لولا خايف من الناس، كان نزلت وكسرت له عصاه. -يا لط


يتحاجزان… الثقافي والسياسي

قاسم حداد قد يستدعينا واقع الاحتدام والتحاجز بين الثقافي والسياسي، إلى إعمال الجهد العميق لإخراج أحدهما من الآخر، أو بالأحرى تحريرهما من سلطات لم تزل تفتك بهما مدعومة من شأن ثالث هو الشأن الاجتماعي، بوهم عدم فعاليتهما بمعزل عن سلطة الآخر وشرطه. ٭ ٭ ٭ ليس القول بالحق في صياغة الواقع هو شأن سياس


الانضمام إلى جوقة الفرح في صيف 2007

حسن أكرم لكلّ عراقي قصتهُ وذكرياته الخاصة حول الاحتفالات المرافقة لفوز العراق في "بطولة كأس آسيا" عام 2007، ولي قصتي أنا أيضاً. كنّا نتابع المباريات في شقّة أقارب لنا في البصرة، تُطلُّ على منطقة العباسية، وبعدما انتهت مباراة نصف النهائي لصالح العراق ضدّ كوريا الجنوبية، سمعنا أصوات الطبول تضرب من


بياني الشعري

باسم المرعبي إن استطعتَ أن لا تنشر الشِّعر، فافعل! الإيمان بالشعر وتهيّبه، يحتّم سرّيته. للشاعر أن يجعل الشعر في حلقات مثل حلقات الصوفية، مقتصراً على «العارفين» فقط. وعلى من يُريد الدخول إلى «صومعة» الشعر، مستمعاً/ قارئاً، أن يخضع لاختبار باطني عميق، يكشف عن صفوه وصفائه ل


غرفة 13

أنس أبو سمحان الرابع من حزيران للعام المئة على التوالي. فارغة من الداخل. عادة ما ينتهي بي المطاف فارغة بعد كل مرّة. الشهر الماضي كانت في داخلي فتاة، ولكنها تمكنت من الهرب بعيدًا وبسرعة قبل أن أضع يدي عليها وقبل أن أفتح معها الحوار. يظهر أن أحدهم قد حذّرها من البقاء.  عُمري الآن أكثر من مئة


بث مباشر

إبراهيم الزيدي كان العالم كبيراً، وكنت أعتقد أنني ضائع فيه. علماً أن عالمي آنذاك لم يتعدّ مساحة بيتنا، وأزقة حارتنا؛ وعرصاتها. وحين اقتادني أخي الأكبر إلى المدرسة، ليسجلني طالباً مستمعاً فيها، اكتشفت أنه ثمة شوارع وأبنية أخرى في بلدتي الصغيرة في الواقع، الكبيرة في عينيّ. وتتالت الأيام؛ وتعاقبت ال


مسجون داخل صندوق النقد الدولي

حسن أكرم أنا في الخمسين الآن، ما زلتُ أُواظب على الاستيقاظ صباحاً، ولطالما خسرت ترف شرب القهوة على مهل، أو انتظار البيض المقلي ليأخذ وقته الكامل في الطهي. وطالما نسيت، بسبب عجلتي، أن أُضيف الفلفل الأسود إليه. وليس لي أيضاً ترَف أن أشكو أو أن أبكي لأحد، ليس لي حائط لأستند إليه، ظهري للهواء، وجسدي


عندما أجاب الحائط

عمر زكريا أنهى حليم فنجان قهوته المُرّة جدًّا مع نفحة التبغ اللتين ارتشفهما على شُرفة مقهى يُمنع التدخين داخله، في مساء ذي برودة لطيفة، من تلك المساءات التي صرعت الأدب والفن برومانسيات فصل الشتاء. دخل لكي يُعيد الفنجان إلى النادلة التي صنعته له على أمل أن يحصل منها على ابتسامة شكرٍ عابرة. وضع ال








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي