أين تتجه حسابات ترامب.. لـ "نوبل" أم ضرب إيران؟   
2025-01-25
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

الجمعة الماضي، في احتفال مغطى إعلامياً جرى قبل ثلاثة أيام من خطاب تنصيب الرئيس ترامب، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، على اتفاق “شراكة استراتيجية شاملة”. التصريحات الاحتفالية تحدثت عن تعاون في جميع المجالات الأمنية والاقتصادية والثقافية لعشرات السنين، إضافة إلى احتمالية التمديد، وعن “فتح صفحة جديدة للتعاون الاستراتيجي بين الدولتين”، حسب قول بزشكيان.

الـ 47 بنداً التي تضمنها الاتفاق ونشرت في مواقع إخبارية إيرانية، تتوقع زيادة كبيرة في حجم التجارة بين الدولتين، التي تقدر الآن بـ 4.5 مليار دولار في السنة، مقارنة مع حجم التجارة بين روسيا وتركيا البالغ 57 مليار دولار في السنة، واستثمارات لروسيا في إيران بالمليارات، ومناورات عسكرية مشتركة وزيارات لسفن حربية روسية في موانئ إيران. يبدو أن اتفاق التعاون هذا الذي يستبدل اتفاقاً سابقاً، قبل عشرين سنة، يستهدف إعطاء إيران دعماً عسكرياً وسياسياً، ويشكل تعويضاً عن الضربات التي تعرضت لها طوال حرب إسرائيل في غزة ولبنان، وفقدان السيطرة في لبنان وسوريا، وبالأساس وضع سور ردع ضد سياسة متوقعة لترامب ضد إيران.

لكن بنداً رئيسياً واحداً في الاتفاق يضع علامة استفهام حول الأهمية الاستراتيجية الفعلية. إيران وروسيا لن تساعدا أي دولة أو دول تهاجم أي واحدة منهما. والبند لا ينص على أن إيران أو روسيا ملزمة بأن تدافع إحداهما عن الأخرى ومهاجمة من يهاجمهما، بل ستمتنع عن مساعدة الدول المعتدية. هذا مقابل المبدأ الذي يقف في مركز عضوية الناتو، بروحية “الواحد من أجل الجميع، والجميع من أجل الواحد”؛ أي الالتزام المشترك لكل أعضاء المنظمة بالدفاع عن بعضهم بعضاً، وعند الحاجة أيضاً مهاجمة أي دولة أو جهة تهاجم أي عضو في الناتو.

الضعف الاستراتيجي للاتفاق الجديد بين روسيا وإيران كما تم التعبير عن ذلك في البند المذكور، لم يغب عن عين محلل الصحيفة الإيرانية “الجمهورية الإسلامية”، وكتب: “إن قراءة البنود الأساسية في الاتفاق تظهر أن هذا الاتفاق مع روسيا، التي أظهرت من قبل بأنها لا تتمسك بالاتفاقات والمواثيق التي توقع عليها، أكثر مما هو خطوة فعلية، هي عملية دعاية، وربما أنها حيوية في الظروف القائمة في المنطقة والعالم”.

الانتقاد العام والسياسي في إيران للاتفاق، وفي روسيا بشكل عام، غير جديد. قبل سنتين، عندما بدأت النقاشات حول مسودة الاتفاق الذي تأخر التوقيع عليه، انتقد أعضاء البرلمان الإيراني الحكومة بأنها “تبيع” إيران لروسيا وتمنحها تسهيلات بعيدة المدى بدون مقابل مناسب. في حينه، أشار أعضاء البرلمان إلى أن روسيا لم تستثمر كما تعهدت في تطوير حقول الغاز في إيران، وأن الخطة المشتركة للانفصال عن الدولار بقيت على الورق، وأن روسيا أيدت موقف الإمارات في قضية الملكية على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في الخليج الفارسي، وأن إيران تم إقصاؤها من سوريا، وأن موسكو أعطت إسرائيل “مجالاً جوياً حراً” للعمل ضد أهداف إيرانية هناك.

“كيف يمكن القول بأن روسيا شريكة استراتيجية لإيران في المنطقة وفي العالم، في الوقت الذي ورطتنا هي نفسها في حرب في أوكرانيا وأبقت سوريا للولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب اتفاقاتها المريحة مع إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا؟”، تساءلت الصحيفة. ليس لإيران الآن شبكة أمان من الكرملين. أما الصين، التي وقعت أيضاً على اتفاق تعاون اقتصادي مع إيران بمليارات الدولارات، لكنه لم يطبق بشكل مقنع حتى الآن، فهي غير ملزمة بالدفاع عن إيران بشكل فعال. وفي الوقت الذي يتم فيه تفكيك “حلقة النار”، يبدو على الأقل في إسرائيل، بأن الطريق ممهدة لهجوم واسع على المنشآت النووية الإيرانية، لا سيما بعد أن تم استبدال الرئيس الأمريكي بايدن، “الحلقة الضعيفة” بنبي الغضب وعديم الكوابح ترامب.

مع ذلك، العلامات الأولية التي يضعها ترامب في واجهة عرضه السياسي فيما يتعلق بإيران، ربما تخيب أمل من استل طبول الحرب ضد إيران وينتظر مصادقة من البيت الأبيض. أول أمس، قرر ترامب إقالة بريان هوك، الذي كان مبعوثه الخاص لشؤون إيران في ولايته الأولى، لأنه “لا يتساوق مع حلم إعادة أمريكا إلى عظمتها”.

غير واضح من أي وظيفة تمت إقالة هوك، ولكنه اعتبر صقراً متشدداً في شؤون إيران، ووقف خلف سياسة “أقصى قدر من الضغط” التي اتبعها ترامب ضد إيران. وعين ترامب وبدلاً منه مايكل ديمينو، الذي كان شخصاً رفيعاً في البنتاغون في ولايته الأولى، ومحللاً في الـ سي.آي.ايه – في منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، وسيكون المسؤول عن رسم سياسة البنتاغون أمام إيران.

أبعدت طهران معظم مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية، وجمدت نقل صور الرقابة، وزادت عدد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وزادت إنتاج اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة. حسب سكرتير عام الوكالة الدولية للطاقة النووية رفائيل غروسي، يمكنها الآن إنتاج 34 كغم من اليورانيوم المخصب بهذا المستوى كل شهر. إيران حتى الآن تتفاوض مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا، التي وقعت على الاتفاق النووي الأصلي، من أجل التوصل إلى تفاهمات جديدة، حتى قبل أن يعيد ترامب العقوبات الدولية التي فرضت عليها والتي رفعت عقب توقيعها على الاتفاق النووي.

وألمحت إيران أيضاً إلى أنها مستعدة للتفاوض مع إدارة ترامب إذا “منحت الاحترام المناسب لاحتياجات وطلبات إيران”. في حكومة بزشكيان الآن شخصان رفيعان هما نائب الرئيس جواد ظريف ووزير الخارجية عباس عراقجي، اللذان تفاوضا باسمها في الاتفاق النووي الأصلي. إن مصادقة خامنئي على تعيينهما، فسره إيرانيون بإعلان نوايا، وهو نفسه قضى بأن ليس هناك ما يمنع القيام بخطوات دبلوماسية مع الأعداء. الآن، ليس أمامنا سوى رؤية اتجاه ترامب، هل يرى فرصة للهجوم على إيران كما تطمح إسرائيل، أم هي فرصة للقيام بعملية دبلوماسية تمنحه جائزة نوبل.

 

تسفي برئيل

 هآرتس 24/1/2025ـش



مقالات أخرى للكاتب

  • للإسرائيليين: هل رأيتم كيف ملأ رجال حماس ساحة السرايا بـ"التويوتا البيضاء" والزي المكوي؟  
  • تذكير لنتنياهو: إدارة ترامب الجديدة ليست عادية.. وويتكوف: لو أفشلتم الصفقة لزرت غزة  
  • من يدخل الآخر في "نوع من الشعب المرجانية".. ترامب أم نتنياهو؟  






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي