حوار معي - غازي الذيبة

أتذكر حوارا قدمه ميلان كونديرا؛ التشيكي، صاحب كائن لا تحتمل خفته، مع نفسه.. ذاك كان في زمن لا تتداعى فيه الاشياء، بل ترقص التانغو. كنت استل الكتب، والتهمها بجوع معرفي، جعلني الى اليوم بمعدة فارغة.أحببت الحوار مع الذات، أحببت الفكرة، التهمتها برمشة عين، وأوقدت تحتها كاز الرغبة في ان أبتلى بها ذات نزق


ديك الطقس

حسن ناصر شعرت بوخزة في صدري وخالجني شعور بالرعب. استيقظت مبكرا قبل طلوع النهار مشوّشا بأضغاث حيرة ممزوجة بالتسليم خلّفتها أحلام ليلة عاصفة. رياح كادت أن تقتلع الأشجار من مكانها أو هكذا خُيّل إليَّ وأنا في فراشي أحدق في سقف غامض ومصباح مطفأ. لعل هدير الرياح المخيف طوال الليل هو ما أجّج الفتيل في ق


كان للزهرة عقل وللمرأة شمس

حمزة كوتي لا أحد يعرف من أين جاءت هذه الفتاة إلى بلدة البلّور؛ عزَفَ لها الجنُّ ورقصت في ساحة مستديرة تحت القمر. قال فتى من حديقة التفّاح إنه سليلُ تلك الفتاة الجميلة؛ جاءت في ليلة مقمرة على سِجّادٍ من قصّة للأطفال. ■ هنا طاولة. هنا نافذة. من أنت؟ أنا جسد المرآة. فلنتحدّث عن زمن الحصاد. هناك من


أسطورتي الأولى

علي جعفر العلّاق  (1) لا أكفّ عن تذكر تلك القرية بمتعةٍ طفولية: بساطةٌ أقربُ إلى الفقر، وتفاصيلُ عصية على النسيان. ابتعدَ بها الزمن، أو ابتعدتْ به، حدّ الانخراط في نقطةٍ سديميةٍ لا عودة منها. لكنّ خيطاً خرافياً، دافئاً ونحيلاً، ما زال يمتد بيني وبين أكواخها الطينية الصابرة. تماماً كما كانت


الحرية لحظة اللغة

قاسم حداد ليست اللغة عبدة القراءة ولا صخرة الجبل، إنها سيدة الكتابة، كلما تسنى لها فضاءً حراً في المخيلة. حرة في الشك وقائدة في البحث. ثمة المخيلة التي تجعل اللغة وهجاً يضيء، لا نجماً يلهب يسقط، ففي اللغة من الروح ما يمنح الكلام معنى يقصر عنه العقل والذهن المتوقد. اللغة نَمِرةٌ غير قابلة للترويض


لم يكن سريرا…

نازك بدير حافته بيضاء، ترتفع عالية كشاهدة قبر. يمتد أمامك على كامل مساحة الغرفة، وكأنه مقبرة مفتوحة لمئات النساء. صنعه من طين، وحجارة. لعلك ستعثر تحت كل حجر على حشرجةٍ مخنوقةٍ لفتاة قاصر. وفي تربتِه الرطبة، آهاتٌ طُمِرَت من قبل أن تولد. ترتقي إليه بدرجٍ رخامي صغير. لم يكن سريرا، بل مذبحا ينحر علي


سَفرٌ إلى الوراء

مصعب أبو توهة أخيراً حصلتُ على "تصريح" بالذهاب إلى القدس غداً. لقد حجزتُ موعد مقابلة التأشيرة منذ أكثر من شهر. رغم أنّ اليوم الثلاثاء، أعني منتصف الأسبوع، إلّا أنّ شاطئ البحر يكتظّ بالمُصطافين، معظمهم خرجوا في رحلاتٍ عائلية، كالمعتاد. حاولت السباحةَ قبل الغروب بساعة رفقة أصدقائي، إلّا أنّ قاع ال


إلى صديقة دمشقية: أمل دنقل يبكي سوريا شعراً

مروة صلاح متولي في ديوان أمل دنقل يطالع القارئ قصيدة بعنوان «إلى صديقة دمشقية» ألّفها الشاعر سنة 1966، ربما من وحي حادثة من الحوادث التي وقعت في سوريا آنذاك. لكنها كشعر خالص يستوفي جميع شروطه الفنية والجمالية، لا مجرد تعليق موزون على الأحداث، لا تزال صالحة للحياة إلى اليوم، ويجد فيها


حافِلة

أنس أبو سمحان الأصوات عَديدة في داخلي. أحاول السيطرةَ عليها قدر المُستطاع، ولكنّها دائمًا تهرب مني. أشعر بالصفاء التام في لحظات مُعيّنة، ولكنّ لحظات الضجيج تسود في الغالب. هربتُ من غرفتي الصغيرة، وقرّرت لأوّل مرّة أن أركب الحافلة في اتّجاهٍ لا أعرفه بعد. المَدينة كبيرة، ولم أستكشف منها إلّا القلي


عُمرٌ معه

وصال مطر انتهت رحلتك أيّها الأسعد مادّياً قبل عام، ولكنّها لم تنته فكرياً، لذا ستظلُّ موجوداً مع مَن أحبُّوك وأحبّوا فكرك. وستظلّ كتاباتك الرفيعة واشتغالاتُك علامةً فارقة، في مشهد الأدب الفلسطيني والعربي، أيّها الكاتب والشاعر والمفكّر، ويا رفيق العُمر الفريد المتميّز. رحلتَ شابّاً صاحبَ نفسية جم


الأدب في موكب مواقع التواصل

  مثل سقوط نيزك على الارض ادت مواقع التواصل الاجتماعي الى تخريب بينة الأدب من شعر وقصة ورواية ونقد. الادب كان محصورا قبل النشر بمحررين يراجعون المادة ويصححونها والخ من مستلزمات تحويل المادة الى نص صالح للقراء ونشره سواء في الصحف الورقية او طبعه في كتب. لكن نيزك مواقع التواصل الاجتماعي الذي س


محمد علي شمس الشعر

قاسم حداد تعرفت على الشاعر محمد علي شمس الدين، في الملتقى الأول للشعر العربي في بيروت عام 1970. وبعدها تتالت اللقاءات في السنوات التالية في لبنان وخارجه. أتذكر، في قطر ذات لقاء شعري، سألته عن تبجيله المباشر لشخصية دينية مشهورة، قال لي «هذا خياري أدركه وأعنيه» فاحترمتُ خيارَه، فقد كان


على مسارح الذاكرة

نازك بدير لا أذكر لون البحر في تلك الّليلة، ولا لون السماء. ما يحزّ في ذاكرتي، ويقلّص الدوائر من حولي، هي الأصوات التي احتجزتني، ولا تزال طبولها تصدح في النقطة الأبعد من رأسي، حيث أحاول مرّات ومرّات أن أختلي مع نفسي. وفي كلّ اختبار، تنقضّ المحمولات التي أعمل على عقلنتها، وتجاوزها. لكن، حتى هذه ال


يومَ خَلَقتُ ولادتي

هدى سليم المحيثاوي ولادتي الطبيعية كانت في 23/1/1985، أمَا اليوم وبعد أن عُشت ثلاثة وثلاثين عاماً حياةَ غيري، أُعلِنُ ولادة حياتي الاختيارية، بمقاييسي وفكري ومبادئي، بعيداً عن أفكار القبيلة أو القَبلِية، حيث قضيتُ الثلاث السنوات الأخيرة في رحلة عبورٍ، سلختُ فيها كل ما التصق بجسدي من ألبسةٍ، منعت


أمام الصفحة البيضاء.. عندما تدخل في ليل العدم

خالد النجار أنتَ ككاتب لا بدّ أنكَ اصطدمتَ يوماً بذاكَ القلقِ المُرعِب أمام الصفحة البيضاء. أجل مُرعبٌ لأنك، ومنذ البدء وكأيِّ كاتبٍ حقيقيّ، جعلتَ الكتابة أساسَ وجودك، انتفاءُ الكتابة هو انتفاءُ وجودِك. هكذا فالكتابة لديك ليست مجرّد هواية، أو فعل خارجي نافل؛ إنّها سبب ومبرّر وجودك، وبغيابها تشعر


«يا مين يعيش»

د. ابتهال الخطيب شوارع القاهرة قصة أخرى أود أن أحكي لكم عنها. تركت إسطنبول قبل أيام متجهة للقاهرة في زيارة، السبب المعلن منها هو حضور حفل زفاف ابن أعز صديقاتي وأختي التي لم تلدها أمي، أما السبب غير المعلن فهو طبعاً أشواقي وحنيني للأصوات والروائح والحركات والإيقاعات، تلك الخاصة بالشارع المصري والت


النَّفق

راضية تومي يقولون لها: "أنت لستِ امرأة"... وهي تعرف معنى ذلك، بل تعرف أكثر من ذلك، فهي لم تعدِ امرأةً منذ زمن طويل، ولأنّها لم تعد امرأة، أصبحت كثيراً من الأشياء ويمكن أن تصبح أشياءَ أُخرى الآن أو في المستقبل. لكنّها تعرف أنّها بلا مستقبل وبلا غدٍ، وأنّ هاتين الكلمتين قد فرغتا بالنسبة إليها من نُ


خريف وظل حرف

مريم الشكيلية*   منذ أن عدت من ذاك السهل الخريفي الممطر وأنا أشعر بترف الشعور وكأنني أرتشف الكتابة على مهل وبضجر متعمد منذ أن وصلت إلى أول السطر وأنا أحاول أن أنسج نصاً على ناصية ثوب أبيض وأرتديه كشال حريري كأنني أفرغت آخر قطرة حبر على ذاك الرصيف المبلل وتركت نفسي أسبح فوق سطح غيمة لا حدو








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي