الوحوش في السودان

2023-07-14

 قاسم حداد

نيتشة يحذر الواقفين وراء الوحوش من التحول إلى وحوش هم أيضاً.

٭ ٭ ٭

ما يحدث في السودان، نموذج صارخ لما يفعله الحاكم العربي في شعبه، بلا هوادة. فالصراع على السلطة الذي يؤديه المتحاربون هناك، يوضح ببشاعة أن الذين وعدوا الناس بالتخلص من الحكم السابق، إنما هم يرثونه في الطبيعة والحلم، لأن عيونهم على السلطة ذاتها وأيديهم على السلاح نفسه، وهم ادخروا أصحاب الحكم ليثبتوا لهم الإخلاص، ليس للحكم وشكله فحسب، إنما للفتك المتواصل بالشعب وأحلامه.

٭ ٭ ٭

بهذا الشكل نريد أن نرى ما يحدث في السودان، فجميع (البيض) الذين يقفون على مبعدة مما يحدث هناك، (يتركون السودان وحده بسحبهم ممثلياتهم من البلد) فأياً كان حكم السودان المقبل، ما دام عسكرياً، فهو مكروه ولا يستقيم مع الشعوب التي تنزع إلى مدنية الدولة وحكمها.

٭ ٭ ٭

ينبغي أن نشير الى أن الهجاء الذي دبّجه أدباء السودان منذ الشاعر محمد صالح (كجراي) حتى مأمون التلّب، مروراً بالطيب صالح والفيتوري، وغيرهم كثيرون، يظل أدباً فعالاً ومسموعاً ومعبراً ضد العسكر، في ما ينتقم من التاريخ الإنساني. فالوحوش الذين يقتلون الشعب في السودان سوف يتصدى لهم الأدب هناك .

٭ ٭ ٭

والذين يتركون الشعب السوداني وحده، يخشون التكشف الذي يفضي إلى حكم لن يعجب الحاكم العربي، وربما أدى إلى تحرر من الحاكم الأجنبي بوصفه القوى العالمية التي تستعد للقفز على ثروات السودان الظاهرة والكامنة. الحكم العربي يرى نفسه ومصيره ماثلاً في ما يحدث من اقتتال في السودان، لكنه لا يأخذ الدرس مأخذ الجد، ولا يتعظ. ولا أشعر بأنه يدرك الفصل التالي من العرض.

٭ ٭ ٭

تلك الثروات التي ينطوي عليها بلد مثل السودان، من شأنه أن يجعل السودان سواد العرب بلا جدال، والقوى/ السلطات/ المؤسسات / الحكومات العربية والعالمية، إنما هي تستنفر وراء تلك القوى المتحاربة في السودان، رغبة في العمل على استنزاف تلك الثروات لتشغيل أموالها استغلالاً لخيرات السودان، ليس لتلبية حاجات العرب، لكن لمراكمة الأموال واغتصاب ما يمكن اغتصابه من الثروات العربية.

٭ ٭ ٭

ثمة المال والجشع يستعدان لممارسة النهب العالمي لثروات السودان، ومعه الثروات العربية. إنها الحكاية ذاتها منذ ان وقف شخصٌ على أرضٍ وقال هذه الأرض لي، حيث بدأ الاستعمار وامتلاك أراضي الغير واغتصابها. ذلك كان المشروع الاستعماري والاستحواذ على الملكيات العامة من قبل الأفراد. فكرة الأفراد في هذه الحالة تنطبق على قوى العالم وحكوماتها.

٭ ٭ ٭

ما نأمله الآن فقط هو إيقاف الحرب! ليس لإنقاذ الشعب في السودان من أتون الحرب وخسارة الأرواح فحسب، لكن لمحاولة تفادي الحروب المنتظرة، التي يعدها الحاكم العربي ضد شعوبه في الأقطار الأخرى.

٭ ٭ ٭

الوحشية المتمثلة في جنرالات الحرب في السودان، من شأنها أن تحوّل من يحرسها، أو يدعمها، إلى وحش هو الآخر. فمن يدعم الوحش يصير وحشاً أكثر منه، مثل المحمي على النار أكثر من النار.

شاعر من البحرين








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي