حاتم الصكَر
الخيال اهم من المعرفة
أنشتاين
1- المعتزل الأبدي
نازلا من كركوك لبغداد ثم المنافي المتتابعة التي يختارها أو يجد نفسه فيها.كان صلاح فائق(1945-) في ذلك كله يشتق من الأمكنة والأزمنة المسقَطة عليها
عيّناتٍ كتابيةً ، تندمج ببرنامج المعاصرة والحداثة التي يراها تتمثُل في الحرية الأسلوبية وحرية المخيلة، وتجاوز النمطية في الكتابة الشعرية. وهي مقاصد جماعة كركوك التي ينتمي صلاح فائق إلى الجيل الثاني منها، الأكثر ارتباطاً بالتحديث كمهمة شعرية واجبة وضرورية.. جيل كان يحاول بعبارات صلاح( الوصول إلى صيغة مستقلة للتعبير عن الهم الشخصي والبحث عن ممالك الخيال)(1).،لكن تلك المحاولات ممزوجة بالمشغّلات السياسية والأحداث المفصلية التي هزت سلام العراق واستقرار حياته ، عادت عليهم والجماعة كلها بالتهميش والتشرد .لقد ارتضى إحدى جزر الفليبين القصيّة والمنعزلة وقليلة السكان ،ملاذاً،بعد سنوات في بيروت ودمشق، لم يغادرها إلا بعد سنوات لمنفى راهن هو بريطانيا.
ولا يبدو لي صلاح فائق إلا بهيئة المعتزل الأبدي الذي ارتضى الوحدة والبعد عن كل أضواء: حقيقية في الحياة أو مجازية في الشعر وسواه.ولعل ملاحظة فاضل العزاوي زميله في جماعة كركوك ،عن أول انطباع تكوَّن لديه عند مقابلته يعضد هذه الفكرة عن وجوده صامتاً وحزيناً في جلسات الأصدقاء ، فقد أطلقوا عليه لقب مالك الحزين) الذي يداعبونه به.(2)
إن موقف الصمت والحزن يمثل المرجل الذي نضجت بناره تجربتُه الشعرية، وإنصاتُه للأشياء في العالم من حوله، واختزان المرائي والمشاهد في ذاكرة تعمل بطاقة الخيال الشعري. وأتاحت له العكوف على تطوير كتابته الشعرية وإغنائها بالقراءاءات، والمعايشة الثقافية العميقة.
وسيكون في خط سير حياته ما يسند تلك العزلة المضيئة.سيقضي بعد خروجه من العراق سنواتٍ متنقلاً بين أكثر من مدينة ليستقر في جزيرة سيبو الفليبينية الصغيرة.يتطابق هنا المزاج الشخصي والمزاج الشعري.فالشاعر المتنازل عن الظهور والإعلام والخوض في المعارك العابرة والكمائن اللا شعرية ،سيجد نفسه هناك في نوم طويل كما يقول ، ويمجّد تلك العزلة في قصائد كثيرة.
ولقد اكتسب صلاح فائق من المرجعية السريالية سماتٍ ميّزت شعره بين الجماعة وكتّاب قصيدة النثر عموماً ، وسنأتي إليها لاحقاً.
ولما كان تواصله المرجعي في المرحلة الثانية من شعره مع السريالية، فإنه يعد دواوينه الأولى مليئة بالكوابيس ،مفتقرة إلى ما تميزت به قصائد فترة الكتابة في بريطانيا.واتصاله بالتجمعات السريالية، حيث التقى بأعضائها بانتظام، ووقَّع بيانات وأسهم في عمل روائي مشترك معهم ، والانتقال إلى الاهتمام بما يسميه المفارقة المحببة، الصورة الشعرية غير المعقدة ،وحتى الطرافة، وقصصاً غير متوقعة(3).
ظاهرياً يبدو صلاح فائق زاهداً بالتوصيل وقراءة الآخرين له( قال في ندوة متحدياً سيدة سألته لمن تقرأ قصائدك في زاوية قصيّة من العالم:( أقرأ قصائدي على كلبي ).
ويخبر محاوره اسكندر حبش أن الكتابة نوع من الحوار مع النفس، قبل أن تكون اقتراحاً للمواصلة مع القارئ.(4)
تتجلى الوحدة أيضاً في الزهد بالبلاغة، وبالظهور في دعوات أو جوائز ومسابقات. وتنعكس جمالياً وموضوعاتياً في إدراج قصيدته في وجود يومي حافل رغم العزلة، بالمفردات الممكنة للتحول إلى قصائد مشذّرة أو مقطّعة أو مختزلة بكثافة، لاسيما في الفترة الأخيرة من ممارسة الكتابة أوإعادة بعض النصوص بشكل يومي من خلال صفحته في الفيسبوك. إنه يتوجه إلى قراء لا يعرف أغلبهم . ويطلق نصوصه في فضاء قراءة شاسع وغامض، لا يريد له أن يتعينً مادياً ملموساً ،فيغدو عبئاً على عزلته.
أسلوبياً سوف تتجسد تلك العزلة بمزايا ومظاهر فنية وجمالية في نصوصه أيضاً.لعل أبرزها استغناؤه التام عن وضع عناوين لنصوصه.والاكتفاء برشقات أو شذرات متتابعة ينتظمها وجودها الخطّي على الصفحة فقط.وتتخذ كل منها طريقاً يقود إلى الدلالة ذاتها غالبا.مساخرة خفية وجارحة مع العالم ومفرداته.ومع الوجود والحياة.
حين نشر كراسة شعرية صغيرة بعنوان (كتابة) جعل لها عتبةَ توطئةٍ موجهة للقارئ.تقول(ترقيم المقاطع في هذه المجموعة، هدفُه تسهيل القراءة لا أكثر).(5)
فهذه السلسلة من الجمل الشعرية تنتظمها أرقام بدلاً عن العناوين من 1 إلى 15.كما تفصل بين مقاطع كل فصل مرقَّم نجمة ،تعلن انتهاء الجملة الشعرية التي تعمذد الشاعر إيجازها في سطر شعري واحد أحياناً. وصاغ بعض فقراتها ومقاطعها باقتصاد شديد، حتى أن بعضها يبدو أخباراً ومصادفاتٍ ولُقى يومية ، يصرح الشاعر بحرصه عليها لأنها ترتفع عن مرجعها الرث أو العادي بنظمها وانضمامها لسياق المجموعة ؛ منها :(لأني منفي.هذا ليس شعوري.الآخرون لا يسمحون لي أن أتلاءم أو أتآلف مع البلد الذي أقيم فيه). و( قليلة الأغاني العربية التي تخلو من مازوخية رهيبة).(6)
إن اصطفاف جملٍ نثرية خبرية مباشرة أو إخبارية بالمعنى، يدلّ على تجسيد صلاح فائق لمفهوم الكتابة.هي مطلق لا تحدّه أوصاف أو قواعد.لا منطق في النصوص أو حقائق.لكنها تنفتح نصياً بأريحية لمثل هذه الأخبارعن الذات ،لاسيما وهي مدرجة في السياق الكبير للمجموعة..وهذا مطلب حداثي يلخَّص بهدم الحدود بين الأجناس والأنواع الفنية والأدبية.
سنضطر لتأكيد اسنتاجنا للإشارة إلى التفسير الذي يحمله العنوان الجانبي أوالثانوي الطويل لمجموعة( كتابة) الذي تنضَّد بالشكل الآتي:
كتابة
- محاولات للعثور على الشعر والشعرية في الحياة اليومية،الذاكرة،والنشاطات الغامضة والمريبة، لكن المبهجة، للمخيال.
إن هذا الإعلان يفسر تنوع النصوص صياغة ودلالات، وانغماسها في المهمة التي تنوعت :بين شعر مختبئ في الحياة اليومية، وفي الذاكرة، ونشاطات المخيال حث تكمن الصور والصياغات الغامضة والمريبة لكنْ المبهجة للشاعر ومتلقيه بالضرورة.
يلجأ صلاح للصدمة والمفارقة.وأحياناً للسخرية..في مقطع يلاطف شعرَ الهايكو الذي ّانقضَّ عليه الشعراء العرب بغزارة ونهَم أيضاً.فيقول:
قصيدة الهايكو العربية حساء ياباني
مع توابل عربية.( 7 )
لا منفذ لقراءة هذه الومضة إلا بِهدْي الاحتراز في العنوان الجانبي للمجموعة:بأن هذه كتابة تهدف إلى العثور على الشعري والشعرية في توليفة متفرقة المواد،.وهذه المرة في القراءة النقدية ،وبسْط وجهة نظر الشاعر في هذا الشكل الشعري الياباني الجذور، بعد تعريبه .
لكن نصوص صلاح تسجيب لضرورات التواصل ،فتميل للتكثيف والتركيز اللغوي والقِصر من حيث البناء الفني ،بينما تستريح للهمّ اليومي مادة لموضوعاتها ومضامينها . دوما يجد صلاح فائق نقاط انبثاق نصه من ملاحظة يومية ،سرعان ما يخلق لها سقفاً تخييلياً غرائبياً، ينطوي على مفارقة تجسّد نوعاً من مماحكة الحياة والتأمل في مغزاها ومصائرها ،عبرتلك الموتيفات المركّبة من كِسر أو نتَف يومية ممزوجة بفانتازيا يصنعها خياله الشعري.
يحافظ صلاح فائق بذلك على تلك الخصوصية المميزة له بين كتاب قصيدة النثر لاسيما بين شعراء جيله المبكر في تلك الكتابة. ويلبي متطلبات النص السريالي والكتابة بدافع الحلم والإيهام والتخيل التي دعا لها السرياليون في تفوهاتهم
ونصوصهم ، ولكن بشيء من الخصوصية التي ميزت جماعة كركوك ،كما اصطلح النقد الشعري العراقي على تسميتهم: وطريقتهم في تكوين بنية شعرية تتلازم جزئياتها وصورها ؛ لتحقق برنامجها الطليعي باختراقات لغوية وصورية ، وفكر متجاوز لواقعه المدان والمرفوض.. والانفتاح على التجارب الشعرية الإنسانية واللحاق بالموجات الرافضة للسائد: فلا يمكن قراءة كثير من شعر الجماعة (لاسيما سركون بولص وفاضل العزاوي وجان دمو) دون استذكار السريالية و شعاراتها ومصادرها. و كمرجع آخر نلاحظ أن الجميع التاذوا بالمغترَب مبكرا، وظلوا يزاوجون الرؤى المحلية المجسدة بحضارة وادي الرافدين ونصوصه القديمة ،وبين أحداث عاصفة تمزق الوطن وتشظي وجوده وكيانه ومستقبله ،مقرونا –أي ذلك الاستذكار- بمفردات ومشاهد الأرض الغريبة التي وجدوا أنفسهم عليها مرغمين ثم طائعين..
2 - المؤثر فوق الواقعي
ليس مهماً أن تكتب شعرا.عليك أن تخلق قصيدة.
في الشعر ثرثرة كثيرة
صلاح فائق- كتابة
عمدتُ في عنونة هذه الفقرات من دراستي على تسمية السريالية بترجمتها العربية الشائعة والمستخدمة لتقريب المفهوم . ولبيان ما هو سريالي النزعة في شعر صلاح فائق.
أما الاقتباس الشعري من صلاح فائق الممهَّد به للفقرات، فهو لا يقدم رغبة طارئة أو شطحة خيالية من الشاعر.لقد تمنى ،أو أعلن عن إرادته في أن يكتب قصيدة دون شعر.إنه يعيدنا إلى ما أسماه ميشيل ساندرا (مقترحات السرياليين في إذابة مفهوم القصيدة على نحو جذري، حيث تجنب السرياليون الاقتراب من مفهوم القصيدة بتنوع المواد القابلة للدخول في الصياغة الشعرية..الأمثال والعناوين واللعب اللغوية وبقايا أحلام.. وأصبحت المماثلة الأداةَ الشعرية الوحيدة،كما يصرح أندريه بريتون.(????
وكان الهروب من الشعر للقصيدة وتحرير المخيلة وسيلتين لتعزيز ذلك المطلب/الأمنية.
وبذا يمكن ملاحظة أن صلاح فائق لا يعبأ بالمجازوالتزويقات والبلاغة المتهافتة والمكررة. ويهتم بالحلم وفضاء المخيلة والاستمداد من الذاكرة..أقانيم ثلاثة لا تخلو منها فكرةٌ ما عن السريالية. وأمرٌ لاحظه النقاد وهم يرصدون حركة الحداثة الشعرية من التقليد إلى التحول والاختراق.
إن مطلب صلاح فائق بكتابة (قصيدة دون شعر كثير) إنما يحيلنا إلى مقاربة تودوروف حول قصيدة النثر اتي عنوَنَها ( قصيدة النثر من دون البيت) وذكر فيها القصيدة دون نظم مثيلا للقصيدة دون البيت .فالنص لكي يكون شعريا يجب أن يبقى موجزاً . وتساءل ما عسى أن يكون ذلك؟.ليجيب :إن المكان الأمثل للبحث عن جواب ،هي قصيدة النثر(9).
يقول صلاح في أمنيته:
أحبُّ كتابة قصيدة دون شعر كثير
هذا يناقض خطّي الشعري
لكني سأحاوله لسبب لا أدركه بعد
هذا يشبه حملك سلة معبأة بعقارب
لتوزعها في المدينة وأنت بلا قفازين.(10)
كشاعر سريالي يمنح صلاح فائق تلك الأمنية( أحبُ) تداعيات صورية تنتجها مخيلته التي تعمل بأقصى طاقتها.ويكون على المتلقي أن ينقب في جوانب
القصيدة التي تنتمي إلى الخطاب الميتاشعري حيث تتحدث عن نفسها، ليعثر على دلالات مخبأة خلف التخييل.ولكن ما يبدو مجانياً وغريبا عن الأمنية في التداعيات ، حين يذهب الشاعر إلى المماثلة- طلب شيء موازٍ لرغبته تلك- ليس مجانياً في الواقع.إنه هاجس التوصيل الذي لا يصرح به الشاعر.
إن قصيدته المتمناة - المنزوعة من شِعرها الكثير من أجل عافية أكثر للقصيدة- ستقابَل على مستوى التلقي بهلع شبيه ما يحصل لمدية تستفيق على أفاعٍ موزعة في أنحائها، يقابلها رعب الشاعر نفسه مغامراً بحمل سلة العقارب دون قفازين. ويداه اللتان تنسجان الأمنية تلك هما بلا قفازين يدرءان رفض المتلقي لما يريده الشاعر.
أما (الشعر الكثير) الذي لا يريده في القصيدة ،فهو رفض للشعر المتكتل والفائض حتى يغرق القصيدة، حيث يطغى و يعلو زبَد الكلام الشعري بإيقاعاته وجمالياته الموسيقية المترهلة ،والمرادفات والصور المستهلكة والمستجيبة لمتطلبات الشعر كخطاب ، بينما تبحث القصيدة عن وجودها ،وتسن قوانينها التي تقدم التحول والتجاوز ، وتضع مفاهيم وقوانين جديدة لا يقبلها الجسم الشعري عادةً.
تفسر فرضياتنا تلك عادية الجمل الشعرية وبساطتها وسهولتها الممتنعة بالطبع.إنها تطمح للمماحكة ومساخرة مع الماثل والمهيمن المرفوض في الكتابة الشعرية.
ولكن ما وسائل صلاح فائق للوصول إلى تلك القصيدة المعافاة؟
إنه يزيد من كمية الصم والتحول في النص ولمباغتة الدلالية.ذخيرة تتدجج بها قصيدته.تستعين بالسرد، وتتوسل بالحلم والمخيال ،و وتبني من الإيهام تراكيب غريبة بالفهم المتداول للمعنى.لكن السياق دوما يرد ملفوظات القصدة إلى دلالاتها التي سيؤازرنا القارئ بقراءته التعرف علهيا، إن لم يكتف بالعيش في أجوائها.
3- مملكة الخيال
يمكن أن نعد الخيال وتمثلاته الصورية الممكنة، والهيئة أو الكيفية السردية التي تنقلها للمتلقي أحد أهم مفاتيح قراءة مغلقات قصاد صلاح فائق، كَسراً للشعرية التقليدية التي لا تلجأ للتمثل الخيالي ثم التمثيل الصوري، بل تذهب للتشبيه البعيد عن الشيء .وهو تشبيه يقارب الشيء بسواه ويتجاهل أصله .أما في التمثيل فيكون لكل شيء وجود مادي خارج وجوده المنظور، وجود شعري له مبرراته ومنطق علائقه الداخلية الخاصة في المنى الشعري.
في مجموعة صغيرة الحجم ينشر صلاح فائق 125 مقطعاً شعريا مرقمة دون عناوين.العنوان الوحيد هو للمجموعة على الغلاف: إنسولين.لن نبحث عن دلالة ما للعنوان.ثمة تأويل يربط مادة الإنسولين كعلاج لمرض سكر الدم. السطر الأول في المقطع الأول يحرّض على تبني هذا التأويل.لاسيما ومقاطع صلاح فائق تعود للذات دوماً ، للشاعر السارد بضمير المتكلم حصراً ،حتى تلك النصوص القليلة المهداة لآخرين فهي لا تخصّهم ولا تستحضرهم ،بقدر إبلاغهم بحالة قد تكون مشاركة لهم في الفكر والموقف . وهذا ما يرد في ذلك السطر الأول وما يليه من أإنسولين أي المستهل:
أبدو شاحباً ،ربما من الجوع أو السهر الطويل أحاول، حين أخرج من البيت،كي لا أنسى ذكرياتي عن نخلات أحببتها وما زلت.الشمس تميل إلى الغروب.تحدق فيّ لدقائق قبل أن تختفي.(11)
يلتقط القارئ هنا أكثر من إشارة: عزلة الشاعر والشحوب في الوجه الذي سيتوافق مع غروب الشمس التي كأنها أليف له ،تحدّق فيه قبل أن تختفي.وتختفي معها الومضة الشعرية وتنتهي. وثمة الذاكرة والحنين المسكوت عنه.رؤية أشجار جوز الهند الغريبة عن مخيلة العراقي ومشهديته.واستدعاء نخلات من الذاكرة لفظة تعمل بقوة للإشارة إلى العراق ( أحببتها ومازلت) ،فتعود الضمائر النحوية إلى االعراق والشاعر بالتاكيد . لاوقت لفائض استذكار وحنين .العبارة متوترة لكنها تكفي لسرد الغربة كلها لحظة وجود الذكرى عن الموطن الأول.
يستوقفنا في( إنسولين) تجنيس النوع الشعري في النصوص.إنها(قصائد) كما يشير العنوان الجانبي على الغلاف إلى صنف دمها المقترَح. قصائد تتشظى تحت أرقام وتستأنف الانشغالات ذاتها: تبدأ من تعريف عادي وصريح عن القصيدة، ثم تستطرد لصنع مفارقة بين لعبة أطفال وحوت جريح في القصيدة.سنلاحظ أن قصائده تسكنها حيوانات وتتمد في أرجائها كثيراً.تؤاخي صورة الحوت الجريح صورة أخرى: السكير يبكي في عتمة مدينة ، تبدو فارغة لكن أهلها يسمعون البكاء:
كتابة قصيدة بالنسبة لي لعبة أطفال
رغم وجود حوت جريح فيها
أو مشهد سكير يبكي في المدينة رعم أنها معتمة
الجميع يسمعونك بكل وضوح.(12)
إن الحوت الجريح في النص سيأخذنا إلى الفقرة التالية: الشعر البيولوجي.
ينوّه باشلار في كتابه عن لوتريامون بما يسميه الفعل البيولوجي في القصائد، مبتدئا بالتذكير بإدخال الحيوان في شعر لوتريامون الذي تفضله مخيلته النشطة، والقدرة على صنع التحول في كتاب الحيوان، تطويراً لوجود الكلب والحصان والسنطور مثلاً في مهمة وظيفية في ( أناشيد مالدرور)(13) .
إنها حيوانية قوية كما يكرر باشلار وصفَها بصدد عنف لوتريامون ،أو العقدة الدوكاسية ، نسبة إلى الاسم الحقيقي للوتريامون(إيزيدور دوكاس). وقد أحصى باشلار أصنافا ً من الحيوان اندرجت 185منها بالأفضلية العددية في ( أناشيد مالدرور).فاحتل الكلب الحصان، العنكبوت، والضفدع المرتبة الأولى.، معترفاً بأن الإحصائية الشكلية هذه لا تلقي إلا بضوء ضعيف على المشكلة اللوتريامونية ،وتؤدي للتغافل عن المركّب الدوكاسي الحياتي ، ولم يتم بث الديناميكية الكافية فيها(14).
وقد شجعتني تلك الملاحظة على عدم القيام بإحصاء شكلي لوجود الحيوان تراتبياً في قصائد صلاح فائق.لكنّ إقامته في جزيرة فليبينية لسنوات، سيهبنا طاقة إضافية للتأويل والبحث عن حضور الحوت مثلاُ في كثير من قصائد ه ،وفي بعض عناوين الديوانين الأولين قبل هَجرِه للعنونة، مثل قصيدة (في البدء كان التمساح).
ولقد أجرى صلاح تعديات بسطة لكنها دالّة على النص .
القصيدة كما في ديوانه ( مقاطع يومية):
في البدء كان التمساح
في البدء كان التمساح
.لم يكنْ مختبئاً في مستنقع
بل يطيرُ من شجرة الى شجرة
باحثا عن لقالق. .
كنتُ اراقبهُ , ابدي اعجابي به بتصفيقٍ وهتافات .
ادهشتني قفزاته الرشيقة
.فجاةً سقطَ وكسرَ ظهرهُ
وكان يبكي.
حملناه رفاقي وانا الى نهرٍ أسماكُهُ كثيرة،
فبقيَ هناك حتى الآن.(15)
سوف يعيد صلاح نشرهذه القصيدة في الثالث من آب- اغسطس2024 على صفحته في الفيسبوك. ولكن بهذه الطريقة:
في البدءِ كانَ التمساح .لم يكنْ مختبئاً في مستنقع بل يطيرُ من شجرة الى شجرة باحثا عن لقالق.
كنتُ اراقبهُ , أبدي إعجابي به بتصفيقٍ وهتافات . أدهشتني قفزاته الرشيقة .فجاةً سقطَ ذات مرة , كسرَ ظهرهُ وكان يبكي. حملناه رفاقي وأنا الى نهرٍ أسماكُهُ كثيرة، فبقيَ حتى الآن هناك.
لقد قام بحذف العنوان الذي كان : في (البدء كان التمساح). وتغيير هيئة الكتابة البيتية أو الجمل القصيرة المستقلة، لتصبح سطرية ، متصلة دون تشطير .واستبدل بعض التراكيب:( فجأة ذات مرة). أضاف لفظة تزمين (ذات مرة)غير موجود في نسخة (مقاطع )، ويعيد تركيب( فبقي هناك حتى الآن).فتصبح في نسخة الفيسبوك:(فبقي حتى الآن هناك) . بتقديم الزمن على المكان.ولهذا دلالته دون شك لتصوير وطأة الزمن على ذلك الحوت .وقد ترفَّق به وصوَّره جريحاً، لأنه الحيوان البحري الأقرب للشاعر.
ترد لدى لوتريامون عبارة استعطافية مماثلة: (حيث في الليل تتأوه التماسيح).لكن حوت صلاح فائق أقرب إليه ولقارئه.إنه وحيد وليس جمعاً،كما في نص لوتريامون.وإسناد التأوه للتماسيح لدى لوتريامون كجوقة، لا تقترب من روحه مفرداً وحيداً في نص صلاح فائق.إنني لا أفاضل هنا وليس ذلك من منهج الدراسة ، بل أقوم بموازنة نصية لوجود الحيوان في النصين.
إن الحيوان ليس موضع استخدام شعري، بل هو وجود، يصطف كثيرون للدفاع عن حيوانيته وبقائه.لكن الإنسان يقوم بتدمير العالم الذي يعيش فيه، بحسب المتبنين للنقد البيئي الذين يتحدثون ايضاً عن الخيال البيئي، وإعادة الخيال الإنساني ضمن ما يدعونه بالبيئة المادية(16).
لقد طالبَ شاعر حيوي هو تيد هيوز في التجريب والقصيدة كفضاء لاكتشاف المواجهات مع غير البشري، بإعطاء مواطَنةٍ للحيوانات، ووضع الكائنات الإنسانية في تماس مع ذواتها البدائية( 17 )وذلك ما يجعل الشعراء متصالحين مع الحيوان بإحضاره في النصوص وتشخيصه. بإكسابه بعداً شعورياً.تبكي الدببة في مأتم لدى صلاح فائق، والزرافة تشارك في بكاء آخر.وال. الشعراء الحداثيون يجلبونه لفضائهم إشارة إلى إخاء مفقود ،وجمال مفتقد، وسلام لا يعرفونه. هم لا يقومون بوصفه خارجياً كما في الأعمال الشعرية القديمة، أو تبريراً لشجاعتهم كقصائد الذئب والأسد العربية الحماسية مثلاً. ولابتدجينه على الطريقة الغربية السائدة ،وتوظيفه للحراسة واللهو،بعد تعقيمه وحَجْره وإطعامه وإسكانه خارج بيئته.
يقدم الشاعر غاري شنايدروصايا مشاكسة للشعراء ( ما يجب أن تعرفه حتى تكون شاعراً) تتصدرها جملة شعرية تعرض ما يجب معرفته. تقول:
كل ما تستطيعه عن الحيوانات بصفتهم أشخاصاً (18).
معرفة الحيوانات الأشخاص اختصار لموقف الحيوان في قصائد صلاح فائق أيضاً.
لكنه يطوِّر ذلك الحضور الحيواني في القصيدة بما يلي من الوسائل:
1- بصلته الشخصية به .فيدعوه كلبي مثلاً ،أو يستضيفه صديقاً ويحدثه
2- بالتحولات التي ينسبها للحيوان بالانزياح.
3- بالسكنى الحيوانية في القصيدة.
4-إشراك الحيوان في الحدث الشعري ليزيد الغرابة المطلوبة لصدم المتلقي وتركيز الفانتازيا لديه.
إنه هو نفسه حائر في تلك الألفة مع الحيوان الذي لا تخلومنه قصيدة ، فيقول(وبصداقة لا أدري من أين جاءت مع قرود تنتحب إذا غربت الشمس في النهار) .
إن قصيدة (زرافة تبكي في محكمة )من ديوان ( دببة في مأتم )توضح منطق الشعر البيولوجي عند صلاح فائق.(19)
حيث يحيي الشاعر تقاليد الشعر الستيني العراقي بملامحه الطليعية ،أو الشق المتقدم منه باتجاه قصيدة النثر مبكراً، وفي أجوائها الخارقة للمالوف شكلا وموضوعاتٍ ولغةً وصوراً.
السريالية هي الوصفة التي يقترحها (دببة في ماتم) بنصوصه الخمس التي –عدا الأخير- تورِّط الحيوانات في المسألة، وتوجِد لها توليفاً تعمل المخيّلة على إنشائه ، قصائد قصيرة مرقمة تتتابع لتؤلف المشهد: أحلام كالكوابيس تذكرنا برسوم السرياليين التي يختلط فيها الواقعي بالحلمي، والمحسوس بالغيبي، والمتخيل بالارضي.. وليس صدفة ان تكون الزرافة في محكمة بشرية،والثيران المجنحة تمر عبر نافذة غرفة الشاعر في الفلبين؛ فيراها وحده لأنها حلمه الشخصي.
يقوم صلاح فائق بتبسيط الموقف الشعري بعبارات تنطوي على التهكم والحرص على إيصال رسالة تكشفها القراءة بتعقب الدلالات.
وكما يؤكد باشلار بصدد لوتريامون بأن معيار المخيلة الشعرية..في تبسيط الصور ..وأن المجازات ترتبط بصورة طبيعية بالتحولات في مملكة المخيلة(20). يكون خطاب القصيدة في الديوان قائماً على التبسيط والتحولات وتنشيط المخيلة.
وها هو الدبّ الذي يرقص باكيا – يمثل محورالنص من حيث صلته بعتبة العنوان- و تأكيده للتغريب الملائم ، وهو يذكّرنا بالحوت الجريح في قصيدة سابقة توقفنا عندها،–وتلك صدفة موضوعية أخرى- لما يجري على الأرض العراقية من أحداث لا تخضع لتفسير عقلي ،فتكون تلك الرؤى والكوابيس الأصدقَ تمثيلا لها.
إن حضور حشد الحيوانات في النصوص يتطلب استحقاقا في القراءة.الشاعر نفسه يتخيل( أتلقى كل يوم رسائل تهديد من مدافعين عن الحيوانات/ - لكنني صديقهم.صرخت على أحد أعضاء تلك المنظمة/- إذن أطلق سراحهم من قصائدك/- كيف أفعل ذلك؟هذا ما يشغلني منذ فترة.).
هذا الجو الكابوسي الذي ينقله الشاعر تؤثثه حيوانات، فيبدو(غزال يزور الشاعر وحوت ينتظر ،ودلافين ترقص ،ودببة تبكي راقصة ،وأسد يرتجف قرب موقد، وذئاب ونمور وغراب وزرافة وسنجاب وعندليب وأفعى...) ، تتجاوركلها بغرابة أو تحضر في حلم..أما تلك الثيران المجنحة القادمة من آشور طائرةً؛ فهي صورة مرمزة للوطن ولمدينة الشاعر التي يقول عنها ( كركوك ملكة المرتفعات / أصفادها من هواء)(21)
لقد وجد الشاعر خلاصه في المخيال ، خلاصه الشخصي من رتابة الحياة والشعر. حتى قصيدة النثر ذاتها التي استمر على كتابتها اختياراً واعياً،لم يتبع فيها نموذجاً ما. كان يبتكر في منعزلاته المتكررة مصادرَه الذاتية.كتابة مختزلة.تبدأ وتنتهي بخيال يسكنه ويقاسمه وحدته:
من بيت لم يعد في أي مكان
خطوت نحو المجاهل
أتشمس الآن بين قوارب هجرها سمّاكون يئسوا
في قصائده الأخيرة يؤكد صلاح فائق منازلته لوحدته بخيال سريالي فذ.إنه يكلم أنهاراً ويدعو طيورا وحيوانات وأنهاراً وجبالا ليقاسمها حياته .وقد توزع شغفه بوحدته وعناؤه منها على كلمات قصائده التي استقرت على الكثافة والقصر الشديد، واستثمار السرد في تدوين تفاصيل مما يتخيله، في صور صادمة ولغة عذبة:
قبل أعوامٍ اخترتُ بلدتي بالقرعة
كان هلال ينقلُ ما بقيَ من الليلِ
الى الجهة الأخرى من هذه الجزيرة
لا أحتاجُ الخروجَ من هنا .
درتُ كثيراً حول الأرض ،التقيتُ في كل مكانٍ بأحياءٍ وموتى.
من الموتى تعلمتُ لا أشكو ولا أعاتب.،
من الأحياءِ لم أتعلمْ شيئاً بعد.
ورغم أن صلاح فائق الذي غادر العراق مبكراً لم يوقع البيان الشعري 1969 الذي كتبه الشاعر فاضل العزاوي ، نجده أكثر من سواه من شعراء البيان أو الموجة الموالية لهم إخلاصاً لمبادئ ذلك البيان المتأثر بالبيانات السريالية والدادائية وبالخيال الفانتازي، والدعوة للكتابة بلغة شعرية جديدة تقوم على الإستسلام للتداعيات دون تنظيم..
ويمكن التدليل على ذلك بتأمل بعض عناوين مقاطع صلاح فائق ومقترحاته الخياليةمثل(كوابيس تجلس في حديقة) و(أمزق وثائق أمام تمساح)و (أعالج انهاراً وجداول مريضة)و(نمور تتطلع في لوحات) ( وجدار يكتب قصيدة) و(كلكامش يتطلع إلى شعبه في التلفزيون)وغيرها .
والمهم هنا أن ننبه لتقنية بارزة في شعر هذه المرحلة المكثفة لدى صلاح وهي: الميل لغوياً عند صياغة جمله الشعرية إلى التنكير وتجنب المعرفة.مناسبة يستثمرها لتعميم ما يريده والبقاء بعيداً عن التعيين المباشر.
واستخدام ضمير السرد الأول(أنا ) في جلِّ أعماله.فلا تتوجه القصيدة ومقاطعها للخارج إلا لموضعة الشاعر في المشهد.وليس سواه في نصوصه.الذات تحرر مخيلتها ولغتها وموضوعاتها وأسلوبها.
ولكي يضمن إيقاعاً مناسباً لشعرية قصيدة النثر التي يكتبها، بمناخ خاص به،نراه يتبرأ من الفهرسة داخلها ،ويفضل أن يكون شاعر قصيدة وحسب دون مسمى يحدها ويؤطرها.
إذن. تضاعفت طلبات صلاح فائق وتمنياته .إنه.يريد:
- قصيدة دون شعر كثير
- قصيدة داخل القصيدة
- قصيدة بلا عناوين
- قصيدة بلا وصف أو فهرسة ضمن نوع محدد.
خاتمة
قد لا تتطابق توصلاتنا السالفة مع مايصف صلاح فائق به نفسه ، أو يصنف عينة دمه الشعرية بموجبه.وليس هذا إشكالاً في عملية القراءة.حيث تتقاطع عدة آفاق: وتتناقض أو تتصارع ،وربما تلتقي أحياناً لتفترق من جديد.أعني أفق الشاعر وأفق النص وأفق القراءة.وما يحف بذلك من وقْع وتوقّع وتأويل ممكن.الافتراق عن غرض الشاعر أو هدفه في النص كما يتصوره ، مشروع ومطلوب بالضرورة لخلق الوجود الجديد للنصوص ،عبر عملية القراءة وإسقاطاتها وفهمها وتفسيرها.
فكأنما ينسف صلاح فائق افتراضاتنا المسندة إلى نصوصه، حين يذهب إلى أنه ليس شاعر قصيدة نثر، ويستشهد بما كتب من أنواع؛ كالومضة وقصائد السطر الواحد والشعر القصصي واختلاط حلم بواقعة طبيعية..وينفي سرياليته؛ لأن السريالية نمطية كما يقولن وأسسها المعروفة من فرويد إلى التنجيم والسحر والتصوف والتماهي(22).
لا يمنعنا ذلك من قراءة خياله سريالياً.فلطالما خرج شعراء على التجمع السريالي والقناعات المؤطَّرة.لكن النصوص تقول شيئاً آخر دوماً:شيئاً لا في لائحة النص المعلَن ولا قصد كاتبه ولا قراءة قارئه.وذلك مايبرر معاودة القراءة ولذتها وضرورتها الجمالية أيضاً.
هوامش وإحالات :
*فصل من كتاب قيدالإنجاز - يتضمن دراسة نقدية،ومختارات من قصائد صلاح فائق.
(1) صلاح فائق: ذاكرتان وخمس مدن- حوارات مع اسكندر حبش ، دار خطوط وظلال، عمّان2021 ، ص 63 و69 و70.
(2) فاضل العزاوي : الروح الحيذَة- جيل الستينات في العراق،دار المدى للثقافة والنشر، دمشق 1997 ‘ص316ولدى صلاح فائق تفسير آخر لا يتصل بالمزاج والطبائع البشرية ، فيقول إنه يدرك ما يسميه
( اختلافي عن البقية ، من جماعتي ومن الآخرين..، وجدت أن أفضل إمكانية لتطوير أسلوبي هو الاستمرار في الكتابة...وتفادي قراءة نقد الشعر لأنه يعمل على عقلنة وتشظي المخيال...) ذاكرتان وخمس مدن، ص163
(3) ذاكرتان وخمس مدن،ص 191.
(4) نفسه،ص 236
(5) صلاح فائق: كتابة-محاولات للعثور على الشعر والشعرية في الحياة اليومية،الذاكرة،والنشاطات الغامضةوالمريبة، لكن المبهجة للمخيال.، منشورات أشباح،الفليبين 2018، ص3
(6) كتابة، نفسه ، ص 26،27
(7) نفسه،ص41
(???? ميشيل ساندرا:قراءة في قصيدة النثر، ترجمة د.زهير مجيد مغامس،وزارة الثقافة،صنعاء200،ص92-93
ويصف الشاعر ألان جوفروا في مقالته( عبقرية بريتون) جملة بريتون الشعرية بأنهاتلقائية في طورها الاكثر نقاء،فهو يفرض عليهانداءاته وتداعياته الخاصة، فيبقى النص مفتوحاً ينهايات ليست في الحسبان.
عدنان محسن : المغتمرة اسرياليةمقالات ونصوص، اختيار وترجمة ، منشورات الجمل،2016، ص62-63.
(9) تزفتان تودوروف: مفهوم الأدب، ترجمة د. محمدمنذر عياش، دار الذاكرة، حمص، 1991،ص101 و 110.
(10) صلاح فائق: قصيدة( دون ضاب لنجمعه في أكياس)، أريد أن أكتب قصيدة بلا شعر كثير، موقع بوابة الأهرام ، 18/12/2017
(11) صلاح فائق: إنسولين- قصائد،منشورات دار أشباح، الفليبين2019، ص3.
12) نفسه، ص38.
(13) غاستون باشلار:لوتريامون، ترجمة حسين عجّة، الروسم للصحافة والنشر، بغداد2015،ص39.
(14) نفسه، ص30-31.
(15) صلاح فائق :مقاطع يومية، جماعة انا الآخر ومؤسسة أروقة للدراسات والنشر، القاهرة،2015،ص164.
(16) جليكا توسيتش: النقد البيئي ...دراسة مشتركة بين الأدب والبيئة، ضمن كتاب النقد البيئي-مقدمات إعاد وترجمة نجاح الجيلي،دار شهريار للنشر والتوزيع، البصرة 2021، ص94.
(17) تيد هيوز والنقد البيئي والشعريات الإيكولوجية:يفون رديك، ضمن كتاب (النقد البيئي..)، سابق، ص308-309.
(18) عبدالقادر الجنابي: الأنطولوجيا البيانية في حدِّالشعر وتعريفه، ثقافات إيلاف والغاوون ، بيروت2010، ص45.
(19) صلاح فائق: دببة في مأتم،منشورات الجمل، بغداد 2013، ص40
(20) غاستون باشلار : لوتريامون، سابق،ص54
(21) صلاح فائق: دببة في مأتم، سابق،ص19.
(22) صلاح فائق ذاكرتان وخمس مدن، سابق، ص 85 و273 و238.