المشّاء بجيوب ثقيلة

نشمي مهنا*   "علّاوي".. الفتى العراقيُّ المتعلّقُ بأطرافِ معطفي، نهفُّ بأرداننا على النهر الصغير كلّما مررنا به وأقول: اخفِ الأجنحةَ يا علي لنتظاهر أنّنا بشريّون، خبّئْ الفراشةَ في جيبِك لا تُظهرْها لأحد، المسافة قريبة جداً حتى وصولاً لجسر، أُدربّه على محبّة الصخرة، وعلى عشق طاولاتِ ا


ثمن الغرور

  هزاع بن عيد الشمري* قال الرواة: كانت بنو مُرة مربعة في شرق الجزيرة العربية في وقت كان الربيع على أوجه، والعشب كان من طوله في بعض الريضان يجلس فيه الرجل ولا يُرى، والأرض جميعها خضراء من فضل الله لا من فضل غيره، وكان الغيهبان المري، وهو فارس منهم مشهور، نازلاً وحدَه في روضٍ رَبَتْ فيه الأرض


يا هوكوساي، انتظرني عند جسر الغانيات!

عاشور الطويبي*   العاصفةُ تُبسطُ يديْها في الهواء الريحُ تهتزّ في الميزان العتمةُ دائمًا موحشة في الأطراف المزارعون لم يصلوا الجسر   ■   السحب تنتظر قليلًا، تذهبُ قليلًا الفارس يجيء رافعًا سيفه يرجّع الوادي صدى الضائعين الحصى زعتر منثور في البرّية   ■   العمّ


جيران البيت

لطف الصراري* في عتمة ليل صيفي ماطر، أصغت الحاجّة ياقوت لقعقعة رشاشات الكلاشينكوف وهدير الرشاشات المتوسطة ودويّ المدافع. كانت تأتي من بعيد؛ من التلال المكتظة بالمنازل الآهلة والمهجورة، وبالمعسكرات والمواقع القتالية. مضى شهر وعشرة أيام منذ نزح جميع سكان الحيّ عدا عائلتها. لكن هذا فقط، ما كانت تظنه طي


صمتٌ عَنيدٌ

 رشيد أمديون* توقفت الحافلة. كتم السائق هدير المحرك. انسل من الزحام ونظر إلى ساحة المحطة، كانت ملأى بالضجيج، صوت بائعِ البَيضِ المَسلوق… نداء بائع السجائر اليقظ، ومَاسِحُ الأحذيةِ الناظر إلى أرجلِ المَاشين بهمّةٍ… صوت إلحاح المتسولين… صِيَاحٌ من هنا وهناك: الرباط، الدار ال


الغُرفة

ميثم الخزرجي* على هامشِ نزعاتهِ المتواصلةِ التي أنهكت مخيلتَه جزعًا، كان لا بد له أن يتوقف عند نقطة معينة ليبدأ مشواره، فيما إذا أتحف غايتَه بجبٍّ من التكهنات المالحة أطلق تنهيدةً محشوةً بالضجر ليمضي وفورتُه المعتادة: لا سر في الكون، يضحك كثيرًا ليدخن أكثر ويسرح إلى حيث ما اقتاده هذيانُه، وكان إذ


( هندياغ ) ؟

عبدالوهاب جباري * _محمد لطف عباد وشهرته ( الهندياغ ) وهو من ألطف وأذكى الناس .. عرف قصدي ورغبتي بعد الثانويه العامة ، في منحه لمصر أو سوريه .. وأحب مساعدتي وكان يدرس في جامعة الرياض .. فقال لي إركب معي .. يعني متور سيكل كان معه _ وإذا بنا في أول شارع جمال مسكن رئيس الوزراء (أ. عبدالعزيز عبد الغني )


الذي ننتمي إليه

عبدالرحمن عباس يوسف* التقيته ذات مساءٍ صيفي حار، من غير سابق معرفة، وقد بدا لي وقتها أقرب إلى شيخ منه إلى رجل بلغ أشُدَّه. التقيته في مقهًى شعبي، جلس قُبالتي وأخذ يُبادلني أطراف الحديث. كان يشرب القهوة بطريقة مضحكة، يسكبُ الكوب دُفعةً واحدة إلى جوفه، ثم يُتبِعُ الكوب آخر، ثم آخر. الجدير بالذكر أ


ضيفٌ لا ينوي المكُوثَ طويلًا ‫ لحسن باكور

 لحسن باكور * بمجرد أن أزاحت اللِّحافَ عن وجهها عرفَت بأنه جاء. تسربت رائحتُه من خصاص النوافذ ومن الفجوة الصغيرة تحت باب الغرفة الخشبي. مسَّت الرائحةُ طرفَ أنفها فأسرَّت لنفسها: أجل، إنها رائحته، لا يمكن أن تكون لأحد سواه! أسندت شيخوخَتَها إلى العكاز الساهر إلى جانب السرير، وخطت الهوينى بات


دون موضوع

  رضا نازه* مثلَ شيخٍ كبير يحلو له النعاس في غرفة الجلوس وسط ضجيج أبنائه وأحفاده ووصلات الإشهار، كنتُ أنام في خضم الحملة الانتخابية. بينما يجوب الدلالون وأنصار الأحزاب الدروب ويمرون تحت نافذتي، صارخين هاتفين بشعاراتهم وباسم مرشحهم النظيف التقي النقي، كان يحلو لي الشخير. وما إن يحل ليل الصمت


نيو أورلينز.. الظلام الظلام

بوشعيب كادر*   الظلام الظلام أسمع عَصفَ ريح حامية قادمة من بعيد وابل من المطر، تندفع الريح، ريحٌ مُلتوية لولبية وحين تَشتدُّ فعلى شيء ما أن ينكسر. ■   احتمينا في بيوتنا كالدواب في مرابطها وراقبنا بعد كل هدأة من خلف ستائر نوافذنا ماذا فعلت الريح والماء بنا اجتث جذور الأشجار


قصة نجاةٍ

ضو سليم* الساعة تُشيرُ إلى الواحدة ليلًا، توارى القمر بين السحبِ وذهب ضوؤهُ وشحبت النجوم وخبا بريقها، فاكتنفَت المكان ظُلمة غاسقةٌ حالكةُ السواد، وعمَّ الجو سُكونٌ مُوحشٌ مُطبقٌ من كل جانبٍ لا يقطعهُ سوى صوت الريح مُولولةً عابثةً، وهديرُ الموجِ المتلاطمِ يتكسرُ على أطراف قواربِ الصيد المتناثرةِ ع


قصتان

‫ الجوهرة الغيلان*   فيما بعد زاوية المجرة تبقى رغبة العيش للفرصة الثانية حبيسة أسوار مناجم زاوية المجرة. أصبحت رؤية ذلك بديهية بعد سبع سنوات من العمل في تعدين اليورانيوم. «من أجل الفرصة الثانية!» صيحات وهمسات تشجيعية يتبادلها العمال في طريقهم إلى المساكن في آخر الأنفاق. تترد


الحظ

جوستاڤ ـ ماكس ستيڤن ترجمة: عاطف محمد عبد المجيد ذات ليلةٍ شتاءً، تُصفّر الريح في الأفنية المعتمة، وفي الممرات الطويلة، حيثما تترنح ألسنة الأضواء الصفراء. أحيانًا توجد فرقعات تقترب زمجرتها وتبتعد. رجال كثيرون يسهرون… هناك من يسمع سعالاً مكتومًا عبر الجدران. تشهق العاصفة في الزوايا وتُحرّك


القريب منك بعيد

عبدالوهاب جباري *   لمح أباه شيخ القريه خلسة يدس " قارورة " ؟ تفوح منها رآئحة تخمير للتمور والعنب معآ.. بين قش وعلف المواشي ونفض يديه وصعد الدرج ..الإبن على عجل يشربها لآخرها ويرتمي يسار والدته في الديوان .. والعرق يتصبب منه زاد تفتيش الأب عنها هنا وهناك؟ وإزدات هرولته صعودآ وهبوطآ .. حتى


قصة حياتي

سعد هادي لم أجد أحداً في قاعة الاستنساخ، انتظرتُ لبضع دقائق ثم غرستُ شريحة الذاكرة في أقرب كمبيوتر، بعد لحظة ظهر مستند الـوورد الوحيد في الشريحة على الشاشة، كان يحتوي على قصيدة لي بأربع صفحات عنوانها «زمن آخر»، ضغطتُ على أمر «اطبع»، فدبَّت الحياة في جهاز الاستنساخ، وخرجتْ


مَطرٌ؛ بلندنَ..

عدنان الصائغ مَطرٌ؛ بلندنَ.. يَعْبُرُ المارّون ليلي، غيرَ ملتفتين للجرحِ الذي خلفَ الجروحِ، ينـزُّ من خمسين عاماً. هل أقولُ تَعِبْتُ من نوحِ الحَمَامِ على غُصُوني جَرَّدَتها الطائراتُ من اخضرارِ قصيدةٍ. ماذا يقولُ الشِعرُ في هذا الزمانِ، يُفصِّلُون مقاسَهُ بالنتِّ والشيكاتِ. أو ماذا يقولُ مؤرّخُ


عَازِفَة البْيَانُو

أَوْغُوسْتُو مُونتيروسو * ترجمة: محمد محمد الخطابي بعد دقائق سوف تحتل مكانها فى هدوء أمام البيانو. ستستقبل الضجيج التكريمي للجمهور بانحناءة خفيفة، فستانها الذي تملؤه خرزات براقة يشع كما لو كان يرد انعكاس الضوء عليه. التصفيق الحاد والسريع لمئة وسبعة عشر من الحاضرين الذين يملؤون هذه القاعة التي أع







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي