مكالمة هاتفية

وصال العلاق أنهيت المكالمة وغرقت في صمت معتم لبضع ثوانٍ. إنها تلك الثواني التي تكمن بين الحقيقة والوهم، حين يتوقف بك الزمن ولا تقوى على فهم ما تشعر به من ألم وخذلان.. أهكذا تنتهي حكايته! كيف له أن يرحل الآن! ما زال لديّ الكثير، الكثير لأخبره به! وما سيحدثني عنه أكثر! عليّ أن أراه مرة أخرى! كيف يك


أثقال مع أثقاله

رشيد أمديون يبدو أكثر معرفة ودراية، وله بعد نظر، أو هكذا يريد أن يبدو للآخرين. قام بفتح صالة رياضية في أحد الأحياء الجديدة في قريتنا. صالة يكمل المنخرطون فيها أجسامهم، كأن بها نقصا ما، يحملون أثقال الحديد، ويمارسون نشاطا بدنيا يحتاج صبرا لبناء أسس الأجسام. وفي ذلك يتنافس المتنافسون كما يغفل الغاف


قيثارة دِلمون الوترية ورأس الثور المُقدَّس

زينب علي البحراني منذ أن اصطفاها الإلهُ لتكون «أرض الخلود» تحوَّلت إلى لوحةٍ فنيَّة نابضة بالحياة، يُدغدغ البحر أذيالها من جميع الاتجاهات وتُرسل الشمس أشعَّتها سخيَّة بالبركات، فيتدفق الإلهام نحو مشاعر سُكانها وتنطلق «حضارة دِلمون» – التي قامت على ما يُعرف بأرض البحر


بائعة الخبز

أمينة شرادي كانت جالسة على كرسي، خجولة، نظراتها مضطربة، تراقب حركات رجليها النحيلتين. تخبئ يديها تحت أبطيها حتى ينتعشا بحرارة جسدها الصغير. كان يوما باردا جدا، فصل شتاء دون أمطار. حلت محله برودة تصطك معها الأسنان وترتعش معها الأبدان. ظلت جالسة لا تتحرك وأمامها صينية متوسطة الحجم من الخبز البلدي.


علوان

وصال العلاق كان يمر في شارعنا كل يوم، أشعث متسخاً بدشداشته الرثة، ويرتدي سترة فضفاضة تكاد تبتلعه. لم يغير هندامه مع اختلاف الفصول: دشداشة مهترئة وسترة كبيرة، لا بد أنها تعود لشخص آخر؛ قد يكون أحد أفراد عائلته، أو شخصاً غريباً أشفق عليه وأراد أن يقيه برد الشتاء الذي ينخر العظام بلا رحمة. كان يمشي


قصص قصيرة جدا

مصعب مكي زبيبة ضياع بحث كثيرا عمن يرشده إلى مكانها، ويدله عليها، بحث عنها في زوايا البيت، وأقبية المقاصِف، وأوراق الكتب، لم يجد نفسه التي نَسِيَ مكانها، وضاعت منه في ساعة غفلة. عيارات نارية أراد أن يظهر فرحه بطلقة، وأراد أن يظهر حزنه بطلقة، لكن الطلقة التي أطلقها عاليا إلى عنان السماء أصابت قل


هذيان

ذكرى لعيبي وحيداً في المدينة أسيرُ بخطواتي المتآكلة، لم يتبقّ منها إلا الخطوة الساهية، جعلوني مثل آنية من خزف يعلوها غبار السنين، أنا مغفـّل طول الوقت، وغبيّ أيضا، لم أعِ لماذا كانت تريد أن يوجد معنا إينما نذهب ونجيء! هذا ما قاله أسامة حين أجبروه على ارتداء ذلك القميص الأبيض ذي الأكمام الطويلة، ث


ليته يسكت ويسمع

صلاح بوزيان تبدل الجو فجأة فأتى على أبي سروال السقطي حين من الدهر لم يبع قطعة من الأطمار في دكانه، وقد شغلته نُتف من أخبار المدينة كان يتسقطها صباحا في المقهى، حيره أمرُ البُن والسكر والزيت، وكان يُتعبه حديث الجبناء وتزعجه أخبار الحمقَى المتناثرة في فضاء المقهى وبين الأزقة، عراكٌ على الخبز وسِباب


قصص قصيرة جدا

مصعب مكي زبيبة بطل التحرير القومي جدران بيته مليئة بالأسلحة القديمة التي لم تنطلق من فوهاتها طلقة واحدة، ومزدحمة بالسيوف المطرّزة التي لم تتلطخ بقطرة واحدة من دماء الأعداء، كانت كأزهار الزينة الاصطناعية، لم يشمّ عطرها إنسان، ولم تستخرج مصانع العطور منها قطرة واحدة من الروائح الزكية. ٭ ٭ ٭ كبري


قصص قصيرة جداً

زهراء غريب غياب حتى آخر التيه سارت الحرية في نومها متخبطة في العتمة. بعد أيام ساد الأسى والصمت المدينة؛ فعمت الصلوات الجوامع والكنائس رجاء باسترجاع صوتهم بعودتها. من حيث لا تدري استفاقت الحرية في غابة بعيدة عارية من رداء التعبير فلعنت الذئاب وخلدت إلى غياب أبدي. منعطف بقلب تنكؤه الحيرة وقف عن


سأعيش سعيدة

ذكرى لعيبي كان «الخبيث» قد تمكـّنَ منّي؛ لكن لم أستسلم لليأس… ذهبت لإجراء الفحوص اللازمة قبل التدخّل الجراحيّ، وجدتُ طبيبي المعالج والدكتورة هناء في انتظاري. دخلتُ باسمة، بادلاني الابتسامة ذاتها التي اعتدتُ عليها، وفي غضون نصف ساعة تقريبا أنهيت جميع الإجراءات. جلستُ في ردهة م


قصص قصيرة جدا

 مصطفى عطية جمعة فستان زفاف تحابا، ولكن زواجهما رفضه والده لواء الشرطة، وكذلك أبوها العامل البسيط. ٭ ٭ ٭ سكنا في غرفة، بجوار المستوصف القروي الذي عملا فيه طبيبين. معاً، تخصصا في أمراض القلب، وحصلا على زمالة كلية الجراحين البريطانية. ٭ ٭ ٭ فاجأها بحفلة عرس، وابنتهما تركض بين أقدام أمها،


لصوص أبرياء

رضا نازه وصل القايد بْزَّاطْ نهاية أراضيه الشاسعة المترامية تراميا متبرجا مشهودا. التفت في جميع الاتجاهات لعله يملأ عينيه من طين أملاكه. انتهى بصره عند المستنقع حيث ينحدر الجبل الأخضر الصغير، وتغوص قدمُه في الأوحال. ما زال الناس هناك يتوارثون حكاية ذلك المكان في غابر الزمان. كان جنة أرضية يأوي إل


"انزلاق": حكايات وجد مدمرة

  شكيب كاظم: إلهام عبد الكريم قاصة وروائية عراقية، عملت في مؤسسات ثقافية وأدبية، وكانت في الصميم من هذا الوسط الثقافي على مدى عقود، وأصدرت روايتها الأولى «الماء والنار» سنة 2001، فضلاً عن أكثر من مجموعة قصصية، مشيرا إلى «منحنى خطر» مجموعتها الصادرة سنة 2008، وقرأت روايت


ولادة حرف من ضلع اليتم  

  علي لفتة سعيد: لم يكن الحرف سوى مضغة طفل.. أو حلمة رضاعة استبدلها الزمن بدلا من حلمة الأم، لذا حين كان البكاء سيّد الموقف، ليس احتمالا لجوعٍ، بل هو احتجاجٌ كاملٌ على الإفلات من الحزن إلى تحشيد الصورة التي لم تكن مركّزة بشكلٍ واعٍ على كلّ ما يمكن أن يكون في متّسعه ليشكّل محطة أولى للانطلاق.


قصص قصيرة جداً

 رولا العمري: فضاء راقها نصف القمر، استضاءت به حتى مُحِق، في منتصف عتمتها، استقبلَهُ ليل آخر، كشف وجه البدر، نسجوا قصائدهم، حين أنار طريقهم؛ بهتت، أسدلت ستائرها؛ أضاءت حروفها درب المجرات! بعث سقطتْ من فصولهم، لم تجد طريقًا لربيعٍ قادم، بين أوراقهِ؛ نبتَتْ براعم تتحدى الصمت، اليوم .. عادت


قصص قصيرة

عبدالرحيم التدلاوي: قفزة وضع الفزاعة في حقله؛ وألبسها لباس المهرج.. ماتت من الضحك الطيور. لب الحكاية يجلسان كل في زاويته، بينهما مساحة أشواق وحواجز.. ينظران إلى بعضهما، ويتساءلان: هي: متى ستقبل عليّ؟ هو: هل ستقبلين بي؟ ينظران إلى بعضهما، وفي نظراتهما انكسار، ينهضان، يسيران، كل في اتجاه..


العُبُور

ذكرى لعيبي: يتغير كلّ شيء في ليلة واحدة، تستيقظ صباحا، فلا تعود كما كانت. إحباطات متكرّرة، خيبة أمل مفجعة، وسماء كأنها تهرب إلى عتمات الغيوم. القرارات تسرق دواخلها، مثل لصّ (أمين) لتدرك أنّها مسروقة؛ لكن تحت علمها. تلملم بقايا حياتها وترتب بقيّة الدفء من ملابس مركونة.. والحقائب تنتظر! يرّن ال







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي