
فاروق يوسف* وربح ظلي الرهان على جانبي الطريق كان هناك مارة يمشون كالعميان. قلت «ما الذي جاء بي إلى هذا الجسر؟» كان عليّ أن أبقى في البيت ما دمت أشعر بالحزن. لا الأمواج لها صوت ولا زرقة للفضاء ولا أسمع إيقاع قدمي. أنا أمشي كمَن يهذي. لقد قررت أن أمشي وحيدا غير أن فتاة ظلت تمشي إ
صلاح بوزيان* كل نوافذ القصر مفتوحة، تركت الشمس خيوطها الدافئة في المكان، العصافير تدخل، تقتات وتشرب الماء هادئة، كان التبريزي بين النوم واليقظة قال: «أذكر أنني سافرت إلى البحر مع أحد الزهاد.. علمني صيد السمك ودربني على الصبر، كنت ضَجِرا بادئ الأمر ثم تعودت المكوث لوقت طويل، عدتُ إلى ا
بولص آدم* في إحدى زوايا الإنترنت..كان هناك، كاتبٌ يُدعى «قمر الغامض». حلمه أن يُصبح عظيماً، لكن للأسف، لم يقرأ أحد كتاباته سوى عمته، وبعض الروبوتات الباحثة عن الأخطاء اللغوية. وتقرأه الغربان التي كانت تحط على شرفته بينما يكتب، وكأنها وحدها تؤمن بأن هناك شيئًا يستحق الإصغاء بين ك
فاروق يوسف* بضائع اليوم الأخير قبل أن أسأله عن بضاعته أخرج الرجل الجالس على الرصيف مصباحا وقال لي، «هل سمعت حكاية هذا المصباح؟» قلت له كمَن يسخر «وصل مصباح علاء الدين إلى نيويورك إذن» قال مبهوتا «خربت الحكاية. هل تريد أن تشتري ساعة تسير عقاربها عكس الزمن؟&raqu
حسونة المصباحي* بعد رحلات شيّقة إلى بلدان ومدن من جميع أنحاء العالم، وصلت إلى تلك القرية المكسيكية البيضاء الواقعة على الساحل الباسيفيكي. نزلت من الحافلة التي تعجّ بمهاجرين مكسيكيين عائدين من كاليفورنيا، وتحديدًا من لوس أنجليس وسان دييغو، وجارًّا حقيبتي سرت باتجاه وسط القرية. طقس دافئ، وشمس مشرقة ف
مصطفى حديد كحلة القمل حدثنا زوج خالة والدي وهو من مواليد النصف الثاني من القرن التاسع عشر فقال: ــ تسلط عليَّ الرمد حتى لم تعد تنفع معه القطرات، ولا غسول البوريك، ولا أملاح التوتياء. مرت جِمال (عنزة) على ماء الحميرة، وهي قناة صغيرة كانت دائمة الجريان. نشفت القناة لمدة نصف النهار بعد أن ا
زيد عيسى العتوم* أقود سيارتي صوب تلك القرية الهادئة، لا تنفكّ سجاجيد العشب الصامت عن ملازمتي كلما نظرتُ يمنة ويسرة، وفوقي أسراب من الطيور المحلّقة ترافقني بعضها ربما لأخذي إلى وجهتي التي استشعَرتها أو لظنها أنني أرعى نوعاً غريباً وهادراً من الماشية الحديدية، أبطأتُ سرعتي قليلاً لنيل قسط آخر من الرو
صلاح بوزيان* هل ستهرب؟ سأهرب مستخفيا، سأهربُ من غيظ يلازمني، سأهربُ من عالم الدماء والقهر والتنازع، سأهرب من أمي وأبي وحمار عمي إسماعيل، سأهربُ من الخيبات والتطبيع، سأهربُ من الطوابير التي نعيشُ فيها في السوق وأمام المغازة العامة، ودكاكين الخبز والدقيق والزيت، سأهربُ من الأغراب الذين اجتاحو
صالح الرزوق* وجدت عمتي فرخ غراب وراء غطاء النافذة، فحملته إلى البيت وكرست له قسطا من وقتها. كانت تنظفه بليفة رطبة وتطعمه قشور الخس وأعواد البقدونس، لكن نصحها عدولي بالبيض، وأخبرنا أن الغربان عدو بقية الطيور، لأنها تأكل بيوضها قبل أن تفقس. كان عدولي ينام في كوخ على الرصيف، ويعتني بحديقة البن
فاروق يوسف حنجرة في حجرة «ولكن المسألة كلها أنني أجنبي وأنت مواطن»«تضحكني فكرة أن أكون مواطنا في بلد لا مواطنين فيه»«إذن سنكون متساويين. أنت في حجرتك وأنا في حنجرتي»«مرة ثانية سأضحك. ذلك لأن حنجرتك هي ببغاء في حجرتي»«الفكرة أننا سنفترق
جمال العتّابي* في شوارع المدينة الترابية كنتَ تتسكع، متحسراً على أيام الدفء التي مضت، تبحثُ عن مأوى، على ضفاف الساقية تتسكع، غير مكترث لواجبك المدرسي، تفضّل متابعة الكرة في ملعب فريق الجمعية. عند نواصي الأزقة تتمهل، تتلفت حولك، لا يأبه بك أحد، لديك شعور غامض بأنك مرفوض ومنبوذ في هذه المدينة
هيفا نبي * ــ أنظر إليها من هنا، من هذه الزاوية، كم تبدو منشغلة! لا تترك شيئًا يفلت من يدها إلا لتلتقط آخر. قال الرجل الأول متأملًا المرأة من نافذته.صمت قليلًا، ثم أضاف:ــ من حيث أنظر، تبدو وكأنها تكرّس نفسها بإخلاص لكل ما تفعله. لكني أعرفها جيدًا... لم تكن حاضرة يومًا. إنها تدور حول نفسها كص
عمر الحمود* كنتُ أحلمُ بامرأةٍ جميلة، عطشى للعشق، بيني وبينها مودة، وتخضلّ بحرف همسة، وتسكر في رقّة لمسة. وسُرِقَ حُلمي. استيقظتُ، ولم أجد امرأةً جميلة ولا امرأة قبيحة.وقدّمت شكوى إلى القاضي، فسألني: هل كنت تحلم برخصة؟قلت مع شهقة دهشة: لا أعلم أنّ الأحلام تحتاج إلى ترخيص.قال منتصراً: القانو
عبد الله جنّوف أردت إدخال الدجاج في القنّ، فامتنع الديكة الأربعة، ثمّ دخل هرم وشابّان بعد مطاردة ومحاصرة، وأبى الرابعُ. وكلّما حاصرته حلّق كرئيس هارب، فتركته... رجعت بعد ساعة ففهمت أنّه قفز عاليًا ولم ير شبكة سمك أمنع بها الحمام المتطفّل من نهب طعام الدجاج، فعلقت فيها رقبته واختنق قبل أن أصل إليه.ح
شادية الأتاسي* في وقت ما من طفولتي كنت مع رفيقتي وشريكتي في هوى الحكايات، ننتظر بشغف عند غروب كل شمس – قبل أن يجبرنا أهلنا للذهاب إلى النوم- سؤال ماما نعيمة الساحر:ـ كان يا ما كان في قديم الزمان، نحكي ولّا نام؟كانت تعرف الجواب، إلا أنه كان يحلو لها أن تستفزّنا، أو ربما هي تريد أن تستمتع بسماع
باسم المرعبي* كان منخي رِخي يلقب نفسه بالكاتب العالمي ويحلم بإصدار أعماله الكاملة، رغم أنه لم يكتب حرفاً واحداً. ولم يكن يأبه بنصائح والديه وأصدقائه بالكفّ عن هذا الجنون، فقد تملّكه اعتقاد مرَضي راسخ بأن كل من يثنيه عن تطلعات
ثائر دوري* حدق الصغير شرقاً فملأت حدقتيه زرقة السماء الصافية، فصرخ:بابا.. بابا إنه البحروأشار نحو السماء، ابتسم الأب وصحح له :بابا هذه السماء وليست البحر.كانت سيارة النقل تمرق كسهمٍ بين بيارات البرتقال الواقعة في السهل الممتد شمال اللاذقية،على طريق القصر الجمهوري، بينما الصغير الواقف بين سا
صلاح بوزيان* تنفس الربيع منذ أيامٍ، الشمس تخاتل، مرة تشرق فتخترق الأرض ومن عليها، وأخرى تحتجب وراء السحب وتهطل أمطار وتهب رياح، فيتألم باعة الآجر والجص والحمير والبغال والأغنام والإبل والتمور والصخور.. وتحدث شنائع وتشيع الصكوك، والناس في وجلٍ من تقلبات الجو.. اليوم الطقس دافئ ربيعي قبالة ال