الرجل الوحيد

رضا نازه*   رفع رأسَه وسط الرؤوس المتطامنة وصوتَه قائلا: «هْنِيَّة هي الرجل فيكم!»، سرت يمينا ويسارا همهمات متبرمةٌ متبرئة من عبارة اتخذها البودالي لازمة منذ الصباح. كان يرددها بصوت جهوري لا يخطر ببال سامعه أن صاحبه بنحافة البودالي وخفته. اغتاظ من اغتاظ وظل هو يستمتع بارتدادات لاز


الميت والحي

صالح الرزوق*   كنا ستة في العنبر، مات أربعة، وبقي اثنان. أنا وهو. ولا أعرف لحينه ما هو مرضي. سألت الطبيب عدة مرات، فانتهرني بقوله: ليس الآن. بعدين. ألححت بالسؤال على الممرضة، فهمست: تشنج في الرئة. سألت جاري: وهل يسبب التشنج كل هذه الآلام؟ كنت أشعر أحيانا بأنني مرفوع على الصليب. قال: إذا رافقه


القصص تتكاثر بالتلقيح

عبير خديجة*  في تموز/يوليو الماضي، هرعتْ امرأةٌ، وعلامات الرعب على وجهها، بسرعةِ قطةٍ دِيسَ على ذيلها، إلى الطريق، وتبعها، بعد دقيقتين، رجلٌ شبهُ عارٍ من الأسفل، يقفز كالكنغر، وصراخُه المجنون يسبقه. أمسك الرجل بالمرأة، ولم يترك عضواً في جسدهِ دون أن يُشارك في حفلة ضرب المرأة، ولولا لُطف الله و


ستائر ستان زرقاء

مارا أحمد استمرت الحوارات بينهما عدة أشهر.. يغيب على فترات ثم يعود.. وكل عودة ببداية جديدة كأنه شخص آخر.. احتارت في أمره.. كيف يعود بكل هذا الشغف، وعلى لسانه نفس الحوار.. الذي ينتهي بنفس الجملة.. سأشتاق إليك.. لا تغيبي.. ويتوارى خلف ستائر الستان زرقاء اللون.. ثم عود جديد بقلب جديد وموعد جديد.. تقل


شقراء الياسمين

انتصار الدنان   احتشدوا في غرفة صغيرة يضيق فيها النّفس. رائحة الموت والدّم والخوف تدخلها مع كلّ هبّة للهواء إن هبّ. كانوا كلّ يوم صباحًا في الرّبيع يجلسون عند عتبة الدّار الّتي لم يبق منها إلّا غرفة متعفّنة. لا أبواب لها. فيها شبّاك واحد تفتّقت جوانبه من شدّة القصف. على عتبة هذا الدّار كانت


سفر في قاعة الانتظار

محمد صالح المجيد* كان الضّوء الخافت المنبعث من أضواء كهوف «المترو» في باريس يزيد من عدم قدرته على تبيّن خيط الليل من النهار في هذه المدينة المنيرة في ظلمتها.. صوت شقيقه وهو يدعوه إلى البقاء في باريس إلى حين توضّح الأمور يرنّ في أذنيه.في مطار شارل ديغول، تواصل الحديث مع شقيقه عن إمكانيّة


إيزابيلا

صالح الرزوق* كانت إيزابيلا تسكن في غرفة 2، بجانب الردهة، ودائما أسمع صوتها وهي تذاكر دروسها. كانت بعمر 18 عاما، بوجه أسمر، لها نظارة، وتفضل الثياب المشدودة، إلا بعد الحمام، ترتدي ما تقول عنه البرنص، وهو لا يستر إلا نصفها أو أقل. وإذا جلست في الردهة بعد الاستحمام أغض بصري. لكن هذا لا يمنعنا من تبادل


عن أهوال حرب غزة: حوار عادي… ربّما!

نسب أديب حسين*   بعد قطع الحاجز من القدس نحو رام الله، والاقتراب أكثر من بيتها، تكاثف حديثها عن لقاء ووقت جميل قضته مع عائلتها هناك، حين التقينا لأول مرّة قبل أربعة أشهر، في تقديم العزاء، والاطمئنان عليها، في ظلّ غياب زوجها وابنها الأصغر.. أخبرتني حينها عن آخر لقاء بعائلتها في غزة، آب/أغسطس ا


احتمالات

منى مقراني* اختفى! هكذا ببساطة؟لقد اتصلت به أكثر من مئة مرة على مدار خمسة أيام. ربما ذهب إلى طرابزون لقضاء حفلة رأس السنة، ثمِل ولم يستطع أن يتواصل مع أحد.تقصد ثمل خمسة أيام متتالية؟ أنت تستمع لما أقول يا عمرو؟طيب لا تسرع نحن في الطريق، لا تتسبب لنا في حادثة.أنا قلق فعلا! ليس من عادته الاختفاء، لا


البساتين

صالح الرزوق   أقلق راحتنا صوت كلب يأتي من جهة البساتين. حصل ذلك في النصف الأول من الستينيات، حينما انتشرت الدبابات في الشوارع، بعد انقلاب آذار/مارس.وللعلم بالشيء كنا نقطن في محلة الحريري، وهي ضاحية وراء الحدود الإدارية لمدينة حلب، ولها شكل قوس أو حدوة حصان. وكانت الجدة تقول عنها: هذه الحارة ت


في المقهى… عندما التقى غودو سيزيف

دانا جودة*   الأول: ما رأيك أن نجلس هناك، في ذلك المقهى، هل تعرفه؟الثاني: أعرفه! أحفظ المكان شبرا شبرا. فهم ينتظرونني هناك منذ الأزل.اختار الرجلان طاولة صغيرة تطلّ على شارع اختلط رصيفه بركام بنايات كانت يوما تزيّنه. جلس أحدهما وهو يتأمل عيون من حوله المتعبة، كمن أنهكتها سنوات طويلة من الترقّب


إعلان أسماء الفائزين بالدورة الثانية من جائزة (سرد الذهب)

أعلن «مركز أبوظبي للغة العربية» أسماء الفائزين بجائزة «سرد الذهب»، في دورتها الثانية لعام 2024، تمهيداً لإقامة حفل تكريمي للفائزين في حقول الجائزة الستة، يحتضنه حصن الظفرة في العاصمة أبوظبي، نهاية شهر ديسمبر الحالي، بحسب زهرة الخليج. تأتي الجائزة، التي انطلقت العام الماضي، ت


صديقي اللدود

صالح الرزوق * جمعتني الصدفة بمحسن، فقد كنت أسكن في بيت الطلبة في لافبرا، وهو بناء من طابقين، قريب من الكلية وداخل الحرم الجامعي. وميزته التكاليف المتهاودة.لم أكن بحاجة لمواصلات كل يوم. التدفئة على نفقتهم. بالإضافة لوجود هاتف وتلفزيون في الصالة. مع اشتراك يومي بجريدة «الغارديان». وهذه نع


كابوس

رياض بيدس*  كان عليه أن يعود أدراجه من حيث أتى. نظر في اتجاهات مختلفة، ثم قرّ قراره أن يعود. يعود إلى أين؟ سؤال وجيه في زمن صعب ورديء. أغمض عينيه للحظات، ثم شرع في الخطو مترددا حائرا باتجاه السوق الكبير. نالت الفكرة إعجابه. هناك حركة الناس تغيّر الجو. وسعى متحمسا. كما أنه في السوق لا بد أن يجد


قصة الشاب الذي تلقى العلم مشيا على الاقدام

عنود المطيري كان هناك شاب يُدعى سعيد يعيش في قرية صغيرة تقع بعيدًا عن المدينة. كانت حياته بسيطة، لكن طموحه الكبير في التعلم كان يفوق أي عقبة تقف أمامه. في قريته لم تكن هناك مدرسة، والمدرسة الوحيدة التي يمكنه الالتحاق بها كانت تقع على بُعد خمسة عشر كيلومترًا. لم يكن سعيد يملك مالًا لشراء دراجة أو حت


العاشق والمعشوق

جمال البدري*«إنّ أسوء شيء دفاعك عن الحقيقة بمشاعرعاطفيّة غاضبة، فيما خصمك يستولـي على حقوقك تلك؛ ببرودة أعصاب صامتة». قالها سالم لصاحبه وهو يحاوره بهدوء في المقهى، قبل أنْ يعــود إلى منزله ليلا.. ثمّ دلف إلى فراشه شبه الوثير البارد، بعدمـا انفصل عن زوجته دلال. لقد استيقظ من فزع حلم لأفاع


قصص قصيرة جدا

عادل الحنظل ليسَ في وطَني حِدأةٌ تُغنّي، اللصوصُ الأوفياء، لدينِ السَرِقة، جعَلوها تَجوع، في بَلدِ الفِئران. ٭ ٭ ٭ أخفى خَلفَ عَينَيه، سِرّهُ المُقدّس، بينَ جَفنَيه، في كلّ رَمشَة، يَقطُرُ الوَرَع، واختلاسُ النَظر، الى غَنيمةٍ عَمياء. ٭ ٭ ٭ أُصِبتُ بعَمى الأشكال، رأسُ شاة، بجِسمِ ضَبع، جميعُ


العاشق والمعشوق

جمال البدري «إنّ أسوء شيء دفاعك عن الحقيقة بمشاعرعاطفيّة غاضبة، فيما خصمك يستولـي على حقوقك تلك؛ ببرودة أعصاب صامتة». قالها سالم لصاحبه وهو يحاوره بهدوء في المقهى، قبل أنْ يعــود إلى منزله ليلا.. ثمّ دلف إلى فراشه شبه الوثير البارد، بعدمـا انفصل عن زوجته دلال. لقد استيقظ من فزع حلم لأ









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي