رايات إنسانيَّة مُنكَّسة

عبد الباقي يوسف طَرَقَتْ بابي عند الغروب وكانت في وضعٍ نفسيٍ سيئ للغاية وهي تقول: أرجوك أن تستقبلني، أنا بحاجةٍ إليك. عندئذ أدخلتها إلى البيت، وهنا لا بدّ من أن أقول لكِ إنها ورغم كل شيء كانت تحتقر معاشرة الرجال كما لا تحتقر شيئاً، وكانت تمتلك بروداً أنثوياً غاية في الغرابة، فلم تجعلني أشعر للحظة


انتشار إيان نيكول

ألسداير غراي - ترجمة: صالح الرزوق في يوم من الأيام بدأ إيان نيكول، ومهنته حرفي، بالانشطار إلى جزئين. وكانت أول علامة على ذلك ظهور صلعة على مؤخرة رأسه. وطيلة أسبوع حاول التستر عليها بعقار لتقوية الشعر. لكن الصلعة استفحلت، وتجعد جلده على نحو غريب وغير مريح للنظر، وفي خاتمة المطاف ذهب إلى طبيبه وسأل


هكذا تكلمت زينب النفزاوية

مصطفى لغتيري « لن أتزوج إلا رجلا يحكم المغرب بأكمله» ماذا دهاني؟ ما الذي جعلني أطلق هذه العبارة بكل هذه البساطة، دون أن أراعي أنني ألامس منطقة خطرة لا أدري عواقبها، هكذا بكل سلاسة ويسر أطلقتها.. حرة تدحرجت من لسان تدرب على صوغ الكلمات، واستقبلتها الأسماع بذهول، فما لبثت أن سار بذكرها


قصص قصيرة جدا

عز الدين الماعزي مذنب هالي جاء العيد، خرج الأطفال بملابس جديدة يغنون، يلعبون.. كان يتابعهم بعينين ساهيتين، يملك فقط فردة حذاء قديم، في انتظار الفردة الثانية التي ذهب أبوه لإصلاحها، ولم يعد بعد. ٭ ٭ ٭ نصف نهار قضى زمنا طويلا ينتظر أشياء كثيرة.. لم يتحقق منها إلا ما كان في الحلم. ٭ ٭ ٭ شكوك


المصطبة

شادية الأتاسي كنت قد استيقظت لتوي.. وضعت شالي الصوفي على كتفيّ بعناية، وخرجت إلى المصطبة/الترّاس/ كما اعتدت أن أفعل كل صباح. قاسيون كان خلفي، وقد طوقتني دمشق حيث أسكن في أعلى جادات حي المهاجرين، بنصف دائرة، بدت لي حلوة كما هي عليه دائما، وأنا أنظر من علو إلى البساتين والحقول والمدى والمطر. من بع


من نفحات الحَكايا الشفاهية

عبد الباقي يوسف من الحَكايا التي يتم تداولها في الثقافة الشفاهية، التي تُبيّن للناس أهمية تقدير الأشياء الثمينة التي يمتلكونها، سواء أكانت مادّية، أو معنوية، كالموهبة، والإبداع، والاختراع، فعدم تقدير هذه النِعَم التي يحظى بها بعض الناس، قد يجعلها تضيع منهم دون أن ينتفعوا بها، أو يَنفعوا بها الآخر


شذرات روزا… أو سلسبيل أزهار الخير

رشيد سكري عبر هذه البوابة الضيقة، وعبر هذا الشباك الزاهي بأطياف العشق، كان ملمسها ناعما، كنتف القطن المغسول بماء المطر. روزا… كعادتها الدؤوب، ومنذ ثلاثين عاما، تحمل رشاشا نحاسيا مترعا بماء فرات، وتطوف كنحلة مطنان على أزهار الخريف. أزهار تسبح في ممر ضيق في لون البحر، وفي شرفة مطلة على ساحة


قلوبهم معك وسيوفهم عليك

رضا نازه جلستُ يوما خلف زجاج مقهى أستروح بعض الوقت وأنظر للعابرين الجائزين في آن واحد. العبورُ لليابسة والجواز للماء كما يقول المعجم، وكان المارة حينها قد جمعوا المعنيين. إذ مع أنهم أهل يابسة إلا أن زخات المطر القوية جعلتهم في منزلة بين المنزلتين، يمشون بين إسفلت وبرك وسيول ومربعات زليج، تقذف الم


«وقائع موت فاطنة»

هاني بكري وقف أمام أبيه، تلاسنا وعلا صوتاهما حتى كادا يتشابكان، نعت أباه بالخاسر، ضيع ما تبقى، دفعه الأب بيده. كلب عاق. حجزت «فاطنة» بينهما. ما له وللتجارة، ليس تاجرا. عشرون عاما على رأس العمل مديرا في التربية والتعليم، ولا يزال يحن إلى التدريس. يدخل الحصص الفارغة بديلا عن مرؤسيه الغ


فُـتـون

مريم القحطاني*“ومن هي تيّه بسلامتها؟” قالت تقية مقاطعة نفسها، وقد انغرست سبابتها في خدّها وارتخى رأسها على إبهامه،ا مُشيرة بحاجبها الذي تقوّس فجأة إلى المرأة الواقفة عند الباب تضم خاصرتها ساقان ممتلئتان لطفل تتناقض بدانته مع نحولها الشديد المقارب للإعياء. إلا أن على وجهها مسحة جمال وابتس


ثلاث قصص

باسم النبريص ليل في ليل ما، بعيد عنّا، ثمّة شخص ما، بعيد عنّا، في مكان ما، بعيد عنّا، يتأمّل جزئيات الهواء ومسألة وجود ربّ من عدمه، وقد يزفر المزيد من ثاني أكسيد الكربون، بين كل صفنة وصفنة، مع شهيق رئوي خافت، لا يكاد يُسمع من قبل شخص ما، قريب منه، في ليل ما، قريب منه، في مكان ما، قريب منه.. إلخ،


رؤيا أخرى

قصي الشيخ عسكر كنت أبحث عن بلد يقبلني بما أنا عليه من شتات، فدخلت مدينة كلّ من فيها بعين واحدة. قيل إنّهم خُيّروا بين نصف البصر ونصف الحكمة فقبلوا البصر. وما عليّ إلا أن أفقد إحدى عينيّ ليقبلوني بينهم. فخرجت… وكان أمام بصري بلد آخر كلّ من يسكنه يعلّق يده برقبته، قالوا رأى كلّ منهم في منام


قطار الشرق البطيء

عيسى الشيخ حسن خريف 2030… في تلك المحطة التي توقفت فيها قطارات آتية من الشرق والغرب، نزلنا، وشربنا الشاي، ومشينا، وتعرفنا إلى الكهل على كرسيّه المتحرك، وابنته التي تدفع الكرسي، والعسكريّ العائد من الحرب، والعسكريّ الغرّ، والرجل الوسيم بنظارته السوداء. كان مساء مكحّلا بغيوم خفيفة، يدفعها ه


البنت

 شهلا العجيلي بقيت أختي في مكانها وقت الحرب، أمّا أنا فرحلت، ليس بعيداً، إلى بلد مجاور آمن، وتمكّنت بسبب خبرتي في مجال الطبخ وإدارة المطاعم، إذ امتلكت واحداً في مدينتي القديمة، من أن أشارك أحد السكّان المحليّين في مطعم صغير، أشرف عليه وأساهم في صنع الطعام مع ثلاثة عمّال آخرين، نقدّم التبولة


دعوة إلى وليمة الدموع

هشام بن الشاوي لأنه يوم ثقيل، مثل حيوان جريح يجر مواويل أنينه. لأن قلبك طاعن في يتمه وبراءته، هطلت ركلات الحياة من كل جهات ليلة البارحة، وسحل العمر أشلاء هذا اليوم المسروق منك، فوق تضاريس وجهك الذابلة، وفاتك رفيف أعياد، تواسي القلب اليتيم، وأنت تتابع تلك السيدة في خشوع، تفتقده صلواتك. تترنح الد


العُوْد ٭

حيدر المحسن جلست العجوز «حربية» في مكانها المعتاد، وأغمضت عينيها، وكانت تحدس العذاب الذي ينتظرها، لأن ابنها العود، عبد الرحيم، جمع أخوته اليوم (الجمعة) ومعهم أحفادها، وسوف يتناقشون حتماً في أمور السياسة. ها هي تفتح عينيها على اتساعهما، توجه نظرات ناريّة إلى الجميع، وتحرّك أصابع يديها،


الفيلسوفة الجميلة

مصطفى لغتيري حين يغمرها العالم من حولها بالصور الخيالية، تحاول جاهدة أن ترتبها، حسب منطقها الخاص.. دوما تميز ذهنها بتلك الانتقائية التي تجعلها تحتفظ بما يناسب تفكيرها فقط، وترمي ما سواه إلى هناك، حيث لا يمكن إلا أن تختلس لها النظر بكثير من الحذر في اللحظات الحرجة. في كثير من الأناقة ارتدت الفيلس


حبات الزيتون

مصطفى لغتيري الضربات المتوالية، التي تتلقاها حبات الزيتون المستسلمة لقدرها، تتضاعف تدريجيا.. ومعها يتردد الصدى بعيدا، يسمعه كل من كان على مقربة من المكان، فيستلطف صوته حينا ويكرهه أحيانا.. المرأة منخرطة في عملها بتفان، تكيل الضربات للحبات المتراكمة هنا وهناك، وهي تقول في نفسها وكأنها تبرر فعلتها







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي