
عاشور الطويبي قريتنا، لو وقفَت على قوز رملها، ماذا ترى؟ أرى ضريح الوليّ الجوّاب، ترفرفُ عليه مناديل بنتيه وآهات العاشقات السائحات. أرى قباب بيوت طينية تنقرها طيور خضر وصفر. أرى أصابع نسوة محنّاة، أرغفة تنّور ودهشات تتدحرج في الضحى. أرى فرس الشيخ ، دلو البئر وأكواز ذرة خضراء في آخر الحقل. ألا
إبراهيم الكراوي طحالبُ الأبديّة وكأنَّها أمْطارٌ تُكَسِّر جَليد الصمت فوق مرتَفعاتٍ قديمَةٍ حيثُ تَفِيضُ جِبالُ الأبَديةِ، بحَليبِ شُموسٍ مثل فَرحٍ مزدان بريش الضوء نلجَأ إلى جُزر الخَيالِ محْمولِين على فُلكِ الأيام؛ إذ أنَّنا نُبْحر بلا مَجاديفَ، بلا أفكارٍ... رغم ذلكَ، تطلع أحْلامُن
عبد الكريم الطبال 1 أغبطُ الصَّمتَ القابعَ في خلوتهِ يفكّرُ دون كلامْ يحلمُ دون خيالْ أصحابهُ كُثْرٌ: النسيانْ العشبُ القصيدةُ الأيمانْ كلّهمْ أنبياءْ. 2 في الفجر رعدٌ يصلّي في السماءْ سرّاً صلاة العشق للقدسِ ثم يهبط للأرضِ يصلّي فيها صلاة الفجرِ جهراً يُرتّل في
جمال البدري “صاحبة البنطال البارد” على قارعة الطريق رأيتها… جاءت إلى ميلانـو منذ أيـــام؛ هاربـة من جحيـــم الحــرب… ذات جمـال عبقـريّ لاهـــب؛ بنطالها الأزرق الجينز مثقــوب. كعينيها الزرقاوين؛ يا بحـــــر. ظنّنـت أنها من مخالب (دبّ)؛ لكن تبيّــن أنهــا ثقـ
مروان ياسين الدليمي: لاَجْلِ أَنْ تَتَفادى مُفاجَآت لها طعمُ النُّحاس لِماذا عَقَدتَ العَزَم على أَنْ تُكفِّنَ بَراءة الكَلام بِمناديلَ مِن رِمَال؟ لو كُنتَ فاهِمَا لحظَة الوَدَاع كَما لو أَنَّها نهايةٌ مُتوقعةٌ لِاستعرَاض عَسكَري لتمَكَّنتَ مِن وصفِها دونَ طَيش. قَدَرُكَ الآنَ
عمر الشيخ يوشك أن يكون مشنقة البيتُ صارَ عجوزاً وكلّ ليلةٍ يسعلُ من صدري، ها هي تنمو أذرعهُ وأقدامهُ، ها هو يتماهى في جسدي، ملامحهُ أيقونة من تراب وشقاء. البيتُ يطوي جدرانه كأغطية فوق القتلى، فوق المُعانقات... أشعر بدبيب الألوان على أركانه، البيتُ يتلوّن بضوءٍ أشيبَ ينتزعُ هُدن
سمعان خوّام I عينايَ مرآةٌ خلفهُما أبني مستودعاتٍ جديدةٍ للذّاكرة. ▪▪ أتنفّس بجديّة ريح الشّمالِ أخلع عنّي جلدي جِلدي شِراع. ▪▪ في الفجرِ ينمو لي ذنبٌ أحمر لأصادقَ ثعالب الحيّ. في الظّهيرة ينمو لي ريشٌ أسود لأجالسَ الغِربان. في اللّيل تنمو قدمي مِن جديدٍ لألتحقَ بالرّاقصين والرّ
الدكتور شهاب محمد عبده بذكرك يا إلهي نطمئنُ ويهدأ في الحشا قلق وحزنُ وتغمرنا السكينة بعد غمٍّ وينزل بعد داء الخوف أمنُ فلَاسْمُكَ بلسمٌ من دون طبِّ وصيدلةٍ به الأنوار تدنو فحمداً يا إلهي ألف حمدٍ فأنت لكلِّ من يرجوك حصنُ
حسن حصاري لوْ أبَادِر سريعا، بِتقليم أظافر أفكارٍ دَامِسة اللوْن تنبتُ فِي رَأسي، كفِطرٍ عفِن. أحْشو الكثيرَ منْ تضارِيس الضَّجر، بيْنَ نُدوبِ أوْراق ذِكرياتٍ تسكنُني. أعْبثُ بِهوامِشِها الفارِغَة مِنْ كلِّ إشاراتِ الغفلة، وَبَياضاتِ النسْيانِ الآثِمِ جِدا بِزِلةِ التذكرِ. ٭ ٭ ٭ هلْ
فادي طفيلي (إلى ف. أ. خ) ليل إنّه ليلٌ ما زال كما هو منذ زمنٍ طويلٍ وأعيننا في مكانها. انظرْ بِهما إليهِ على صفحة كوبِ الشايِّ يتشبّثُ بسيقان النعناع، والسُكّرُ الكثيفُ يشدُّه إلى الأسفل. انظرْ إليه... ليلٌ واضحُ العينين الغائرتين، يذوبُ ولا يبقى له أثرٌ في القعر لكنّه سرعان
عمر الشيخ قلوبنا في الريح، والحبّ مأزق وعينا، هذه الوجوه غريبة.. ٭ ٭ ٭ كنّا وضعنا ثيابنا معاً، والآن أنظف العدم أبواب خزانتكِ مفتوحة وفي عيني أقنية مسدودة… ٭ ٭ ٭ رأيتكِ في التّعب تزدادين عتمة، رأيُتني أشيّد لكلماتي السجون.. تلك الطرقات المظلمة، لم أنتبه لها! ظننتُ الحبّ بسيطاً
علي الشلال ضوءٌ للأيّام البعيدة ما أبهى الرحلةَ، حين أرى الشجرَ يلوِّح أنهُ ذاهبٌ لمدينتكِ، صرتُ أطمئِنُّ مثل حقلٍ تصافحُهُ الريح على مهلٍ، صرتُ أجسُّ بحواسّي ما لا تصِله المسافة وما لا يفتحهُ الهواء مِن رسائل النظرِ العديدة، في الصباحِ تهِبين حياةً جديدةً للنافذةِ، يستيقظُ عصفورٌ في حديق
علي مطر كان جوزيف ضمن فصيل الإعدام جندياً ألمانيا عادياً. وقف وسط زملائه ينظر إلى فصيل المحكومين ميدانياً بالإعدام. كانوا مجموعة من السكان اليهود المدنيين. كانوا معصوبي الأعين بخرق بيضاء. كانوا مثل دمى ملقاة على تلة الإعدام. تلك الدمى المشبوكة الأيادي التي تعلق على حبال الغسيل.
ميلينا عيسى لئلّا تموتوا دفعةً واحدةً، شاركوا المغادرين إلى القبرِ واستنشقوا مرارَ العوسجِ، قبل سكبِهِ فوق جراحِكم العنيدةِ. الفارساتُ اللواتي يجاهدنَ في سبيلِ عمرٍ من الحبِّ، يُحاكَمنَ بحبلٍ خجولٍ وحنّاءٍ يئنُّ، تتزاحمُ الغيلان في بطونِهنّ وتُبتَرُ الغدائرُ بصراخِ ليالٍ خرجتْ للتوّ من هتك
نبيل منصر قَبْلَ الطُّوفان، استيقظتُ. وَجَدْتُ المَرْكَبَ أمام العَتبة، قدَمي اليُمْنى على سَطحِه، بَينما اليُسْرى في اليابسة. نائِما كُنتُ، النَّثرُ الدِّيني يَسْتَعِدُّ لِترتيل آيةِ الغَرَق. الظلامُ في عَيْني وقلْبي، وفي يَدي الهواءُ. خَلفي تَرَكتُ حِبْراً جافّاً ووَرقة بَسَطتُها لِزُو
حمزة باشر سيأتي زمانٌ محمّلٌ بأجسادٍ كثيرة تريد النهوض. يُرهِقُها الوقت، وذاك الفراغُ المكثّف، الآن تحت رعشة الجسد حين تجرحه يدُ البرد بعد منتصف الليل، في سماء أنجمينا تغمر أغنية الحبّ عاشقين تحرّرا من عَناء الجسد وهو يرقص "ماميرو"، أتذكرين؟ هناك عابران التصقا حَدّ الشبق يلفّهما البر
فراس موسى هذا دمي أمّاهُ في طست الخلاص محمحِماً مثل الحصان يدورُ من كأسٍ إلى كأسٍ ولا يرتاحُ إلا كي يطفّح مرّة أخرى كؤوسا جفَّ في أعراقها شغفُ الثمالة.. هكذا قلبي تظلُّ طيورهُ ملكَ الجميع ورخْصة.. مبثوثة بين الدروب الزنبقيّة.. لا تنامُ، ولا تؤوبُ إلى العشاش لأنّها في شغلها الأبديّ، فاكهة،
عاشور الطويبي 1 "وأعْيُنُ الكون خلفَ الستر ناظرةٌ" ابن عربي كلّ حجرٍ في الواو*، أغنية في صدر الرمل كلّ رجفة غصنٍ حطّ عليه طائرٌ، أغنية في صدر الليل كلّ دربٍ خطّه النملُ المثابر، أغنية في صدر صيّاد غريب كيف، إذن، أفهم دويّ الطبول وراء الجبل؟ كيف أرى عريها الشاحب في الشمس؟ كيف تنهض من موتها