الحرية لحظة اللغة

2022-10-01

قاسم حداد

ليست اللغة عبدة القراءة ولا صخرة الجبل، إنها سيدة الكتابة، كلما تسنى لها فضاءً حراً في المخيلة. حرة في الشك وقائدة في البحث.

ثمة المخيلة التي تجعل اللغة وهجاً يضيء، لا نجماً يلهب يسقط، ففي اللغة من الروح ما يمنح الكلام معنى يقصر عنه العقل والذهن المتوقد. اللغة نَمِرةٌ غير قابلة للترويض. إنها الوحش الأليف الذي يستأنس الغابة ولا تنال منها البديهة الطارئة.

فكن سيد الاكتشاف الذي يطأ الجمر بقدمين عاريتين، لا يعبأ بالنيران ولا يكترث باللهب.

٭ ٭ ٭

فكل ما يتسع الأفق يصير التحليق أكثر جمالاً، وأعمق أثراً.

بين الماء والثلج مسافة المخيلة، فاللغة طير يمتلك السماء بالريش الرهيف.

الهواء له درجٌ، وكل سلمة حرف وكلمة، وما علينا سوى أن نصغي لما يهزج به الطير فيما يمسح الريح بأجنحة الحلم.

افتح الأفق للغة تمنحك الدرس لك وتشرع لنصك الفضاء. لا تستهين بما يبوح به الكلام فيما يصير كتابةً.

٭ ٭ ٭

هنا تبدأ الكتابة سيدة الجبل، وهي تشرف على هاوية الجمال، لن تنال الكتابة بغير المخيلة الحرة، فللغة قدرٌ كامل من الحرية لئلا يقال إن قصوراً في حرية المخيلة تعثرت به اللغة.

ليست ثمة عبودية لحظة الكتابة، كن عبداً للغة وعاشقاً لها في آن.

الكاتب الذي لا يتضرع للغة، تفوته خيراتها.

العشق عنوان لا يخذل.

٭ ٭ ٭

ربما أحرقت جلدك، لكن النار تنضج النص كلما توغلت فيك. فالجمر صديقات كريمات، يمنحنك الحس الجميل فب الملامسات. فلا تتأخر عن العناق، ففي عناقك للغة نشوة لا ينالها سوى المولعين بالأبجدية، الغارقين في اللج.

الغارقون في موج اللغة يكتشفون جمالات الماء وهو يرأف بجسد النص خارجاُ من الغسل. فلا تتأخر عن تعلم الغرق فيما تحاول الوصول إلى النهر.

٭ ٭ ٭

أمضيتُ خمسين حولاً أصغي لنحيب النحاة حول الكتاب،

لقد كان شخيراً؟

٭ ٭ ٭

لا تنم إلا والحلم قرينك.

من يفرط في النوم بغير أحلام؟

من ينام في فراغ بلا ريش اللغة

من يترك أحلامه في النوم

ويخرج عارياً من ثروات النوم.

من يقبل بالموت قبله.

٭ ٭ ٭

ففي لحظة انسانية مثل هذه، يتوجب علينا أن نرى إلى الثقافة مناسبةً للحوار الرصين، الفعّال في حقل التنمية البشرية. فالطبيعة الحيوية للثقافة لا تجعلها صالحة كميدان للمجابهات، إنها حقلٌ للتفاهم الكونيّ الذي يضع العناصر الإنسانية، بوجهات نظرها، سبيلاً يفتح المزيد من آفاق المستقبل؟

٭ ٭ ٭

ليس لأن البحر عاق والموج ركيك والريح تقصر عن القلوع.

لكن لأن البحارة لم تتدرب على الغرق،

فينالها القاع في كل مرة تحاول امتحان النهر.

شاعر بحريني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي