شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

التواضع والحس الجمالي وعدم التذمر.. صفات المثقف كما يصورها أنطون تشيخوف

2020-01-09

تشيخوف يعتبر التعاطف والتواضع من شروط المثقف (ويكيبيديا)يزدري بعض المثقفين بغطرسة واستعلاء "العوام" الذين لم يطالعوا روائع الأدب العالمي ولم يحضروا عروضا مسرحية أو حتى لم يشاهدوا الأفلام الأعلى تقييما، وبالطبع لم تتح لهم فرصة التجول في أنحاء العالم، لكن الأديب والروائي والمسرحي والطبيب الروسي أنطون تشيخوف (1860-1904) يعتبر التعاطف والتواضع من شروط المثقف السبعة.

وفي تقرير نشرته مجلة "رينكون دي لا بسيكلوخيا" الإسبانية، تطرقت الطبيبة النفسية جينفر ديلغادو سواريز إلى رؤية تشيخوف لما يعنيه أن يكون المرء متعلما، والتي تتجاوز مجرد تجميع المعرفة لتكون منظورا ثريا وعميقا يشجعنا على التفكر.

وبناء على ذلك، يميز تشيخوف المتعلم حقا عن الشخص الذي اكتسب المعرفة ويرى أن العلم يجعله أكثر رفعة من الآخرين.

ذكرت الكاتبة أن تشيخوف في سن 28 عندما بدأ يكتسب الشهرة كرسام بالعاصمة الروسية، كتب رسالة إلى شقيقه نيكولاي يعود تاريخها إلى سنة 1886، تحدث فيها عن جملة من النصائح لفنان ناشئ اشتكى يوما ما من أن أحدا لم يفهمها.

وعُرف تشيخوف بالمزج بين أسلوب الكتابة العاطفي والدراسات التفصيلية لأحوال البشر خلال مستهل القرن الماضي، واعتبر من أكبر رواد القصص القصيرة عالميا.

ولخص التقرير الصفات الرئيسية للشخص المتعلم والمثقف.

احترام الآخرين
هؤلاء يحترمون شخصية الإنسان لذلك دائما ما يكونون لطفاء وعلى استعداد لتقبل الآخر، ويتسامحون مع مسببي الضجيج ومع وجود الغرباء في منازلهم. إن المتعلم يحترم الآخرين، ويكون متسامحا معهم ولا يضع أوزاره على الآخرين ويتحمل مسؤولياته. وتعتبر شخصيته مرنة بما يكفي لقبول الطرف الآخر وطرق تفكيره وتصرفه وإن اختلفت أفكاره.

 تشيخوف يرى أن الأشخاص المثقفين صادقون ويخشون الكذب (ويكي كومونز)
الصدق

المثقفون صادقون ويخشون الكذب كخشيتهم النار، ولا يستطيعون الكذب حتى في الأمور البسيطة، إذ يعتبر الكذب إهانة للمستمع، ويضعهم في موقف محرج في أعين المتحدث، ولا يتباهى المثقفون أمام رفاقهم الأكثر تواضعا، ولا يميلون للثرثرة، ولا يفرضون ثقتهم على الآخرين.

والمثقف حقا لا يتباهى بمعرفته باستمرار، ناهيك عن أنه ذكي بما يكفي ليدرك ما لا يعرفه، ولا يلجأ إلى الكذب في محاولة لإبراز ذكائه.

التواضع

لا يمتلك المثقفون صفة الغرور المفرط، فلا يثير اهتمامهم أسماء المشاهير أو الاعتراف بهم في الطرقات، ولا يتباهون بالقدرة على الدخول إلى أماكن لا يُسمح فيها بدخول العاديين.

يبقى الموهوبون حقا دائما في الظل بين الحشود، بعيدا عن أضواء الشهرة. في المقابل، تحتاج العقول الفارغة إلى المزيد من الضوضاء، على عكس المثقفين الذين لا يحتاجون إلى إبراز معارفهم بما أن الثقافة تسير دائمًا جنبًا إلى جنب مع التواضع.

تقدير مواهبهم

يحترم هؤلاء الأشخاص مواهبهم ويشعرون بالاعتزاز لاكتسابها، كما يقدمون تضحيات على غرار حرمان أنفسهم من الراحة.

أن تكون متعلما يعني أنك على دراية بمواهبك وملتزم بتطويرها مما يساهم في ازدهارها، حتى لو كان ذلك يعني تقديم بعض التضحيات وبذل الكثير من الجهد. في نهاية المطاف، يجب أن نتذكر أن الموهبة دون المثابرة لا تؤتي ثمارها.


الكرامة

لا يقلل المثقفون من شأن أنفسهم حتى لا يثيروا شفقة الآخرين، فهم لا يسيئون لأحد، ولا يدعون ألا أحد يفهمهم فكل هذا بالنسبة لهم هراء.

وعلى حد تعبير تشيخوف، فإن المثقف أيضا شخص يتمتع بالكرامة، لا يحزن ولا يبكي. إن المتعلم لا يحاول التلاعب بالآخرين بل يسعى إلى إيجاد الحلول، كما أنه ذكي بما يكفي للاستفادة من الظروف لصالحه بدلاً من التذمر.

أن تكون متعلما يعني أنك على دراية بمواهبك وملتزم بتطويرها (مواقع التواصل)
الحس الجمالي
يستطيع هؤلاء تطوير الحس الجمالي لأنفسهم، فهم لا يستعملون ذكاءهم للبحث عن مواضع الكذب، بل يتوقون للأناقة والإنسانية خاصة لو كانوا فنانين.

من جهته، يربط تشيخوف الثقافة بالحدس، ويعني هذا أن المتعلمين لا يخوضون المعارك لأنهم قادرون على فهم الجوهر الإنساني، ولا يسألون الآخرين أكثر مما يمكنهم تقديمه.

أن تكون متعلما هو أيضا أن تكون عمليا وموضوعيا وأن تسعى إلى معرفة جذور الأصالة، ليس فقط داخل أنفسنا ولكن أيضا لدى الآخرين.

التعاطف

أخيرا، يتعاطف المثقفون مع القطط مثل ما يتعاطفون مع المتسولين، ويتألمون لحالها خاصة إذا ما كانت هذه عمياء.


ويعد المثقف شخصا حساسا وعاطفيا، ليس فقط في وجه الظلم والألم الذي يجده في طريقه، ولكن أيضا في مواجهة كل ما يحدث في العالم. لم يتمكن تشيخوف من تصور ثقافة غريبة عن المعاناة الإنسانية والفرح.

وبدأ تجربته مع الكتابة منذ كان طالبا يدرس الطب، وكتب مئات القصص القصيرة، وتركت مسرحياته بصماتها على دراما القرن العشرين بأسره، وتكشف مذكرات تشيخوف لبيتر سيكيرين أيضا أن الكاتب كان دائم النصح لرفاقه من الأدباء بألا يكفوا عن الكتابة، أو يركنوا للكسل، معتبرا أن العمل ترياق الحياة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي