شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

"اللوزي" صديقي الشاعر

2020-07-13

فقيد اليمن الكبير أ. حسن اللوزي الشاعر ووزير الاعلام اليمني الأسبقأنور العنسي*

 

في بريق عيني "حسن" كان ثمة برق من ذكاءٍ نادر ، غريب ، خاطف ، برقٌ يغسلك من رأسك حتى قدميك ، شجنٌ يأسرك ، وأسئلة شتى تحاصر فيك.
كان ذلك أول انطباع تكون لدي عنه بعد أول لقاء لي معه خلال توليه منصب وزير الإعلام أعادني خلاله إلى وظيفتي في التليفزيون بعد قرار أحمق كنت إتخذته بالهجرة إلى الكويت.
كل ذلك كان من أكثر الأمور التي جعلتني أقف إلى جانب "حسن اللوزي" الذي تصرف معي برؤية "شاعر" رغم بعض الخلافات والاختلافات بيننا التي كان أسوأها أنه كان يتعين عليّ تحمل كلفة الصداقة بين رجل مثله في قلب السلطة وشابٍ مثلي على رصيفها.
عرفت فصولًا حزينة من معاناة "اللوزي" قد لا يعرفها أحد بدءاً من صدمته القاسية باغتيال صديقه الراحل الرئيس إبراهيم الحمدي ، وانتهاءً بشعوره بالخيانة لما اعتقد أنها كانت مبادئ "راسخة" في علاقته بالرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
في عشرينيات عمري كانت بداية سماعي ومعرفتي بإسم "اللوزي" عندما قرأت مقالاً له في مجلس مقيل للرئيس الحمدي بمنزله في مدينة ذمار جنوب صنعاء .. مقالاً منشوراً حينذاك في صحيفة ١٣ يونيو (٢٦ سبتمبرلاحقاً) حيث اعتقدته كاتباً عربياً إلتبس إسمه عندي بالراحل سليم اللوزي رئيس تحريرمجلة "الحوادث" اللبنانية ، غير أن الحمدي نبّهني إلى أن "حسن" مثقف وشاعر يمني شاب يحسن بي التعرف إليه.
في قرارة نفسي كنت أشعر أننا يمكن أن نجد خلال نصف ساعة كثيرين لشغل منصب وزير الإعلام لكننا لايمكن أن نجد خلال سنوات "شاعراً" واحداً بموهبة اللوزي ، غير أن بهرج السلطة لم يكن يسمح بمجاهرته بذلك ، وقد كنت أردد بيني ونفسي أن وجود مثقف على رأس وزارة الاعلام ربما أفضل من سواه في حين كان يرى أصدقاء آخرون أن العكس هو الصحيح.
إختط حسن لأعماله الشعرية الأولى "لغةً" في اللغة خاصة به لم يسبقه إليها أحد منذ كان طالباً يدرس الحقوق في جامعة الأزهر بالقاهرة.

مبكراً تقدم اللوزي إلى نفسه وصوته الخاص ، وحمل مشروعه الشعري ، فارضاً نفسه في الميدان بقوة وثبات ، وذلك باجتراح نصوص شعرية لا يمكن إنكار أهميتها في تاريخ الشعرية العربية في اليمن حينذاك.
ثمة اشتباك معقد في العلاقة كان بيني وبين حسن ، أساسه أنني كنت متأثراً بتجربته إلى حد التلبس ، وجانب منه أنه كان رئيسي الأول في العمل مع أنني لم أحظ بأي امتياز منه بسبب ذلك ، فقد كان يفصل على نحو صارم بين صداقتنا الأدبية وعلاقتنا المهنية.
لم تكن المياه على الدوام جارية بيني وبين حسن على ما يرام ، فقد أخذت منه حسابات السلطة ما أخذت في علاقاته بي وغيري من أصدقائه ، لكني أشهد أنه لم يؤذ أحداً ،وحينما لم يكن قادراً على إنصاف أحد لم يكن سبباً في أي حيفٍ يقع عليه.
في السنوات الأخيرة أجرى حسن مراجعات عميقة ومؤلمة لتجربته في "الحكم" أكاد أجزمأنها أعادته إلى ذاته ، إلى حسن ، إلى الشاعر الحالم ، إلى الإنسان فيه.

 

* شاعر وإعلامي يمني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي