شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

جنون خريستو وقوس النصر

2021-09-20

 رمز فرنسا يستجيب للحلم الأخير لخريستو

فاروق يوسف*

كما لو أنه لا يزال حيا. باريس تحتفي بخريستو وتهبه أعظم تحفها. قوس النصر. مَن يحلم بالاستيلاء على قوس النصر وهو رمز فرنسا؟

قبل وفاته كان خريستو قد قرّر أن يكون تغليف قوس النصر هو عمله الأخير. وهو من وجهة نظره العمل الذي سيخلّده. من الطبيعي أن لا توافق الحكومة الفرنسية على ذلك. فـ”قوس النصر” ليس مباحا للعب البصري.

أنت ترى باريس من خلاله مثلما هو حال برج إيفل. كانت مغامرة فردية مجنونة. غير أن خريستو كان يفكّر بطريقة عاصفة. ولكن الشجاعة ترتبط بقرار حكومي. أن تتخلى الدولة الفرنسية عن واحدة من أعظم تحفها لتكون ملكا للفنان الذي سبق له وأن استولى على جسور وقصور تاريخية وجزر حول العالم.

قبل سنة مات خريستو المولود في بلغاريا عام 1935. غير أن مشروعه في تغليف قوس النصر استمر ليخلق الرئيس الفرنسي ماكرون من خلاله حدثا تاريخيا يُذكر بعهده.

لقد اختفى قوس النصر مؤقتا بعد أن غلفه خريستو مثلما فعل من قبل مع أحد جسور باريس التاريخية. وبسبب ضخامتها فإن أعمال خريستو تكلف أموالا طائلة من غير أن تعود عليه بأي مردود مادي.

إضافة إلى أنها أعمال زائلة لا يبقى منها سوى الصور والخرائط التي غالبا ما كان الفنان وزوجته جان كلود يستعملانها في إقامة معارضهما الشخصية.

وقد يبدو فن خريستو دليلا على ما ينطوي عليه الفن من جنون، حسب العبارة الشهيرة، غير أن ما فعله ذلك الفنان عبر حياته هو التجسيد الأمثل للشجاعة والجرأة والثقة التي يعود مصدرها إلى الثقة بقوّة الفن وقدرته على الدفاع عن البيئة.

لقد حجز خريستو مكانه بين الخالدين من الفنانين في وقت مبكّر من حياته. ذلك لأن فنه لم يكن مسبوقا وليس من المتوقع أن يظهر فنانون يكملون مسيرته. فإضافة إلى الصعوبات التي ينطوي عليها ذلك الفن، فإنه لا يجلب الأموال التي يحلم بها الكثيرون.

كانت السعادة هي الثمرة التي لطالما رعاها خريستو بأفكاره المجنونة. سعادة أن تحمل التحف الخالدة توقيعه وتوقيع زوجته. وها هي باريس تهبه فرصة التوقيع على قوس النصر، وهو أثرها الخالد.

 

  • كاتب عراقي

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي