شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

صاحب أقدم متجر “أنتيكا” في غزة يشكو قلة زائريه

2021-08-01

أقدم متجر “أنتيكا” في غزة

هاجر حرب

تحت ظل الضوء الخافت الذي يتسلل إلى المكان والذاكرة من تلك النجفة المعلقة في السقف، وسط آلاف الكتب القديمة، والمقتنيات الأثرية “الأنتيكا”، يقضي الستيني أبو جميل الريّس وقته منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً في متجره الصغير بحجمه، الكبير بما يحتويه من تحف فنية نادرة.

في نهاية الطريق الواقع بالقرب من المسجد العمري بسوق الزاوية الشعبي في منطقة غزة القديمة، حيث توجد شتى أنواع المباني القديمة، التي تنبؤك بالحضارات التي تعاقبت على المكان، يشدُ انتباهك المتجر الذي يضم عشرات الرفوف التي تحتضن كتباً، ورواياتٍ، ونسخاً قديمة من أشهر الصحف العالمية، فضلاً عن الأواني النحاسية، والتحف الخشبية، ومقتنيات أثرية اكتست بغبار الزمن، وإرث التاريخ، تجذبك إلى الحد الذي يجعلك تقف صامتاً متأملاً، ومتسائلاً كيف لمكان كهذا أن يُهجر؟!.

الولوج إلى المكان يتطلب منك إن فكرت يوماً بزيارته أن تستحضر ذاكرة قوية تسمح لك بأن تحتفظ فيها بما قد تراه هناك، فعلى جانبيه، ستجد الكتب التي طبعت بلغات عديدة تنوعت بين الأدب الإنكليزي والألماني والفرنسي، يعود بعضها لمئات السنين، وفي زوايا أخرى ستناديك المقتنيات القديمة، كالمذياع الذي كان يعمل على البطاريات، علاوة على بعض الكاميرات القديمة، وأشرطة الفيديو، ولن يخلو المكان بالطبع من مطرزات، ومفاتيح لبعض من منازل الفلسطينيين في قراهم التي هجروا منها عام 48، تجاوز عمرها عمر الاحتلال ذاته.

المكان الذي كان وجهة سياحية لعدد من الزوار الأجانب خلال سنوات سابقة، يضم كذلك الحُلى و السلاسل الفضية، والأواني النحاسية، وأباريق القهوة، وأدوات النجارة والحدادة التي كانت تستخدم في المدارس المهنية والتقنية قديماً، فضلاً عن عدد من المجلات الثقافية العربية التي تحمل واجهتها صوراً لزعماء عرب، لكنه اليوم بات يشكو من قلة زائريه، ويعود السبب في ذلك إلى تردي الحالة الاقتصادية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثرمن عقد من الزمان.

الرجل الذي اعتاد على جمع القطع الفنية القديمة كان واحداً من أوائل الناس الذين فكروا باحتوائها داخل متجر واحد، إذ جرت العادة أن يتخلص الناس من مقتنياتهم القديمة، لكن العم أبو جميل، كان يفضل الاحتفاظ بها عبر سؤاله لهم بألا يتخلصوا منها، وأن يحضروها له، ليتولى هو أمر إعادة ترتيبها و رصها على أرفف متجره.

وعن هذا يقول: “بدأت بجمع القطع النادرة، وتلك القديمة منذ أن كنت في عمر الشباب، تدفعني هذه الهواية للاحتفاظ بكل ما هو قديم، وإن كان يحمل رمزية بسيطة”، مشيراً إلى أنه لا ينظر لمثل هذه المقتنيات بشكلها الظاهري مثلما يفعل غالبية الناس، بل أن للأشياء أرواحاً تتكلم وعراقة لا يقوى على الصمود أمامها، وكلما زاد قدمها، كانت محببة إلى قلبه.

الريس الذي يهوى جمع القطع القديمة، والذي قرر لاحقاً أن يحول هوايته لمصدر رزق يعتاش منه، لا يشكو قلة زائريه فحسب، بل يبدي امتعاضة من عدم الإقبال على قراءة الكتب التاريخية  والأدبية والروايات مثلما كان الناس قديماً يفعلون.

المتجر فضلاً عن أنه يضم قطعاً أثرية قديمة، هو كذلك يجمع إرثاً وطنياً من مئات الوثائق التاريخية التي تؤكد أحقية الفلسطينيين بأرضهم التاريخية، وكذلك شهادات الميلاد القديمة “الكواشين”، ووثائق تعود للعهد العثماني.

ولا يتوقف الريس عن جمع المقتنيات القديمة، فجزء من وقته يقضيه متنقلاً بين الأسواق الشعبية كسوق”فراس” أحد أهم الأسواق الشعبية بغزة، حيث تتم عمليات بيع وشراء الأغراض البالية والعتيقة،وبأسعار زهيدة.

يشار إلى أن متجر أبو جميل كان عرضةً للفناء، إذ يقع بالقرب من مكان الانفجار الذي حدث في سوق الزاوية مطلع الشهر الجاري، وأدى إلى استشهاد مواطن، وحرق عشرات المحال التجارية، بما في ذلك مكتبة كانت تجاوره.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي