شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

معادلة الفوضى وأثر الفراشة

2020-07-11

إبراهيم الجبين*

نمت فروع خضراء على سور الحديقة الخشبي القديم، دارت والتفت عليه وانهمرت في كل اتجاه، ناثرة أزهارا بلون البلور الشفاف، بعد شتاء طويل. احتفال الطبيعة بالحياة لا يعادله شيء. زمن تغيرات الحركة النباتية مختلف عن زمن تغير البشر، ومثله زمن العالم كله. نراه بطيئا ويرانا متعجّلين مثل نمل يركض لجمع المؤن، من أول حياته إلى آخرها.

ولا يزال إعلان فريق أوروبي عن توصله إلى “معادلة للفوضى”، في الأعوام القليلة الماضية خبرا يشغل البال. معادلة قال عنها فلاديمير أوسيبوف، أحد باحثي جامعة لوند السويدية “نعم، الآن نحن نملك معادلة دقيقة. شخصيا أنا متفاجئ بكون هذه المعادلة أمرا معقولا”.

  نظرية الفوضى القديمة المعروفة بـ“أثر الفراشة” التي تشير إلى أن أي تغير صغير جدا في نظام المدخلات يؤدي حتما إلى تأثير كبير، وبناء عليه فإن العالم والطبيعة ربما قد يكونان “غير قابلين للتنبؤ بصورة كبيرة نتيجة لذلك”

يقول الرجل واثقا: نعم. فهل فعل العلماء ذلك حقا بعد دراسات دقيقة ومضنية لمستويات مختلفة من الطاقة في حالة الفوضى الكمية؟ استندوا إلى نظرية الفوضى القديمة المعروفة بـ“أثر الفراشة” والتي تشير إلى أن أي تغير صغير جدا في نظام المدخلات يؤدي حتما إلى تأثير كبير، وبناء عليه فإن العالم والطبيعة ربما قد يكونان “غير قابلين للتنبؤ بصورة كبيرة نتيجة لذلك”.

قبل عقود من ذلك، كان عالم الرياضيات الأميركي إدوارد نورتون لورنتز يجرّب قياس الطقس، باستخدام أجيال مبكرة من الكمبيوترات.

فلاحظ تغيرات كبيرة نتجت عن إدخال شروط طفيفة. وبعد سنوات من التجريب، كتب بحثا حول ذلك، ولكنه عجز عن وضع عنوان مقنع لبحثه الذي كان سيلقيه أمام الاجتماع الـ139 للجمعية الأميركية للعلوم.

 حينها طرح عليه صديق له يدعى فيليب ميريلز السؤال التالي ليكون عنوانا لورقته ”هل تؤدي رفرفة أجنحة فراشة في البرازيل إلى إعصار في ولاية تكساس؟“.

ومع ”معادلة الفوضى“ الجديدة، نتحدث عن ذلك العالم غير المرئي. حيث تتصرف الأجرام الدقيقة كما يشرح أوسيبوف، بصورة غير متوقعة. ويضيف “في أنظمة الفوضى فإن مراحل الطاقة تصد بعضها البعض، وتؤثر على بعضها البعض حتى لو كانت متباعدة”. تأثيرات ذلك على الحياة في الصور ذات الأبعاد الأكبر، قد تبدو أضخم هي الأخرى. عندئذ سينفتح العقل على كل الاحتمالات المثيرة. كل ما هو خارج الهندسة والنظام، فوضى. بما في ذلك سلم القيم والفنون والآداب والسياسة والاقتصاد والتأريخ والتوثيق والإعلام.

أولئك الواهمون في مختبرات السويد وبعض الأماكن في العالم، باكتشاف برمجة تضبط الفوضى، وتعيد العقل إلى عصر النظام الصارم، إنما يطبخون الهواء، ويسلقون الحصى. وعليهم أن يتذكروا كلام الفيلسوف الألماني يوهان غوتيلب فيتشه الذي قال يوما “لا يمكنك إزالة حبة رمل واحدة من مكانها دون تغيير شيء ما عبر جميع أجزاء الكل اللامحدود”.

 

  • كاتب سوري






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي