شعرقص.حواركتاب الأمةأدب عالمينقدفكراصدارات جديدةاخبار ثقافيةتراثفضاءات

دار الكُتب الوطنية في صنعاء: ما الذي أحدثته الحرب؟

2020-07-02

صنعاء ـ أحمد الأغبري - تراجع مرتادو دار الكتب الوطنية في صنعاء، وهي أكبر مكتبة حكومية يمنية، خلال الحرب المستعرة هناك منذ مارس/آذار 2015 إلى عشرين زائرا يومياً، بينما كانت الدار تستقبل قبل الحرب نحو ثلاثمئة زائر يومياً، وكانت الدار حينها، تعمل بكامل موظفيها البالغ عددهم 48 موظفاً، بينما يعمل في الدار حالياً، خمسة موظفين بلا مرتبات ويتقاسمون جميعاً مكافأة شهرية قدرها ستون دولارا أمريكيا.

وكانت الصين موّلت مشروع بناء وتأثيث مبنى المكتبة الوطنية في صنعاء، وكان يُفترض استلام المبنى مؤثثاً عام 2015، لكن اندلاع الحرب أدى لإيقاف استكمال المشروع، لتبقى دار الكتب الوطنية ملتزمة بمهام المكتبة الوطنية حتى الآن. أنشئت الدار عام 1968 على نفقة الكويت، وافتتحت عام 1970.
يقول وكيل الهيئة اليمنية للكتاب القائم بأعمال المدير العام للدار زيد الفقيه لـ»القدس العربي»، إن الدار تقوم بمهام تسجيل أرقام الإيداع للكتب اليمنية الجديدة، وحفظ حقوق الملكية الفكرية، وتوثيق الدوريات والنشرات الرسمية والصحف والمجلات، وتمكين القراء بمختلف مشاربهم من القراءة ومصادر المعرفة، من خلال مكتبة تضم نحو مئة ألف عنوان تقريباً.


تتكون الدار من إدارة وثلاث قاعات، قاعتين للمطالعة وقاعة للتزويد. وتضم المكتبة، إلى جانب عشرات الآلاف من العناوين، كل ما يصدر في اليمن. وفيما ذكرت مصادر أن ما صدر من الكتاب اليمني، حتى الآن، لا يتجاوز عشرة آلاف عنوان، يقول زيد الفقيه إن ما تحتفظ به الدار من عناوين الكتاب اليمني يتجاوز هذا الرقم، وقد يصل إلى 30 ألف عنوان تقريباً.

ماذا أحدثت الحرب؟

أحدثت الحرب تغييراً وتدهوراً في عمل كافة المرافق الحكومية، بما فيها المؤسسات الثقافية، وفي مقدمتها دار الكُتب الوطنية… فما الذي تغير في واقع الدار خلال الحرب؟ «تغير الشيء الكثير، يقول زيد الفقيه، فعلى صعيد تسجيل أرقام الإيداع فقد تراجع تسجيل أرقام إيداع الكتب الجديدة، عما كان عليه قبل الحرب، فبينما كانت تسجل الدار سنوياً قبل الحرب ما بين 1200 و1400 رقم إيداع تقريباً، تراجع الرقم خلال الحرب بنسبة خمسين في المئة؛ ففي عام 2019 مثلاً تراجع الرقم إلى 700 رقم إيداع تقريباً وأحياناً أقل، وهو رقم يقتصر على مَن يطبعون داخل اليمن في الغالب، وخلال الحرب اتجه كثيرٌ من الكُتاب اليمنيين للطباعة خارج البلاد».

توقف شراء الكتب

كذلك على صعيد تغذية مكتبة الدار بالكتب الخارجية الجديدة؛ فآخر مرة تمت تغذية مكتبة الدار بهذه الكتب كان عام 2014.. يوضح الفقيه: «لا كتب جديدة دخلت الدار خلال سني الحرب، سوى التي تُطبع داخل اليمن، ويسجل مؤلفوها أرقام إيداع هنا، وما دونه لا كُتب جديدة خارجية أو يمنية طبعت خارجاً دخلت الدار منذ بدء الحرب».

رواد عاطلون

ويقول القائم بأعمال مدير الدار: «إذا كان موظفو الدار يعملون بدون مرتبات فكيف ستكون هناك ميزانية لشراء الكتب؟». ونتيجة لذلك تراجع عمل الدار من فترتين صباحية ومسائية قبل الحرب، كان يعمل فيها 48 موظفاً يستلمون مرتبات ومقابل دوام إضافي… إلى فترة صباحية فقط خلال الحرب يعمل فيها خمسة موظفين، بمن فيهم مدير الدار، لا يتقاضون مرتبات، ويحصلون على مكافأة عبارة عن مبلغ شهري تصرفه وزارة المالية للدار قدره 35 ألف ريال (60 دولارا أمريكيا تقريباً)، ويتم توزيعه على الموظفين الخمسة، ومعهم المدير المالي ومدير الحسابات، وفق القائم بأعمال مدير الدار.

الرواد

كما تراجع رواد الدار من القراء خلال الحرب؛ لأن الناس، وفق زيد الفقيه، أحبطوا نتيجة ظروف الحرب، علاوة على تعثر مشاريع كثير من الباحثين نتيجة الظروف الاقتصادية، وغيرها من الأسباب التي كان لها تأثيرها على هذا الجانب.
ويوضح: «كان يرتاد الدار قبل الحرب ما بين مئتي وثلاثمئة زائر يومــــياً في الفـــترتين الصباحية والمسائية، بينما لا يتجاوز عددهم، حالياً، في اليوم عشرين زائرا».

التوثيق

كانت الدار توثق قبل الحرب معظم الصحف والمجلات والدوريات، التي كانت تصدر قبل الحرب في البلاد، وتحديداً تلك التي كانت ترسل للدار خمس نسخ من كل إصدار، وبالتالي كانت الدار، حسب زيد، يوثق 70% تقريباً من الصُحف والمجلات والدوريات اليمنية، التي كانت تصدر قبل الحرب، لكن حالياً فأكثر من 90 % من تلك الصحف والمجلات والدوريات توقف بسبب الحرب، إذ لم يعد يصدر سوى بضع صحف سياسية معبرة عن السلطة في صنعاء. يقول زيد: «منذ بدء الحرب لم نوثق أي مجلة أو دورية يمنية؛ لأن جميعها توقف. آخر دورية يمنية صدرت ووثقناها كان العدد 15 من مجلة غيمان عام 2015».

برامج

كما عملت الحرب على إيقاف ما كانت تشتغل عليه الدار من برامج كمشاريع تجليد الصُحف والمجلات، وتجليد الكُتب المعرضة للتلف، واستكمال مشروع توثيق كتب التراث القديمة، ونوه زيد الفقيه بأهمية استكمال مشروع المكتبة الوطنية، وقال «إن مبنى دار الكتب لم يعد قادرًا على استيعاب مخزونه؛ فالدار اُنشئت في الستينيات، والحال في اليمن تغير كثيراً خلال ستين سنة».
هذا ما تعانيه دار الكُتب الوطنية في صنعاء، فما بالنا ببقية المنشآت الثقافية الحكومية الأخرى.. بالتأكيد إن وضعها أكثر سوءاً، وبالتالي فتعطيل مهام المنشآت الثقافية الحكومية، ينعكس سلباً في الوعي العام، وهنا يكمن الخطر مع استمرار الحرب، بدون أي مؤشرات في الأفق لتوقفها؛ فالأطراف المحلية تستهدف السلطة مهما كان الثمن، وهو ما تستغله الأطراف الإقليمية لتذهب بالحرب نحو تمزيق الأرض وتفخيخ البلد، بعد إفراغها من مفاعيل القوة والوحدة، كأنهم يريدون (يمن بلا هُوية وقوة تزم أرضه).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي