
صدر عن مجموعة كلمات (دار روايات – الشارقة) كتابان جديدان للشاعر والمترجم السعودي أحمد العلي، يواصل فيهما مشروعه الشعري المفتوح على التاريخ والإنسان واللغة. الكتاب الأول بعنوان «الزيت»، وهو عمل شعري غير تقليدي يمزج بين السرد والشعر والتوثيق، في بناء بانورامي يعيد قراءة التاريخ الحديث للخليج والجزيرة العربية. يأتي الإصدار بمناسبة مرور مئة عام على صدور كتاب «ملوك العرب» لأمين الريحاني، ليقدّم العلي من خلاله نصًا عابرا للأنواع الأدبية، يستلهم من الوثائق والمراسلات والمصادر التاريخية – العربية والمترجمة – مادةً للشعر والتأمل.
يتخذ العلي من الأحساء شرق المملكة مسرحا لنصوصه، مستعيدا عبرها ذاكرة المكان من ميناء العقير إلى مجلس الملك عبدالعزيز في الرياض، ومن قصر محمد علي في مصر إلى فندق «سان جورج» في بيروت. وبين مرور الفرنسيين والبرتغاليين والبريطانيين بمياه الخليج، يرسم الشاعر تحولات المنطقة قبل اكتشاف النفط وبعده.
تبدأ فصول الكتاب باقتباسات تاريخية تتبعها كتابة ذاتية تمزج بين الحاضر والماضي، في محاولة لفهم كيف غيّر «الزيت» تاريخ الخليج، وكيف حافظ الإنسان على أصالته وسط رياح التحوّل. أما الكتاب الثاني، «ليس للسابح أن يعلو على الماء»، فجاء بمناسبة إدراج جبل الفاية في منطقة مليحة بالشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. كُتب العمل في ظلال الجبل، خلال ليالٍ طويلة استعاد فيها العلي صلة الإنسان القديم بالأرض، بلغة مكثفة ومشحونة بالرمز والمجاز، تجعل من كل جملة ضرورة وجودية.
يقدّم الكتاب نصًا مفتوحًا على التأملات، يعتمد على الحوار والومضات الحكيمة، ويتكئ على روح صوفية تجعل الكتابة أقرب إلى المناجاة الداخلية. وتقوم بنيته على فكرة متخيّلة، تتمثل في العثور على مخطوط بعنوان «ليس للسابح» أثناء ترميم مسجد جواثا بالأحساء، حيث يتكرر صوت «المُلقّن» الذي يوجّه الكاتب، في لعبة نصية تمحو الحدود بين المؤلف والصوت الآخر، وتجعل فعل الكتابة نفسه شكلاً من أشكال الحوار مع الماورائي.
يُذكر أن أحمد العلي شاعر ومترجم من السعودية، يعمل في تحرير الكتب ونشرها، وأصدر ثلاث مجموعات شعرية وكتابًا في أدب الرحلة بعنوان «دليل التائهين إلى نيويورك»، كما ترجم عددًا من الأعمال الأدبية البارزة إلى العربية، منها «حكاية الجارية» لمارغريت آتوود، و»اختراع العزلة» لبول أوستر، و»حليب أسود»لأليف شافاق.