
صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب فكري جديد للكاتب سري نسيبة بعنوان «الكشاف: أو نحن والفلسفة» خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي 2025.
يتناول هذا الكتاب الذي يقع في 248 صفحة من الحجم المتوسط، مجموعة متنوعة من القضايا التي تستحث التفكير، وبالتالي تبيّن أهمية الدقة فيه والتدريب عليه بهدف حل المشاكل التي تواجهنا، لكنه ينطلق أساسا من تصوير الوضع الخانق للجمهور الفلسطيني، الذي يعكّر الصفاء الذهني الذي يتطلبه التفكير المطلوب. يتساءل المرء منا: «ما الحل؟» معتقدا بوجوده، وساعيا لتحديده، بينما تكمن المعالجة الحقيقية للسؤال في معرفة كيفية الإجابة عنه. بالتالي، ليس هذا كتابا عن الفلسفة أو بحثا علميّا فيها، وإنما أداة عملية لإظهار أهمية التدقيق في حيثيات التفكير الذي يمكّن الإنسان من التوصل إلى الإجابات السليمة، ومن أجل ذلك، فهو يحوي مشاهد وقضايا متنوعة يمكن اعتبارها تمارين، أو تدريبات ذهنية عملية للقارئ، تبدأ في ساحة المدرسة بخلافات بين الطلبة حول معان كالولاء والغش يدافعون عنها، وتنتهي بحوار مختصر بين فيلسوفين يختلفان بينهما حول معنى الإرادة والخيار، وتتخلل فصول الكتاب، بين هذين، مشاهد وحوارات أخرى تتعلق باللغة واستعمالاتها، وبعلم الذرة والطبيعة، والذكاء الاصطناعي، والأخلاق، وحق الأفراد والشعوب، وأثر كل ذلك على الإنسان، وتدور جميعها حول ما يمكن معرفته، وكيف يمكن ذلك يستعمل الكتاب الأمثلة والمشاهد المختارة كدليل عملي على حاجة المجتمع لتضمين برامجنا التربوية النهج أو المسلك الفلسفي في التفكير، ولتدريب طلبتنا عليه في المدارس والجامعات، ويُمكن الإشارة إلى هذا النهج بمصطلح «حسن الخلق والعقل»، مبينا أن مدلول هذين العنصرين يتجسد في ثقافة التعاون الحواري في المجتمع كأفضل وسيلة لإيجاد الحلول، بما فيها تلك السياسية. لا يخلو الكتاب من إشارات مقتضبة لآراء ومواقف فلسفية قديمة وحديثة (ومنها فصل الحوار بين الفلاسفة في العالم الآخر)، لكن ليس هدفه عرض ونقد تلك الآراء والمواقف، بقدر ما هو الاستعانة بها كأمثلة للتدقيق والتحليل والكشف عن المعاني، لتوضيح آفاق وحدود التفكير ومشاكله، بغض النظر عن مواضيعه.