
رغم تكوينه غير الأكاديمي، يأخذ المفكّر الإيطالي ماوريتسيو لازاراتو (1955) موقعاً خاصّاً به في المشهد الفكري العالمي، ويعود ذلك أساساً لكونه يذهب رأساً إلى إشكاليات تُداورها المنهجيات الدارجة في البيئة الجامعية ولا تصل إلى ما هو أبعد من وصفها. منذ الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بالعالم في عام 2008، ب
صالح الرزوق بدأت الإيرلندية آيريس مردوك حياتها، بكتاب عن سارتر بعنوان «الرومانسي العقلاني». وسواء صحت هذه الألقاب، أم أنه لم يحالفها الحظ، فقد انطلقت من قناعة تشبه المسلمات أو البديهيات، ومفادها أن سارتر في «الغثيان» ثم في قصته الطويلة «الجدار» وجودي بامتياز. ف
ما إن اقترح الاقتصادي الفرنسي جان فوراستييه (1907 ــ 1990) مصطلح "الثلاثون المجيدة"، عام 1979، لتسمية فترة الازدهار الاقتصادي التي عاشتها فرنسا ومعها العديد من البلدان الغربية بين نهايات الحرب العالمية الثانية وعام 1975، حتى تحوّل هذا المصطلح إلى تعبيرٍ قارٍّ وكلاسيكي، في وسائل الإعلام أوّلاً ثم ف
على بعد أسابيع قليلة من انتخاباتها الرئاسية، تشهد فرنسا صدور العديد من الأعمال الفكرية التي قد لا تتناول النقاشات السياسية الراهنة بشكل مباشر، لكن تُضيء خلفية بعضٍ منها، أو تكشف عن مشاكلها، وتاريخها، وربما أخطائها. وقد شهدت الأيام القليلة الماضية صدور عدّة أعمال في التاريخ والفلسفة حول اليسار الس
بيير جورجيو فيتي يبدو لي النّومُ مضيعةً للوقت. لذا أخالُني كلّ ليلة أطوف الشوارع الخالية حيث يستعِرُ اللون البرتقالي لإشارات المرور وتهتزّ بِِرَك الماء على وقع رعشات عتيقة. وبمجرّد وصولي إلى البحر، أبقى لساعات أُصغي إلى الموج وهو يخاطبني بألسن السّمكات الفضّية. وعندما لا أجد ضالّتي، أصعد
نعيمة عبد الجواد الكلمة، ترفع من شأن قائلها أو تبخسه؛ وقد تكون بذرة لصلاح المجتمع أو فساده؛ وقد تفضي أيضا لاندلاع الحروب بين الأمم أو إخمادها. الكلمة هي حسن البيان أو فاسد الأعمال، ومنذ القِدَم وصولا لعصرنا لا يوجد أقوى من وقع كلمات ابن المقفع ونيكولو ميكيافيلي على البشرية. وعلى الرغم من أن روحيه
نجم الدين خلف الله أُولى الصّعوبات التي تَعترض قارئ كتاب "سيزيف لم يَمت" للسينمائي الفرنسي باتريك بروني (1947)، الصادر منذ أسابيعٍ في تونس عن "دار كلمة"، هي تصنيف نصّه. يستعصي الكتابُ على التبويب العابر، ولا يُساعد عنوانُه، الذي بَعث من غياهب الأساطير شخصيّةَ سيزيف، على تصنيفٍ أجناسيّ له. فهل يَن
كثيراً ما نلاحظ أنّ جيلاً من الأجيال تكثر فيه أسماء بعينها، فيما تغيب أُخرى كانت متواترة في جيل سابق. هذه الملاحظة على بساطتها ظّلت منفلتة من طاولة البحث العلمي، وهو الموضوع الذي يتصدّى له الباحث الفرنسي باتيست كولمون في كتابه الصادر مؤخّراً بعنوان "سوسيولوجيا الأسماء" (منشورات لا ديكوفيرت). ينطل
صباح الدين علي هذا العالم موجودٌ منذ ملايين السنين، وأقدم شيء فيه عمرُه عشرون ألف سنة. حتى هذا الرقم مُلفّق. كنت أتحدث مع معلّم الفلسفة منذ عدة أيام، فتحتُ الحديث بغاية الجديّة، وحاولت البحث معه عن حكمة الوجود. وهو أيضاً لم يستطع الإجابة عن سؤال مجيئنا إلى هذه الدنيا. تحدّث عن لذة الخلق، وعن حقي
القاهرة - الديكاميرون» هي تحفة جوفاني بوكاتشو النادرة؛ بل إحدى روائع الإبداع العالمي، على مر العصور، حالة فريدة من الحكي المتواصل بلا انتهاء، وعالم ساحر يتولد من مزيج الواقع والخيال، بلا خطوط حمراء ولا تخوم، مئة قصة أو حكاية، تتوزع في الجغرافيات والتواريخ والأساطير، تكشف في عمقها الجوهر الإنسا
ترجمة وتقديم: خالد الريسوني لم تكن الأشهر والسنوات الأخيرة من عُمر أنخيل غيندا فترةً للاستسلام أمام مرض السرطان، الذي ظلّ في صراع معه طيلة السنوات الخمس الأخيرة من حياته (1948 ــ 2022). ففي عام 2020، نشر الشاعر الإسباني كتابه "الانخطافات، تليها تلخيصات"، الذي قدّم فيه خلاصة حياةٍ شعرية نشر خلالها
لم تنتظر الفلسفة حتى القرن التاسع عشر، أي حتى ظهور الهيرمينوطيقا ــ كحقلٍ فلسفيّ يهتمّ بالنصّ ومعانيه وتفسيره ــ، كي تطرح سؤال القراءة. إذ لم يغب النصّ، وكيفية قراءته، عن أولى المواضيع التي توقّف عندها مفكّرون مثل أرسطو في كتاب "العبارة"، وإن كانت مقاربته تميل أكثر إلى المنطق. أمّا الفلاسفة العرب،
كثيرة هي اليوم مشاريع مراجعات تاريخ البشرية برمّته، مراجعات على أساس غلبة عنصرية الرجل الأبيض على السرد التاريخي المكرّس، وهيمنة النظرة الذكورية على حقول الأدب والفن والعلم، ناهيك عن المراجعات على أساس حقوق الأقليات والطبيعة والأجيال المقبلة. كل منطلقات هذه المراجعات تعود إلى مفهوم واحد هو "النسب
محمد تركي الربيعو بعيد الانتفاضات العربية، أعاد بعض القراء والمثقفين العرب الاهتمام بقراءة ابن خلدون وبعض أفكاره حول العصبية، لتفسير ما يجري في المنطقة، وبالأخص بعد الانتكاسات التي عاشتها، وربما تزامن هذا الاهتمام أو ترافق مع ترجمة بعض الكتب التي كانت تستخدم الخطاطة الخلدونية لفهم تواريخ بعض الدو
نيكوس غاتسوس وَرَقٌ ذا القَمَرُ الصَّغير وَرَقٌ ذا القَمَرُ الصَّغير سَيَأْتي بِالطُيورِ البَحْر وَالهَواءُ بِالنَجَماتِ الذَهَبيّة حَتّى تُداعِبَ شَعْرَك وَيَدَك لِتُقَبِّلَها. وَرَقٌ ذا القَمَرُ الصَغير وَهذا الشاطِئُ وَهْم لَوْ صَدَّقْتني قَليلاً لَكانت كُلُّها حَقيقة. يَمُرُّ
منذ صعود الإنترنت، وظهور الكتاب الإلكتروني كصيغةٍ جديدة للنشر والقراءة، تتوالد الأسئلة حول مستقبل الكتاب، الذي لا يتردّد البعض في إعلان انتهائه و"موته" قريباً"، متنبّئين بأن المستقبل سيكون للكتاب الرقمي. ولا يتوانى المدافعون عن رؤية كهذه بالتنويه ــ من دون كثيرِ استنادٍ إلى معطياتٍ ودراسات ــ بأن
الكتابة إشكالية أساسية في الفكر العالمي الحديث، وقد برز هذا الانشغال في فرنسا منتصف القرن الماضي بالخصوص، حيث تظهر الكتابة كمفهوم أساسي في أعمال رولان بارت وميشيل فوكو وجاك دريدا وريجيس دوبريه، وأيضاً في أعمال الروائيين والشعراء والمسرحيين. أدلت الكاتبة الفرنسية مارغريت دوراس (1914 - 1996) بدلوها
يكاد الحديث عن تناوُل الفلسفة لمسألة العمل يكون مرتبطاً، بشكل شبه دائم، باسم كارل ماركس، أشهر الفلاسفة - ربما - الذين خصّصوا جزءاً واسعاً من تجربتهم للبحث في معنى العمل، وجُهد العامل، والمال، والربح (ثلاثة من كتبه، على الأقل، تتناول العمل بشكل مباشر: "رأس المال" و"المال والدولة والبروليتاريا" و"ال