المقعد الوفير

الامة برس-متابعات:
2020-12-23

علياء الموسوي: نركض بامتداد كبير وأفق واسع، نتدافع بمرح ممزوج بلون الحب، نتعانق حين نصل، لنختار الواجهة المفضلة قبالة البحر، حتى نحصل على دلال عميق ونسمات ذات ولهٍ رهيف. نرمي بكل ثقلنا، وأناقتنا البسيطة، نبدأ تسجيل شريط آخر بألق وسحر يتلألأ من مآقي العين، حينها لا تكون إلا الكلمات هي الحاضرة والفاصلة الأكيدة. نركب ذلك المقعد بحبور، نتأرجح ببهاء واضح، مرة إلى الأمام ومرة إلى الخلف، فتلامس أطرافنا الغيوم، نحاول لمسها كالقطن بشقاوة جمة، فتتعالى الضحكات، وتغمرتنا السعادة والأمل، فتحملنا ريح دافئة نحوها، فتبث فينا شجون العاشقين وتسامر أفئدتنا بهيام رفيع. فنحكي حينها للسماء أحلامنا الندية وقصصنا المشوقة وحواراتنا المتخيلة، فنقدمها هدية فاخرة للكون بخفة الشعور وفتنة الوجدان. نعم هي الأرجوحة التي حملت كل أحلامنا الصغيرة، لم تسأم يومًا من سماع كل ما في قلوبنا، كانت المكان السري الآمن، الذي نجمع فيه كل حياتنا، وضحكاتنا، وأسرارنا الخفية، عانقت كل ما فينا، احتوت أرواحنا قبل أجسادنا بعطاء زاخر.

لكن اليوم، لبسنا قناع النرجسية وتعالينا عليها، أخذتنا الحياة، بادعاء أننا كبرنا، وأن الأرجوحة لعبة للصغار فقط، اتسعت لنا جميعنا، لكننا اليوم نسيناها، تركناها وتركنا كل آمالنا عليها، ابتعدنا عنها شيئًا فشيئا، كم قصة حملت؟ وكم أمنية ملكت؟ وكم دهشة احتضنت؟ ضمت آلاف القصص، بتنوعها واختلافها، لكنها ظلت وفية مخلصة، تصون كل ما تسمع، وتحنو على كل من يركبها، وإن طالت المدة وقصر اللقاء.

لا تتركها، فإن تركتها، فإنك فقدت نصف متعة الحياة وشغفها، لم يفت الآوان بعد! ما زال لديك متسع أن تصنع لك واحدة، أو تركب مع صديق أرجوحة أدمنتها منذ الصغر، ليخضر قلبك بالود من جديد.

 

٭ كاتبة من البحرين







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي