شتاء فلورنسا

2020-12-02

سهيلة الزهراني*

ليلة عاصفة تُطارح الأبواب والنوافذ؟ مدفأة، وخربشة أقلام. تنهيدة في المنتصف، بعد أن أنهى سطرًا في الصفحة، مفاده: «مسافة صمت في لحظة استيقاظ أصواتنا» يُطرق الباب! يفتحه؛ وصريره يخبره بنبأ قديم! أصابته نوبة من البكاء. ثم قالت: أعتقد أنني نلت منك بتلك المسافة.

كان هذا إِطارًا لمشهد الساعة المتأخرة، الذي أخرجه من جيبه الرث حينما هجرته لسنوات طويلة، رغم رسائله المتواصلة لها. يوم آخر لإخفاء شعور ما.. هناك رسالة تقول: «أؤمن أنك تشعر بي، عندما تغمض عينيك».

من خلال زجاجة عطر أحدثت جلبة بكسره لها، عند مرآة كان يراها، ترتدي أناقتها وتحييه بعبق الياسمين.. كمن يجثو بلا وعي، يتلمس بيديه قطرات، أوجست خيفة منه، وقد تدلت من زوايا المكان.. غير أن المكان بقي بلا روح.

التقط أنفاسه، وإذ بضوء في بهو الفناء، إنها هي؛ يسير وجميع المرايا والتحف تهتف باسمها؛ يسرع ويضيع بين الممرات ويتعثر مرة أخرى.. ‎لا أحد.. عزلة الجماد في ظل الظلام.. والظلمة لن تجعله وحده، بل سترعبه بالذكريات.

خطرت له فكرة تخفف عنه وطأة الألم، فتح الخزانة، وأخذ المعطف الذي كان هدية منها في عيد الميلاد الأخير، ونشر من على قامته الطويلة مظلة، قاصدًا بشوق لزجاجة عطرها ليقتنيه من جديد.. Volume 0% متجر العطور مغلق، وبجانبه لافته كُتب عليها: «لقاؤك بحبيبتك وقت المطر كالعطر، صُنع لك ولن يتكرر».

يا لخيبة الأمل المزجاة بعينيه. يصرخ بأعلى صوته أين أنتِ؟! وهي في الجانب الآخر من الشعور به.. ليكتفي بها ويستحقّها.

 

 

  • كاتبة سعودية

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي