أقنعة من لحم

2020-11-19

حسين السنونة*

جلس كعادته كل صباح عقب استيقاظه حتى يتأكد من صحوه، ثم توجه مباشرة إلى الحمام، كل شيء جاهز: الماء، الصابون، الشامبو والأشياء الأخرى، تنشف بشكل سريع وجيد، تأكد أنه أعاد وضع الصابون والشامبو في مكانه الصحيح، وأغلق الماء بشكل جيد، فأسعار المنظفات والماء ترتفع، ارتدى الملابس الصباحية واستدار نحو المرآة لكي يتفقد وجهه ويرتب شعره، توقف، صرخ، وضع يديه على وجه، أخذ يتحسس وجهه وهو (مبحلق) بشكل مركز: وجهي.. هذا ليس وجهي لقد تحول إلى وجه كلب.

دخلت زوجته عليه تخبره أن الفَطُور جاهز والأولاد ينتظرونه لتوصيلهم للمدرسة، وخرجت. تفاجأ أن زوجته لم يستوقفها ما هو فيه، لقد تحول وجهه من وجه بشري إلى حيواني.

عاد لغرفته، لم يخرج، جلس على السرير ورجع إلى المرآة، فعل ذلك مرات ومرات لا يرى شيئًا أمامه، كيف يخرج ويذهب للأصدقاء والعمل، ويمارس حياته؟ ماذا حصل ولماذا أسئلته كلها بدون إجابة؟ رجعت زوجته له، ماذا بك اليوم هل أصابك الكسل والخمول، الفَطُور يكاد يبرد والأولاد يكادون يتأخرون عن المدرسة وخرجت أيضًا دون أن يعيرها وجهي شيئًا.

لم يخرج وعاد إلى تلك الدائرة والدوامة من الأسئلة والخوف والرعب، وتخيل ماذا يقول عنه الناس في الخارج. رجعت الزوجة لمرة ثالثة، وقالت ما قالت في السابق. ولكنه أوقفها. توقفي عزيزتي: إن وجهي.. قاطعته وماذا به وجهك أنت مثل كل يوم وسيم وجميل وأنفك طويل ورائع، وشفتاك اللتان تأسراني، عيناك اللتان تسحران السحر، وشعرك آه من شعرك الذي أستمتع بينما أتلاعب به.. هيا يا عزيزي وخرجت.

معقول هي لا ترى ما أراه وقرر الخروج. جلس على طاولة الطعام بين أبنائه دون أن يَتَنَبَّهوا لشيء، داعب ابنه أحمد: شعرك جميل.. يضحك الولد: أبي بالتأكيد هو جميل ولكن لن يصل إلى جمال شعرك.. أبي أنت كلما كبرت يصبح شعرك أجمل وخاصة عند الصباح. شكرًا لك ابني العزيز.

صعد السيارة متجهًا إلى عمله في البنك، وبعد طقوس التوقيع وشرب كوب ماء والاستعداد لكوب الشاي، وتجهيز الجهاز الذي من خلاله يقوم بعمله. وبدء دوران العمل وتوافد المراجعين، حتى وصل إليه مراجع كان ينتظره.

 

  • أستاذي أنت أمس كانت لديك معاملة صح؟

 

  • نعم هل هناك شيء؟

 

  • نعم لقد نسيت مبلغ 2000 ريال أستاذي. تفضل.

 

  • آه أنت أمين ووفي.. اسمح لي وفاؤك مثل وفاء الكلب.. اسمح لي فأنا لا أجيد الكلام المنمق والجميل.. هو مَثَل تعودنا على استخدامه.

 أخذ يتحسس وجهه، وهو يحاول الابتسامة، ويردد: كلب، ووجهي في الصباح رأيته وجه كلب، ولكن زوجتي والأولاد وزملاء العمل كلهم لم يلتفتوا إلى ما رأيته، والعميل الآن يقول: أنت وفيّ مثل الكلب.

رجع البيت وهو أسير التفكير، خائف النظرات من كل جانب، وصل البيت وقرر أن يكون السرير هو الهدف دون عشاء أو جلوس مع العائلة كالعادة.

زوجته: هل ستنام بدون عشاء وجلوس مع الأطفال.

 

  • نعم يا عزيزتي فأنا متعب.

 في الصباح كالعادة يدخل الحمام ينظر للمرآة، ولكن وجهه عاد كما كان فرح وضحك وقفز وأخذ يتحسس وجهه؛ العظام، اللحم، الأنف، الفم، العينين.

دخلت عليه زوجته فجأة صرخت: وجهك غير طبيعي.. ماذا حدث؟

 

  • قاص سعودي






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي