على حاجز الخبز تتحطم كل المبادئ

2020-05-27

"الخبز يبرر الوسيلة" لوحة: عمار النحاسعمان – تتسم رواية “أيام الخبز” للكاتب الأردني مطر محمود مطر بأسلوبها الواقعي، إذ جاء سرد الأحداث فيها وفقا لتسلسلها الزمني بين عامي 2012 و2013 موزعا على مئتين وخمسين صفحة من القطع المتوسط.

وجعل الروائي من بطله حسن جزءا من الأحداث التي اتخذت من مدينة إربد شمال الأردن مسرحا جغرافيا لها، مبرزا تفاعله مع تفاصيلها السياسية والاجتماعية باشتغال فني متمكن.

يعود حسن من غربة طويلة ليجد نفسه جزءا من الحركة المطلبية في مدينته لتحسين مستوى العيش. وفي ذلك يقول “الخـبز ليس أرغفة تُباع وتشترى ويلتهمها الناس بشـراهة، إنّه شيء يشبه الخوف المزروع في فطرة الإنسان”.

بذلك، تحوّل حسن في غمضة عين من شخص مسالم إلى شخص مطالب بالحقوق، لكنّه أدرك بعد ذلك أنّ ولادته تلك كانت خروجا من شرنقة ووقوعا في فخّ في آن معا. فما زال يمتلك الروح القديمة نفسها التي لم تدرك عناصر المعادلة، والتي تصرّ على أن ترى الكالح ورديا، وتنساق سريعا وراء العواطف الجيّاشة، وتصدّق ملامح الوجوه التي تُسرّ غير ما تعلن.

لذلك وجد البطل نفسه في النهاية صفر اليدين؛ من دون مال، بعد أن غامر بما جمعه من غربته في استثمار غير مضمون. كما شُوهت سمعته وطالته اتهامات ظالمة ممن وقف معهم وعمل لأجلهم وآزرهم، رغم أنه حافظ على المبادئ التي آمن بها.

التجربة الروائية الثانية لمطر

عند هذه المرحلة أحسّ حسن بمرارة الحاجة، ووجد أنّه كان كمن يحرق نفسه كي ينير الطريق لشخص أعمى، فخاطب صديقه قائلا “مؤلم يا صلاح أن يموت الإنسان من أجل أشياء يؤمن بها، لكنّ المؤلم أكثر أن يعيش لها”.

وأقرّ بأنّ الظروف أجبرته على الانحناء وترك المثاليّات والأحلام، لأنه “عندما يتعلّق الأمر بالخبز تنتهي كلّ المبادئ، ويصبح الخبز هو ما يبرر الوسيلة”.

وبالإضافة إلى الأحداث التي ما زالت تنتج نفسها بصيغ مختلفة حتى اليوم، تقدم الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” تحليلا لنظام العلاقات البينيّة التي نشأت داخل الحركة المطلبية، وهي في مجملها تفاصيل قدمت وجهة نظر الروائي في التغيرات التي طالت المجتمعات العربية عموما منذ عقد من الزمان.

ويشار إلى أن “أيام الخبز” هي التجربة الروائية الثانية لمطر بعد روايته الأولى “الغربال” التي صدرت في عام 2018.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي