
عن دار متون المثقف في القاهرة صدر حديثًا كتاب جديد للكاتب والمخرج والروائي حميد عقبي، يقدّم فيه نصّه المسرحي "هي وهو" في طبعة ثنائية اللغة تجمع بين العربية والإنكليزية. ويتيح هذا الكتاب للقارئ قراءة النص بلغته الأصلية، إلى جانب ترجمته الإنكليزية التي أنجزها المترجم اليمني محمد المخلافي، بما يفتح بابًا للمقارنة وتذوّق العمل عبر رؤيتين لغويتين مختلفتين.
وجاء في تقديمه:
يمثّل هذا النص واحدًا من ثمانية عشر عملًا مسرحيًا كتبها عقبي خلال مسيرته. تتصدّر النسخة الإنكليزية مقدّمة للفنان التشكيلي والناشط الحقوقي الأميركي براين كارلسون، الذي أُهدي إليه هذا العمل.
تدور المسرحية في غرفة غريبة مفروشة بالعشب الاصطناعي ومحاطة بأشجار بلاستيكية. يستيقظ "هو" و"هي" في هذا الفضاء بدون معرفة سبب وجودهما فيه. يتبادلان حوارات تتراوح بين الخوف والاكتشاف، وتكشف شيئًا فشيئًا عن شعورهما بالعزلة وابتعادهما عن أوطانهما وعن نفسيهما.
لم يقدّم النص تفسيرًا جاهزًا لوضعهما؛ لكنه جعل من الغرفة مرآة للحالة الإنسانية المعاصرة: القلق، فقدان الأمان، اختفاء الفرح، وضغط العالم الرقمي والسياسي. الهاتف الذي يتدخّل بين الحين والآخر - بعروض هجرة، وإعلانات طعام، وحتى خدمات دفن - كأنه رمز لعالم بارد لا يسمع أحدًا.
تتداخل الأسئلة حول السجن، فقدان الذاكرة، والخوف من العدم، مع محاولات بسيطة للغناء والرقص، لكنها تتعثر في كل مرة، كأن المكان يمنع عنهما أبسط أشكال الحياة.
تُظهر النسخة الإنكليزية للنص كيف تنتقل نبرة الحوار وصوره بين لغتين. يكتب كارلسون في مقدّمته عن تجربته في قراءة العمل، وكيف أحسّ بأن النص يعيد تشكيل شعوره بالغربة، سواء في بلده الأصلي أو خارجه، وأنه وجد في المسرحية صدى لانشغالاته حول الحرية والمعنى.
في مشهد مفصلي، يعثر "هو" و"هي" على لوحات فنية تحمل توقيع ب. كارلسون، هنا يكتشف النص أن "هو" هو في الحقيقة كارلسون نفسه، وأن "هي" ليست إلا حلمًا من أحلامه. هذا التحوّل لا يُغلق النص، بل يوسّع دلالاته حول الحلم كمساحة خلاص داخل عالم مضطرب.