
كشفت دراسة حديثة أنّ طريقة التعارف بين الأزواج قد تحدد مستوى جودة العلاقة العاطفية على المدى الطويل، بحسب الرجل.
وأوضحت النتائج، المبنية على بيانات من أكثر من 10 آلاف شخص في 50 دولة، أن الأزواج الذين التقوا بطرق تقليدية "أوفلاين" أبلغوا عن مستويات أعلى من الرضا العاطفي والحب والالتزام مقارنةً بنظرائهم الذين التقوا عبر المنصات الرقمية.
وأكدت الباحثة مارتا كوال من جامعة فروتسواف أنّ التغيرات الاجتماعية خلال العقدين الماضيين، مع انتشار التطبيقات ومواقع التواصل، فرضت تساؤلات جديدة حول أثر التكنولوجيا على العلاقات الإنسانية.
وأضافت أن النتائج تشير إلى أن بدايات العلاقة قد تترك أثرًا مستمرًا على مستوى الرضا لاحقًا.
بيّنت الدراسة التي نشرت في في مجلة Telematics and Informatics، أنّ 16% من المشاركين التقوا شركاءهم عبر الإنترنت، بينما ارتفعت النسبة إلى 21% بين العلاقات التي بدأت بعد عام 2010.
وتفاوتت النسب بين الدول، إذ بلغت 33% في بولندا مقابل 7% فقط في غانا، فيما وصلت إلى 50% في الولايات المتحدة للعلاقات التي بدأت عام 2023.
وأظهرت النتائج أنّ الاختلافات في مستوى الرضا والالتزام كانت أكثر وضوحًا بين الرجال والأشخاص فوق سن 33 عامًا، بينما بدت الفجوة أصغر بين النساء والشباب.
كما أوضحت البيانات أن الأزواج الذين التقوا عبر الإنترنت مدة علاقتهم أقصر وأوضاعهم الاقتصادية أقل استقرارًا.
دراسة تكشف الفجوة بين الحب عبر الإنترنت والواقع
لماذا يقل الرضا في العلاقات الرقمية؟
رغم أن الدراسة لم تقدّم تفسيرًا حاسمًا، إلا أنها طرحت عدة احتمالات، أبرزها انخفاض مستوى التشابه بين الأزواج الذين يتعرفون عبر الإنترنت، سواء في الخلفية التعليمية أو الدينية أو الاجتماعية، وهو عامل يرتبط عادةً بجودة العلاقات.
كما قد يلعب وفرة الخيارات الرقمية دورًا سلبيًا، حيث يؤدي الإحساس بوجود بدائل كثيرة إلى تقليل الرضا أو زيادة المقارنة المستمرة.
إضافة إلى ذلك، أشار الباحثون إلى أن التلاعب بالمعلومات على ملفات التعارف الرقمية، سواء من خلال الصور أو البيانات، قد يخلق فجوة بين التوقعات والواقع، ما يضعف الثقة ويؤثر على استمرارية العلاقة.
ورغم الفجوة المسجّلة، شددت كوال وفريقها على أن هذه النتائج تمثل اتجاهات عامة وليست حتميات. فلا يزال العديد من الأزواج الذين بدأوا علاقتهم عبر الإنترنت يعيشون حياة مستقرة ومرضية.
وخلصت الدراسة إلى أن نجاح العلاقة لا يتوقف فقط على مكان اللقاء الأول، بل يعتمد على كيفية رعاية الشريكين لعلاقتهما مع مرور الوقت.
الدراسة الدولية تعد واحدة من أوسع المحاولات لفهم تفاعل التكنولوجيا مع الروابط الإنسانية، وتفتح الباب أمام أبحاث مستقبلية قد تركز على الفروقات بين منصات المواعدة المختلفة، والتأثيرات طويلة الأمد للعلاقات الرقمية في مقابل التقليدية.