هل تهدد التكنولوجيا لغة القلب في الزواج؟

الأمة برس
2025-08-18

هل تهدد التكنولوجيا لغة القلب في الزواج؟ (الرجل)سهّلت التكنولوجيا حياتنا، وقرّبت المسافات البعيدة أكثر من أي وقتٍ مضى، ومع ذلك يبدو أنها فعلت عكس ذلك مع الأزواج، ففقد يعيش زوجان تحت نفس السقف، لكن يزداد البُعد بينهما يومًا تلو الآخر، بسبب انهماك كل منهما في هاتفه، مستقبِلًا رسائل أو إشعارات، أو متفاعِلًا مع غيره، بما يُنذِر بذهاب شرارة الحب التي كانت مشتعلة يومًا ما، خاصةً مع ضعف التواصل بينهما، بحسب الرجل.

فكيف تؤثّر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في العلاقة بين الزوجين؟ وكيف يمكن الاستفادة من هذه الوسائل في تعزيز العلاقة بينهما بدلًا من توسيع الفجوات؟

تأثير التكنولوجيا على العلاقة بين الزوجين

للتكنولوجيا العديد من الآثار الإيجابية -بالتأكيد- على العلاقة بين الزوجين، لكنّها كذلك قد تكون سببًا في كسر تلك العلاقة أو انهيارها في بعض الأحيان، وفيما يلي نستعرض بعض تأثيرات التكنولوجيا على العلاقة بين الزوجين:

1. الخلافات الزوجية:

لا شك أنّ التكنولوجيا من الأسباب الرئيسية للنزاعات في العلاقات الزوجية المعاصرة، لكن قبل الإشارة بأصابع الاتهام إلى التقنيات الحديثة، لا بد من طرح بعض الأسئلة، مثل هل تستخدم الوسائل التكنولوجية بطريقة يمكِن أن تسبب مشكلات بينك وبين زوجتك؟ فطريقة استخدامك لها هو ما يحدّد مصير العلاقة في نهاية المطاف.

وحسب بحثٍ نشر عام 2014 في "Pew Research Center"، فإنّ 25% من المتزوجين يتشتّت انتباههم بسبب هواتفهم الذكية، ونحو 10% من هؤلاء الأزواج كانوا متورّطين في جدال بين بعضهم بسبب ذلك.

وبالنظر إلى عدد الساعات المتزايد الذي نقضيه أمام هواتفنا الجوّالة، فقد أظهر بحث من "eMarketer Found"، أنّ متوسط الوقت الذي يقضيه الشخص أمام شاشة الهاتف يصل إلى 4 ساعات يوميًا في 2021، وهو أعلى بـ2.5 ساعة، مقارنةً بعام 2014.

كما وجدت دراسة عام 2014 أيضًا أنّ المستخدِمين الأصغر سنًا، يعانُون زيادة التوتر، وفي الوقت نفسه تحسّنًا في التواصل مع الشريك، ما يعني أنّ التكنولوجيا كانت سلاحًا ذا حدّين.

2. التشتت:

كُلّما ظهر ابتكار تكنولوجي جديد، انبهرنا به، وبالتأكيد شدّ انتباهنا، وشتّتنا عن كثيرٍ من الأمور الأخرى التي اعتدنا فعلها، لكن ليس شرطًا أن يكون هناك ابتكار جديد لنتشتت، بل يكفي أن يكون أحد الزوجين مشتتًا دائمًا بسبب الهاتف الذكي، حتى عندما يكون زوجه بجانبه.

فهذا الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة، مهما بدا صغيرًا، فقد يتراكم ويستهلك الكثير من وقتك، الذي كان يمكِن أن تقضيه مع زوجتك، وبدلًا من تقليل ذلك الوقت، يتزايد استخدام الهاتف، ولا ينتبه أي من الزوجين إلى الآخر، ما يُنذِر بتهديد للعلاقة بين الزوجين ولو بعد حين.

3. التواصل:

ما دُمت مشتتًا عن زوجتك معظم الوقت، فعلى الأرجح لن يكون التواصل بينكما في أحسن حالاته، إذ خلقت التكنولوجيا تحدّيات في الحفاظ على الروابط الحقيقة والتفاهم في العلاقات، فبدلًا من التحدّث وجهًا لوجه، قد يكتفي معظم الأزواج اليوم بالدردشة أو إرسال الرسائل النصية إلى بعضهم، وهو ما لا يسمح لهم بالتواصل بشكل كامل وحل المشكلات أو حتى تقوية الروابط العاطفية بينهما.

والتواصل الفعّال وجهًا لوجه، ضروري لبناء علاقة قوية والحفاظ على الود بين الزوجين، ويمكِن للتكنولوجيا أن تسهّل ذلك أو تعيقه، حسب كيفية استخدامك لها.

4. مشكلات الثقة:

قد تتسبّب التكنولوجيا في بعض الأحيان في مشكلات تتعلّق بالثقة بين الزوجين، فالتعامل المستمر مع التكنولوجيا قد يفتح أبوابًا للغيرة والشعور بعدم الأمان تجاه الشريك.

وكثير من النشاط عبر الإنترنت، بريء في كثير من الأحيان، لكن قد يُفسّر خطأً عند الشريك، بما يجعل الثقة تتآكل، ومِنْ ثمّ عدم عودة العلاقة كما كانت في السابق.

كيف يمكن للتكنولوجيا تعزيز العلاقة بين الزوجين؟

رغم التأثيرات السلبية للتكنولوجيا والهواتف الذكية على العلاقة بين الزوجين، والتي مردّها الأساسي إلى كيفية استخدام هذه الوسائل، فإنّه يمكِن الاستفادة منها في تعميق العلاقة بين الزوجين، وتجديد شرارة الحب بينهما على النحو التالي:

1. تحسين التواصل بين الزوجين:

سمحت لنا التكنولوجيا بالبقاء على اتصال مع الأحباب بغض النظر عن بُعد المسافات، خاصةً مع توافر مكالمات الفيديو والرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية؛ إذ بمقدور المرء أن يشارِك مشاعره وحياته وتجاربه مع زوجته، مهما كانت المسافات بينهما، لكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب التواصل الحقيقي وجهًا لوجه -بالطبع- ما دام ذلك ممكنًا.

2. مشاركة التجارب على الفور:

زوجان سعيدان ينظران إلى شاشة اللاب توب تعبيرية عن مشاركة التجارب للاستفادة من التكنولوجيا في تعزيز العلاقة بين الزوجين

بدلًا من أن تطالِع مقاطع الفيديو المسلية وحدك، من الممكن أن تشارِك زوجتك في هذا الأمر على الفور؛ إذ تعزّز كل تجربة مشتركة مهما كانت بسيطة، العلاقة بينك وبين زوجتك، وتخلق ذكريات دائمة، تجدّد شرارة الحب بينكما باستمرار.

الذكاء الاصطناعي: هل يقرّب المسافات أم يزيد الهوة بين الزوجين؟

يمكِن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز الروابط بين الزوجين، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في المناقشات بين الزوجين، خاصةً خلال النزاعات؛ إذ يوفّر الذكاء الاصطناعي تعليقات فورية، ويعمل وسيطًا في المحادثات الصعبة.

فهو يزيل الثقل العاطفي للنقاش، ويقدّم مدخلات غير متحيّزة، تسمح لأي من الزوجين بمعالجة أفكارهما قبل الانخراط في نقاش حاد، وهذا بدوره يساعد على تحسين طريقة التواصل بينهما، ما يوفّر أساسًا لفهم بعضهم بصورةٍ أفضل.

لكن لا يزال استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاقات تجريبيًا، وربّما تجد الأجيال الشابة تحديدًا راحتها في الاستفادة من تلك التقنية للتغلب على التحدّيات في العلاقات.

كما يمكِن للذكاء الاصطناعي أن يفض الاشتباك في بعض الموضوعات العالقة بين الزوجين، مثل الشؤون المالية أو المسؤوليات المنزلية، خاصةً إذا كان لكل من الزوجين وجهة نظر مختلفة عن الآخر، فهُنا قد يساعد الذكاء الاصطناعي على تقريب المسافة بينهما والوصول إلى حلٍ يرضِيهما معًا.

كيف تحقّق التوازن بين الحياة الرقمية والحياة الزوجية؟

يتطلّب الأمر بعض التوازن للاستفادة من التكنولوجيا دون إضرار الحياة الزوجية، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات الفعالة لبلوغ هذا التوازن الدقيق:

1. وضع حدود:

الإفراط في أي شيء مُضر لا شك، وهذا ينطبق على التكنولوجيا أيضًا، لذا يجب أن تعلم كيف تضع حدود صحية لاستخدام التكنولوجيا، والتحدّث مع زوجتك حول مخاوفك إذا كانت مفرِطة في استخدام التكنولوجيا، مع وضع حدود واضحة لاستخدام التكنولوجيا في علاقتكما.

فمثلًا يمكنكما الاتفاق على أوقات محددة لوضع الأجهزة بعيدًا عنكما أو الاتفاق على تجنّب استخدام الهاتف الجوال في أثناء أوقات الوجبات أو غير ذلك مما قد تراه مناسبًا لكما، مع الصبر في تنفيذ ذلك، لأنّ الالتزام بهذه الحدود قد يستغرق بعض الوقت.

2. تهيئة مناطق خالية من التكنولوجيا:

يُنصَح بتخصيص مناطق معينة من منزلك، مثل غرفة النوم أو غرفة الطعام، بأن تكون مناطق خالية من التكنولوجيا؛ إذ لا يُسمَح فيها بالهواتف أو الأجهزة الأخرى، فهذا سيجعل بمقدوركما التحدّث مع بعضكما لوقتٍ أطول، والاستمتاع بالتواصل والتسامُر.

3. الأنشطة المشتركة مع زوجتك:

لا بأس بقضاء وقت ممتع مع زوجتك في أنشطة مشتركة، لا تتضمّن الأجهزة التكنولوجيا، مثل لعب لعبة معًا أو الذهاب في نزهة على الأقدام في الخارج، فكلّ ذلك يُعزّز العلاقة بينكما بعيدًا عن صخب الإشعارات وتشتيت الهواتف الذكية.

4. التواصل وجهًا لوجه:

لا بُدّ أن تكون الأولوية للتواصل المباشرة وجهًا لوجه، ومما يساعد على تعزيز ذلك، الحوار بانتظام وكذلك الاستماع جيدًا إلى زوجتك، ومشاركتها مشاعرها والتفاعل معها.

فالتواصل وجهًا لوجه، لا يُقدّر بثمن، أن تنظر في عيون زوجتك، وأن تهمس لها بكلمات الحب، علاوة على لغة الجسد المعبّرة عن عشقك لها، فهذا بالتأكيد أفضل من أي وسيلة تكنولوجية قد تشتّتك عن هذا النعيم في العلاقة، والذي يمكنكما أن تنمّيانه يومًا تلو الآخر.

 









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي