تضامنا معهم : أستاذ فلسطيني مقيم في كندا يوفر دروسا من بُعد لطلابه في غزة

أ ف ب - الأمة برس
2024-12-05

الأستاذ أحمد أبو شعبان في جامعة يورك في كندا بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 (أ ف ب)تورونتو - يرنّ منبّه الأستاذ في أحد جامعات تورنتو أحمد أبو شعبان في الساعة الثالثة صباحا، موعد بدء الدروس التي يوفرها من بُعد لطلابه في غزة، ما يعبّر عن التزامه حيالهم، وكذلك عن شعوره بالذنب.
نجح أبو شعبان في مغادرة من قطاع غزة بعد أيام قليلة من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، واندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

ومع أنّه بعيد عنهم آلاف الكيلومترات، لا يريد ولا يستطيع أن ينسى طلابه المحاصرين في القطاع، إذ يكرّس نفسه لمَن لم يقتل منهم ويرغب في مواصلة التعلّم رغم الصعوبات القائمة.

ويقول الرجل الخمسيني لوكالة فرانس برس "أشعر بالذنب لأنني رحلت، فكأننا تخلّينا عن بلدنا وشعبنا ومؤسساتنا".

أحمد أبو شعبان هو عميد كلية الزراعة والطب البيطري التابعة لجامعة الأزهر التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية على غرار معظم المباني الجامعية في غزة.

انتقل إلى مصر بعد وقت قصير من اندلاع الحرب، إذ توقّع أن تردّ إسرائيل بشكل "عنيف" بعد هجمات حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبفضل معارفه في كندا، انضمّ إلى جامعة يورك في تورونتو، حيث يعمل راهنا كأستاذ زائر في كلية التغير البيئي والمُدني.

- "مستمرون" -
داخل مكتبه ذي الرفوف الفارغة والجدران شبه الخالية في شمال تورونتو، يؤكد أبو شعبان رغبته في "البعث برسالة واضحة جدا للعالم أجمع".

ويتابع "لقد دمروا بنيتنا التحتية ومبانينا... لكننا لا نزال على قيد الحياة ومستمرين".

وأدى هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل إلى مقتل أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام اسرائيلية رسمية ويلحظ الرهائن الذين قتلوا أو ماتوا في الأسر.

أما في قطاع غزة، فقُتل أكثر من 44 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب، معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، والتي تقول الأمم المتحدة إنّها جديرة بالثقة.

- إحباط -
يمثل عدد الطلاب الذين ما زالوا مسجلين في جامعة الأزهر دليلا على صمود الفلسطينيين. فقبل الحرب، كانت الكلية تضم 14 ألف طالب، بينما بلغ عدد المسجلين في بداية العام 10 آلاف شخص. ولم يكن يتوقّع أبو شعبان أن يتسجل أكثر من ألف طالب.

ويقول "هذا جنون!"، مضيفا "يعيشون في خيمة من دون كهرباء وانترنت وأي شيء، لكنّهم يواصلون اجتياز مسافة خمسة كيلومترات مشيا حتى يحصلوا على الانترنت ويتلقّوا الدروس. ويخاطرون أحيانا بحياتهم من أجل ذلك".

برنامج التدريس مرن ويأخذ في الاعتبار الصعوبات المتعلقة بالانترنت. يشاهد الطلاب المحاضرات وينجزون واجباتهم المنزلية عندما تكون شبكة الانترنت مُتاحة لهم.

الظروف محبطة جدا، ويقول الأستاذ "نشعر أحيانا وكأنّ الطلاب ينظرون إلينا وكأننا نستطيع القيام بأشياء غير ممكنة". لكنّ الرجل ذا نبرة الصوت البطيئة والهادئ يؤكد أنّه يتفهم إحباطاتهم.

ويضيف أبو شعبان الذي يسجّل دروسه في المساء وعطلات نهاية الأسبوع لإرسالها إلى الطلاب ويعمل في توقيتين زمنيين "أحاول أن أقدّم لهم كل ما أستطيع من دعم".

عندما يشعر بـ"التوتر" بسبب جدول أعماله الكثيف، يتذكر نعمة العيش في بلد مسالم ويفكر في طلابه الذين قُتلوا.

يشير تحديدا إلى خمسة طلاب هندسة قضوا عندما كانوا مجتمعين للعمل على واجب منزلي في مكان تتوافر فيه شبكة الإنترنت.

ويتذكّر أيضا "الطالب المتفوّق" بلال العيش الذي تلقى منحة للدراسة في ألمانيا أو الولايات المتحدة مباشرة قبل اندلاع الحرب.

في ذلك اليوم، رأى "الأمل في عينيه". ويشير أبو شعبان إلى أن إعلان مقتله في بداية الصراع شكل صدمة له. ويقول "شعرت وكأنهم يقتلون المستقبل".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي