خلايا النحل في كينيا أسوار تحمي الأراضي الزراعية من الفيلة  

أ ف ب-الامة برس
2024-12-05

 

 

المزارعة مواناجوما كيبولا (إلى اليمين) ومستشارة تربية النحل لويز كويرا (إلى اليسار) يتفقدان خلايا النحل بالقرب من محمية تسافو في جنوب كينيا في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024 (ا ف ب)   نيروبي - تعترف المزارعة الكينية تشاريتي موانغومي، وهي تأخذ قسطا من الراحة في ظل شجرة الباوباب، بأنها كانت تكره الفيَلة في الماضي، إلاّ أن طنين النحل في الخلف ساعدها على تخفيف حدة عداوتها.

فكثيرا ما قضت الأفيال على أشهر من العمل في مزرعتها الواقعة بين جزأين من محمية تسافو الوطنية. وهذه الحيوانات الضخمة معشوقة السياح الذين يساهمون بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكينيا، لكنها في المقابل مكروهة من معظم المزارعين الذين يمثلون قطاعا رئيسيا في الاقتصاد.

وحققت حماية الفيلة في كينيا نجاحا باهرا، إذ ارتفع عددها في تسافو من نحو ستة آلاف في منتصف تسعينات القرن العشرين إلى قرابة 15 الفا عام 2021، وفقا لهيئة "كينيا وايلد سيرفيس" المعنية بالحياة البرية في هذه الدول الإفريقية.

لكنّ عدد السكان زاد أيضا، مما أدّى إلى توسّع عمرانيّ حدَّ من مساحات المراعي وأثّر سلبا على طرق هجرة القطعان.

وتشير "كينيا وايلد سيرفيس" إلى أن تصدّي السكّان للفيلة أصبح السبب الرئيسي لوفيات هذه الثدييات ذات الخراطيم.

وتقرّ موانغومي التي لم تُقبَل مطالبتها بالتعويض عن خسارة محاصيلها، بأنها كانت غاضبة من دعاة حماية البيئة.

وبقيَت على حنقها إلى أن عرضت عليها جمعية حماية الفيلة "سيف ذي ألفنتس" Save the Elephants حلا غير متوقع يتمثل في إبقاء الحيوانات العملاقة بعيدة من الأراضي الزراعية باستخدام كائنات صغيرة هي النحل الأفريقي.

وباتت أسوار مصنوعة من خلايا النحل تحمي اليوم الكثير من الأراضي الزراعية المحلية، ومنها تلك التي تملكها موانغومي.

وخلال ذروة موسم الحصاد، في 86 في المئة من الحالات، تتجنب الأفيال المزارع التي يعيش فيها هذا النحل، وفقا لدراسة نشرت الشهر المنصرم.

 وتعلّق المزارِعة على ذلك بالقول "لقد جاءت أسوار خلية النحل لإنقاذنا".

- "إنها تهرب" -

ومن شأن هدير 70 ألف نحلة أن يخيف فيلا يزن ستة أطنان، لكن لويز كاويرا تزيل بهدوء أحد الإطارات الداخلية للخلية لتظهر الأمشاط المعقدة التي يتكون منها الشمع والعسل.

وتتولى  كويرا التي انضمّت إلى "سيف ذي ألفنتس" عام 2021 كمستشارة في تربية النحل، تدريب المزارعين والإشراف عليهم في هذا التعامل الدقيق

وتحيط 15 خلية نحل متصلة بأراضي المزارعين التسعة والأربعين الذين يدعمهم المشروع.

وتُعلّق كل من هذه الخلايا بسلك مدهون يعلو الأرض ببضعة أمتار، لحمايتها من الغرير والحشرات، مما يعني أيضا أنها ترتجف عندما يزعجها فيل جائع.

وتوضح لويز كويرا لوكالة فرانس برس "الأفيال تهرب ما إن تسمع صوت النحلات وتشمّ رائحتها".

وقد أثبتت هذه الطريقة فاعليتها، لكنّ حالات الجفاف الأخيرة التي تفاقمت بفعل التغيّر المناخي، تشكّل تحديا.

وتشير كويرا إلى أن "النحل هرب بسبب الحرّ والجفاف"، فضلا عن أن تركيب خلايا النحل باهظ التكلفة (نحو 150 ألف شلن كيني، أو 1150 دولارا)، وهو ما يتجاوز إمكانات المزارعين، حتى لو أكد المروجون لهذه التقنية أن تكلفتها تبقى أدنى من تكلفة الأسوار الكهربائية.

وبعد لحظات من وصول وكالة فرانس برس إلى مزرعة مواناجوما كيبولا المجاورة لأحد محميات تسافو، صدّ سياج نحل فيلا.

واندفع الفيل الذي يبلغ وزنه خمسة أطنان، والذي كان جلده مغطى بالطين الأحمر، إلى المنطقة الزراعية، لكنه ما لبث أن استدار فجأة وعاد أدراجه.

وتؤكد المرأة بارتياح ملحوظ أنها تشعر بالاطمئنان لكون محاصيلها "محمية".

كذلك تستفيد كيبولا (48 عاما) مرتين سنويا من العسل الذي ينتجه النحل، وتكسب 450 شلنا لكل وعاء (نحو اربعة دولارات)، وهو ما يكفي لدفع الرسوم المدرسية لأطفالها.

إلاّ أن آخرين لا يتمكنون من مواجهة هجمات الفيلة.

وتروي هندريتا موالادا (67 عاما) أن فيلا اقتلع سقف منزلها، فاضطرّت "إلى الاختباء تحت السرير"، مضيفة أنها ظنّت أنها ستموت.

ولأولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة تربية النحل، توفّر منظمة "سايف ذي إلفنتس" حلولا أخرى، كالأسوار المصنوعة من الصفيح التي يُحدث اهتزازها ضجة عند اقتراب الأفيال، أو من الخرق المبللة بالديزل أو الفلفل الحار.

لكنّ هذه الوسائل ليست دائما كافية.

وتقول موالادا بحزن "لقد حاولت أن أزرع، ولكن في كل مرة تصبح المحاصيل جاهزة، تأتي الأفيال وتدمّرها". وتضيف "إنها قصة حياتي، حياة مليئة بالكثير من الصعوبات".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي