أوس أبوعطا
الفتاةُ التي رافقتني بعيدا عن الغرباء
تركتني أفتشُ عن صنوبر الصمت في الحرش
لم أستطع النظر إليها مطولا ..
حُسنها حارقٌ كالنظر مباشرةً إلى الشّمس
أخفضُ عينيّ قليلا
فيتوهجُ جمالها أكثر ..
أعاود النظرة والحسرة
فيتعبُ بصري أكثر.
لم أحفظ معالم الفؤاد النائي
ولم أهتدِ لدرب العودة.
الفتاةُ التي رافقتني بعيدا عن الغرباء
تركتني هناك غريبا.
٭ ٭ ٭
شجرةُ الصّفاف التي كانت تستعير خصل شعرها الأشقر في الخريف
أحسبُها غيّرت لونها وعاداتها
أضحت صفراء قبل موسم السقوط
وأضحيت شاعرا قبل طور الكآبة واليباس.
متوهجة هي كالعادة
ولا جديد تحت عينيها..
شاعرٌ يجرجرُ كلماته
فتصدرُ أصوات غريبة وقريبة
تارة تغرّدُ الكلمات
وتارة تسكتُ الكلمات
وتارة تشهقُ الكلمات
كلما أراها سافرةً على ضفاف الأبجدية.
٭ ٭ ٭
عيونُ الأطفال المطفأة من القصف العشوائي والكوابيس الدائمة
تسألكِ الحقيقة والنور..
فهلا سكبتِ في أحداقهم حلماً قشيباً قبل النوم
وطمأنينةً وضحكاتٍ بعد النّوم ونشرات الأخبار..
الأطفالُ الذين يرسمون أفكارهم
على كراسات السّحاب..
عصافير تركض خلفهم
عصافير يركضون خلفها
يبتاعون أناشيدها
بقطع سكر النّبات الصغيرة..
يظلّ صوتهم باسقا
أعلى من شوك الغرباء
٭ ٭ ٭
الصّفصافةُ التي كانت تهزّ الطّريق
تداعب المارة بخصلها المنسدلة..
تنظر إلى المقعد الخشبي أسفل قدميها..
من تركه على كتفِ الوقت هكذا
يقف لوحده في وجه الرّيح والعزلة
يفتح كفيه للحرِ والقر والعواصف.
دون أدنى اعتراض
أيظلّ المقعد كالوطن القصي ينتظرنا على حاله
وتُسجنُ النّار في قفص من عيدان؟!
٭ ٭ ٭
لا شيء يشغلني
لا تكسّرُ الكوابيس على جفوني
ولا نزوح النجومِ إلى عينيك.
حتى أقواس قزح المتكدسة على أهدابكِ
بت أتحسُسها كل ليلة ..
قبل أن أقول لكِ
تصبحين على خير.
شاعر فلسطيني