صوتكِ الذي ترتديه العصافير

2024-07-14

أوس أبوعطا

صوتكِ الذي ترتديه العصافير

تنوس الأهلّة على سواقي مآقيه

فيُسارع قلبي بالشّوق والتوبة.

٭ ٭ ٭

لستُ واثقا من هوىً يبلغ ذرى المجون

ثم ينحدر كحصاة من أعلى الجبل

ليستكين في قاع الصمت.

هذا الفؤاد المنخفض كأخدود

لم يعد يتسع لمزيد من الحجارة والجثث.

لن أبقى على قيد العذل

أو ألملم فتات كلامكِ المعسول لي

من على هجير الذاكرة

ألوكهُ في حشاشة صدري كجائع يمضغ اللقمة الأخيرة.

أحتامٌ علينا أن نستمر هكذا

كالطّيور التي تعشش في البنايات المقصوفة

التي شوّهت وجوهها راجمات الموت العشوائي..

أتعلمين أنّ تلك الطّيور

كانت أشجع منّا وأشدُّ تشبُّثاً بأوطانها.

رأيتها في جحر الديك وفي تل السّلطان والشّجاعية

تتزاوج بكل سلاسة غير آبهة بعودة الرصاص والنّزوح

وتغرّد على مسمع الخراب والخواء.

حتى الزّهور التي تفوح وسط الحُطام

تنمو بوداعةٍ في الحفر التي خلَفتها القذائف.

لعل هذه الكائنات الرقيقة

عادت لتبرّج وجه الحرب الدّميم

وتتواطأ مع البشاعة.

ولعلها عادت لتتحدى المروحيات

وتبلسم جراح الأحياء النّازفة!

٭ ٭ ٭

غاب عني ما تساقط من عبيرك على الحيطان المطعونةِ بالشّظايا.

ما نضج النّدم في قلبي قط

أُخرجه على عجالة من بيت النّار

كرغيفٍ لم ينضج بعد.

٭ ٭ ٭

غاب عني ما أهذي به

عن وطن ممشوقٍ مثمر الصّدر

مرت عليه عربات الغزاة ودباباتهم

فتناثر شيبه وشبابه في أصقاع الأرض

كعقد لؤلؤ فرطه مقامرٌ ثمل.

٭ ٭ ٭

لم أحِط ذاكرةً بما دار بيننا

في القصف الأخير الذي استهدف حيّنا.

كان الدخان العامودي من أبراج غزّة المقصومة السّقف يتطاول بيننا

وصوتك يغيب خلف السّفوح.

كنتِ بمتناول البصر لا بمتناول اليد

كشمسٍ تتسلل لبيت البحر وقت الغروب.

٭ ٭ ٭

صوتكِ الذي ترتديه العصافير

يغلّف بصري

ويكأنه طفلٌ فقد عائلته وسط الحطام

ورائحة أمّه عابقة بعقله وصدره

رغم ضباب الغبار وتشويش الهلع.

أمّه التي بالأمس كانت تشدّ على كفه الصغيرة

وسط الزحام وصراخ الباعة.

٭ ٭ ٭

صوتكِ الذي ترتديه العصافير

يرسم الشّمس على حيطان العزل الانفرادي

الموبوءة بآهات المحتضرين السابقين

ودموع المخفيين قسرا ..

المثخنة بالوجد واليأس.

٭ ٭ ٭

صوتكِ الذي ترتديه العصافير

يرتقي كأنّه سرب ملائكةٍ

إلى الله في عليائه.

شاعر فلسطيني








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي