كريم ناصر
في حقل الرمّان
دويبّةٌ تأكلُ فراشةً على ترابِ الليل،
ما معنى أن تمحو الريحُ ظلالَ غابة؟
ما معنى أن يرنَّ الحجرُ كجرسِ النوم؟
لماذا تنضحُ البئرُ ولا ينضبُ مطرُها؟
ستلوذُ الحسناءُ بالحقلِ لتنقشَ رمّانةً على صخرةٍ وتمضي.
خطاطيف
سترقّعُ الخطاطيفُ ثُقُوبَ الأقلامِ في المدرسة،
فما من غيري ليترنّحَ في الأثير،
ويطلق سرباً تحت القلانس.
لا أظنُّ أنَّ رفاقي قد سبقوني إلى رابية،
سأقصمُ ظهرَ الجبلِ كالزجاج،
ضوء المرجانِ في يدي
فلن أكسرَ المجدافَ في جزيرة،
لكيلا يقطعَ جسمي كوسجُ الأرخبيل.
الفُقمة
مثلما نصارع حيتانَ السماء،
نغطس في الرياحِ لنكسرَ أمواجَها
ثمّ نمضي لنلويَ عواصفَ موجةٍ سامّة..
لكَم جنّتِ السلاحفُ
لكَم تغلغلَتِ الفُقمةُ في مشيمتها،
لماذا أكلَتِ الدلافينُ أزهارَ الطحالب؟
الرُخّ
علامَ تحاربني، وقد استأنفَ الرُخُّ صولاته..
ألمْ تعرف إنَّ نسيانكَ صعبٌ؟
ستثلمُ الريحُ أصابعكَ، ستنغزُ العصا خدودَ الفتيات
أيّها المسافرُ فلا تروِ أقاصيصكَ عن طرائفِ الموتى.
كأنّكَ ثمرُ الطحالب،
قد أغفرُ لك نسيانكَ حين تغرزُ إبَرَكَ في بدني،
ولا تفقهُ كيف تمتصُّ دمي،
ستلعنكَ غصونُ السماء أيّها الفارسُ يا صنو الشيطان.
ذكرى فراشة
سألحقُ بالمركبِ على ظهرِ الطحلب،
سأثبُ كريحٍ لأسمعَ الموسيقى في ذكرى فراشةٍ بريّة،
ستضيءُ الأشواكُ في أطلالٍ من ندى،
سينزفُ بركانُ الأملِ ليتسلّقَ لبلاباً..
لمَ لمْ تتّعظِ الشمسُ كالقمر؟
لِمَ تستحيلُ الأُتُنُ جسورَ عميان والجبالُ مرابضَ وحوش؟
ها هنا تطعجُ الريحُ الكتبَ كما تخدش الصنانيرُ الشبابيك،
ها هنا يحجبُ الضبابُ الطيورَ
أكان ذلك الهواءُ نسيمَ عنادل؟
كأنَّ الفلاحَ ينثرُ العنبَ في الأكَمَة.
القلب الأسود
أيعقلُ أن تذبحَ عصفوراً لتستوطنَ بيتَ الأفعى؟
أيعقلُ أن تغمطَ قمراً؟
كم طائرٍ ذرَّ الملحَ على رُكبتكَ الشوهاء!
كم عاملٍ وكم فلاح!
لا تقذفِ الحُممَ وتملأ رئاتنا دماً وتفلق البذور،
أيّها المغرورُ الذي بعجَ بطنَ الطاووس،
لا تذبحِ الأحصنةَ وتطلب العناق.
ستزعمُ الطحالبُ أنَّ لها جذوراً،
وتغطسُ الزوارقُ في ماءِ قلبكَ الراكد،
ها أنت ذا
فلا تزالُ تدبُّ في صحراء دماملك
كجثّةٍ تشطفُ زريبةَ بهائم.
أفواف النجوم
سيدلقُ الملكُ صولجانَهُ لينغّصَ عيشنا،
ستأكلُ النسورُ الحمائمَ،
وينهشُ كلبُ الراعي قلبَ أمٍّ رؤوم،
ما من نهرٍ لم تطوه العواصف..
أفوافُ النجومِ في الظلّ،
كأنَّ في قلبِ الماءِ عُكّازةَ أعمى تغلغلتْ في الصخور.
ستغلقُ الريحُ المرآبَ وتكسرُ الهياكلَ في صميمِ الصيف،
مرَّ سربٌ من الطيورِ يغازلُ التضاريس.
شاعر عراقي