غزو واسع النطاق ..ستراتفور: ماذا تعني الحرب مع حزب الله بالنسبة لإسرائيل؟

الأمة برس
2024-01-18

سيناريوهات مخيفة محتملة لاندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني (مواقع تواصل)سلط مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي "ستراتفور" الضوء على السيناريوهات المحتملة لاندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بعد تهديد القادة الإسرائيليين بالقيام بعمل عسكري واسع النطاق ضد الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، وفقا للخليج الجديد.

وذكر المركز أنه في حين أن الغزو الشامل للبنان أمر غير مرجح في الوقت الحالي، إلا أن إسرائيل سوف تنظر في الأسابيع المقبلة في اتخاذ تدابير تصعيدية تنطوي على عمل أقوى ضد حزب الله داخل لبنان، مما يخلق خطر نشوب حرب متعددة الجبهات وطويلة الأمد بالنسبة لإسرائيل.

واستشهد المركز بتصريحات أدلى بها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الأربعاء، أكد فيه أن احتمال نشوب حرب على جبهة لبنان بات "أكبر من ذي قبل"، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي "يزيد من استعداده للقتال في لبنان" من أجل هدف واضح جدا وهو إعادة السكان إلى الشمال، في إشارة إلى حوالي 80 ألف إسرائيلي تركوا منازلهم، بسبب الهجمات اليومية لحزب الله.

وتأتي هذه التعليقات بعد تصعيد بين إسرائيل وحزب الله شهد استهداف إسرائيل لمزيد من القادة العسكريين البارزين لحزب الله في لبنان، ورد حزب الله بمحاولة ضرب أهداف عسكرية إسرائيلية استراتيجية.

واعتبر المركز أن هذه الحوادث هي جزء من نمط أوسع من التصعيد المستمر بين الجانبين حيث يتصرف حزب الله بناءً على ضروراته السياسية لتنفيذ هجمات تضامنية إلى جانب حماس أثناء حرب غزة.

بينما تهدف إسرائيل إلى إنشاء نموذج استراتيجي جديد مع حزب الله يعمل على إبطاء قدرة المسلحين على عبور الحدود وجبهتها الشمالية؛ وعدم تكرار هجوم حماس الخاطف على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

الضغط على حزب الله

ورأي المركز أن الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الحالية تتلخص في استخدام التصعيد المستهدف للضغط على حزب الله لحمله على الانسحاب من الحدود.

وتعتمد هذه الاستراتيجية على التصعيد المستمر للهجمات المستهدفة ضد قادة حزب الله العسكريين واغتيال قادة حماس في عمق لبنان للإشارة إلى التهديدات الوجودية لقادة حزب الله وإقناعهم بقبول مواقع أضعف على الحدود الإسرائيلية دون القيام بعمليات برية إسرائيلية كبرى.

وذكر أن هذه الإستراتيجية تتطلب موارد عسكرية إسرائيلية أقل وتسمح للحدود الشمالية بالبقاء مملوءة إلى حد كبير بقوات الاحتياط بينما تواصل الوحدات القتالية في الخطوط الأمامية عملياتها في قطاع غزة.

كما تشير أيضاً إلى اهتمام إسرائيل المستمر بالتوصل إلى نتيجة سياسية تشهد تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وانسحاب قوات حزب الله من جنوب لبنان.

وفي 11 أغسطس/آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم "1701" الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، ودعا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل" الأممية.

ومنذ عام 2006 حتى مطلع أكتوبر/ تشرين أول 2023، شهدت الحدود الجنوبية استقرارا كبيرا رغم خروقات محدودة، حيث لم يظهر "حزب الله" وجودا عسكرياً علنيّاً وسط الحديث عن وجود أنفاق ومخابئ له.

ولكن هذه الاستراتيجية تخلق حوافز سياسية جديدة تدفع حماس وحزب الله إلى الانتقام من إسرائيل بشكل مباشر بسبب عملياتها المستهدفة، وخاصة فيما يتصل باغتيال كبار القادة والمسؤولين.

وهذا الرد الانتقامي بدوره يعزز الضرورة الاستراتيجية لإسرائيل المتمثلة في إبعاد المسلحين عن الحدود من أجل الحد من فعالية هجمات خصومها.

ومنذ أكتوبر/تشرين أول المنصرم، اغتال الجيش الإسرائيلي العديد من قادة حزب الله البارزين، بما في ذلك رئيس برنامج الطائرات بدون طيار لحزب الله وسام طويل، وعضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح العاروري في بيروت كجزء من حملة للإشارة إلى التهديد الوجودي لهؤلاء المسؤولين بسبب مواجهات الجماعات إسرائيل عسكريا.

وردا على مقتلهما، زاد حزب الله من حجم هجماته الصاروخية على شمال إسرائيل واستهدف مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي في صفد.

سيناريو التصعيد

وإذا فشلت الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الحالية في إنشاء منطقة عازلة قابلة للحياة تسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم، فمن المرجح أن تصعد إسرائيل هجماتها الأكبر على البنية التحتية العسكرية لحزب الله لزيادة الضغط على الجماعة المسلحة، بما في ذلك استخدام غارات برية متواصلة وضربات أعمق خارج المنطقة الحدودية الجنوبية.

ومن المرجح أن يشمل سيناريو التصعيد هذا المزيد من المدفعية والدبابات والقوة الجوية ضد مواقع حزب الله الراسخة مع احتمال شن قوات العمليات الخاصة غارات محدودة قصيرة المدى، لكنه لن يشمل إرسال قوات حاشدة داخل الأراضي اللبنانية.

وسيكون الهدف من هذا التصعيد مرة أخرى هو إرسال إشارة إلى حزب الله ولبنان بأن إسرائيل تستعد لعمليات توغل برية واسعة النطاق يمكن أن تؤدي إلى إشعال حرب واسعة النطاق.

ويمكن أن تبدأ هذه الحملة حتى قبل أن ينهي الجيش الإسرائيلي عملياته في غزة وتعود الوحدات القتالية على الخطوط الأمامية إلى الشمال، حيث ستعتمد على القوات الجوية الإسرائيلية وألوية الاحتياط المنتشرة بالفعل في المنطقة.

لكن من المرجح أن تتسبب هذه الاستراتيجية في مقتل المزيد من المسلحين والمدنيين. وهذا من شأنه أن يحفز المسلحين مرة أخرى على تصعيد عملياتهم الانتقامية ضد إسرائيل، حيث يسعى حزب الله إلى إظهار قدرته على الوقوف في وجه مثل هذا الهجوم وتعزيز شرعيته كمدافع عن لبنان.

ومن المرجح أيضاً أن تؤدي الحملة الجوية والمدفعية المتصاعدة إلى سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين، مما يزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسياً ويدفع الحكومة اللبنانية أقرب إلى دعم حزب الله بدلاً من الضغط عليه للانسحاب.

وتسيطر وحدات احتياط إسرائيلية حاليا على معظم الجبهة الشمالية، في حين تنتشر ألوية القيادة الشمالية في الخطوط الأمامية، مثل لواء جولاني، في غزة.

وفي حالة فشل هذه الهجمات واسعة النطاق، ستستخدم إسرائيل التوغلات البرية على مستوى الكتائب في جنوب لبنان لتطهير الأراضي والسيطرة عليها من المسلحين والإشارة إلى أن إسرائيل قد تصعد إلى غزو واسع النطاق.

لكن إسرائيل ستظل مقيدة فيما يتعلق التوجه إلى خيار القيام بغزو واسع النطاق، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن احتلال غزة يعني أن مواردها سوف تستنزف؛ ولذلك فهي ليست حريصة على الاستيلاء على الأراضي في لبنان والاحتفاظ بها بشكل دائم كما فعلت من عام 1982 إلى عام 2000.

ولكن بوسع إسرائيل أن تشير إلى وجود مثل هذا الخيار من خلال تنفيذ عمليات توغل برية محدودة بكتائب كاملة داخل جنوب لبنان وبألوية في الخطوط الأمامية قادرة على الاستيلاء على المنطقة والاحتفاظ بها بشكل مؤقت.

وستركز هذه العمليات على عمليات تطهير الأراضي والسيطرة عليها، وتدمير البنية التحتية لحزب الله، وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بقدرات حزب الله العسكرية ومقاتليه قبل الانسحاب من المنطقة - وهي حملة قد تستمر لأشهر.

ومن المرجح أن تقترن هذه الإستراتيجية أيضًا بحملة جوية متصاعدة في جميع أنحاء لبنان قد تشمل ضربات عميقة في معقل حزب الله في وادي البقاع وضربات على بيروت.

ولكن هذه الاستراتيجية قد تعيد صياغة الحوافز السياسية التي قد تدفع حزب الله مرة أخرى إلى الانتقام والتشبث بقتال أطول أمداً، وخاصة إذا تسببت التوغلات البرية الإسرائيلية في دفع المواطنين والساسة اللبنانيين إلى حشد الدعم لحزب الله كما حدث في عام 2006.

وفي هذه الحالة، يمكن أن تجد إسرائيل نفسها عالقة في حرب حدودية ممتدة مع حزب الله، حيث يكون الطريق إلى وقف التصعيد مقيداً بالضرورات السياسية لكلا الجانبين.

وستتطلب الحملة البرية عودة الألوية الرئيسية للقيادة الشمالية من غزة وإعادة تسليحها، مما يعني أن التوغلات المستمرة غير محتملة حتى يسيطر جيش الدفاع الإسرائيلي على قطاع غزة.

ستواجه التوغلات البرية للجيش الإسرائيلي مقاتلي حزب الله المتمرسين في القتال والذين يتمتعون بسنوات من الخبرة في سوريا، مما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي من شأنها أن تضعف الدعم الشعبي في إسرائيل لحملة عسكرية هناك.

غزو واسع النطاق

وذكر المركز أن لدى إسرائيل خيار تكرار غزو واسع النطاق على لبنان قبل انتهاء العمليات القتالية في غزة، على الرغم من أن القيام بذلك من المرجح أن يؤدي إلى انتقام إيراني مباشر ضد إسرائيل نفسها، مما يجعل هذا غير مرجح.

ومن غير المرجح أن تنظر إسرائيل في هذا الخيار إلا إذا حصلت على دعم دبلوماسي كامل من الولايات المتحدة، واستكملت أهدافها العسكرية الرئيسية في غزة، ولديها وحدة سياسية داخلية في الداخل ودعم للعملية، أو إذا صعد حزب الله هجماته إلى مستوى يشمل أشياء مثل شن ضربات على مدن إسرائيلية - مما يجعل من المستحيل تجاهل تهديده.

وهذه عقبات كبيرة، مما يجعل الغزو المماثل لعام 1982 غير مرجح، على الرغم من أن هذا السيناريو قد يظهر بمرور الوقت إذا تورطت إسرائيل في حرب حدودية مع المسلحين وأصبحت غير قادرة على طردهم.

في هذا السيناريو، ستحتاج إسرائيل إلى تعبئة ألوية الخطوط الأمامية والحفاظ على مستوى عالٍ من استدعاء قوات الاحتياط للقيام بهجوم كبير داخل لبنان.

وهو أمر قد يحدد هدف الوصول إلى نهر الليطاني كما فعل الإسرائيليون في عام 2006 في محاولة لطرد حزب الله من المنطقة.

من المرجح أن تستغرق هذه الحملة أشهرًا، وتؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا العسكريين والمدنيين لكلا الجانبين، ما سيثير غضبا دوليا من الحلفاء العرب والغربيين، وتصعيد الانتقام الإيراني ضد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية الباليستية المباشرة والطائرات بدون طيار الإيرانية المحتملة على إسرائيل نفسها بمجرد تعرض وكيلها الرئيسي لمثل هذا الهجوم واسع النطاق.

وقد تفشل إسرائيل أيضاً في تحقيق أهدافها قبل أن ينهار دعمها السياسي الداخلي أو قبل أن يضغط الغرب على إسرائيل لإنهاء الحملة، كما أنها ستحمل مخاطر سياسية هائلة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية التي أمرت بها.

وتشير التقديرات إلى أن عدد مقاتلي حزب الله يصل إلى ضعف عدد مقاتلي حماس، مما يعني أن الغزو الإسرائيلي سيواجه قوة أقوى بكثير مما تواجهه في غزة. وهذا من شأنه أن يمدد الحملة بالنظر إلى أن الجيش الإسرائيلي استغرق شهرين ونصف في غزة للسيطرة على منطقة جغرافية أصغر مع عدد أقل من الأعداء.

ويرتبط حزب الله بشكل مباشر بإيران عبر سوريا والعراق، مما يعني أنه سيكون من الأسهل إعادة إمداد الجماعة وتعزيزها لخوض قتال ممتد مع إسرائيل.

وفشلت الحكومة الإسرائيلية الأخيرة التي حاولت طرد حزب الله من الجنوب – حكومة رئيس الوزراء السابق إيهود باراك – في تحقيق أهدافها العسكرية وانهارت، مما أنهى مسيرة باراك المهنية وسط غضب شعبي إسرائيلي في أعقاب حرب عام 2006.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي