كان ضوءاً في صورة جرح

2023-08-27

خوليو دانييل تشابارو

قصيدة الشتاء

يسمح لنا المطرُ أن نكونَ

مِن وراء النافذة،

مدينةَ الأسماك المحبوسة.

■ ■ ■

مدينة

حتّى الآن لم يصمت الصدى،

لكنّ الأنهار تترك أثرها الأسود

وهناك شجرةٌ، إلّا أنّها أصغر من أن تكون شوكةً.

وفي الضباب

ثمّة آلاف الشوارع

التي يراقبها الموتُ أو الحُبّ.

هناك في مدينتي

أنّى الفقر مقسَّمٌ إلى سكّان.

■ ■ ■

معجزة

 كي ترقص أوراقُ الأشجار كمثل قيثارة

ولا تعود المياه إلى شطآنها

وتتوقّف،

لا بدَّ من حصادٍ آخر للطيور.

■ ■ ■

قافية

آخر شيءٍ منكِ إليّ

كان أثر طير

يخدش بجناحيه

جِلد السماء.

■ ■ ■

الفجر

على جدار الفجر النظيف أمشي،

أنا الرجل الأبيض،

وأكتب القصص على أوراق الشجرة

التي تهمس لي في الحديقة،

كأنها تتأوّه بصوتٍ منخفض.

■ ■ ■

قصيدة عن كلمة

سيحدّثونك عنّي بكلّ تأكيد،

عن الكأس الذي لا أشربه

عن حزني،

سيخبرونك عن أولئك الذين سهروا

وهاجموا وركبوا الموج والأثر

في عروقي،

لكن، يا ولدي، ببساطة نحن لسنا إلّا

فراشات ترفرف ولا تتوقّف عن الغناء

بين النيران.

هذا ما ستصيره، هذا ما أنتَ هو الآن:

أملٌ، أمل،

قصيدة قصيرة من أجل حبّي.

أنظر إليك وأراك ترفرف كالفراشة،

وأعرف أنك تبتكرني.

ليست الجبال إلا قبلةً دائمة على خدّ الريح.

■ ■ ■

تسعة فصول

1

كمثل حيوانٍ

يرسم الليل بصمته الحادّ على الظهور

ويبلع الضوء والتلال.

2

هكذا يصيح،

يرسم وجهه المشوّه في المرايا

وأرمي نفسي في فراغ البركة

التي عرفتني عارياً،

حين كانت الظهيرة ثقيلة على الأكتاف.

3

خارجاً، رجل عجوزٌ حائرٌ

يرسم وجهه من دخان الليل

يحاول أن يشتّت الريح

ويشعل الظلمة من حوله

ليكون قناعي الحالم.

4

هل كان صدى موتِه ظلّاً نهماً،

هل كان هذا الرنين؟

5

كان مرساةَ المساء،

كان ضوءاً في صورة جرح.

6

يطلع الصباح على هذه الصخرة التي

تنبح برداً أمام النافذة

على هذه الصحراء التي تتخبّط في الضباب

على تلك العربة السوداء التي لا تعرف الثلج.

7

لو كان ثمّة نار في الغرفة التي لا أسكنها،

أو تلك المرأة التي كانت تمشي عاريةً في الكرنفالات

لتُخبرني عن سرّ سعادتها.

لو أنّ ظلّي الأبيض يصمت

كي أطفئ هذا النبيذ الدافئ

بقطرة مُرّة.

8

هناك، يتلألأ الضوء وتستعيد التلّةُ الحياة

لكن النسيم يحمل معه حشرجة الموت،

وها هو الآن يدخل الزقاق.

9

المدينة نباحٌ

وأنين جراح:

هكذا تكبر فيها أيامنا

تُداعبُ الجلد

ولا تترك النوافذ تنام.

مختارات من كتاب "يقين قلِق"، ترجمة عن الإسبانية: جعفر العلوني

بطاقة

Julio Daniel Chaparro شاعر وصحافي كولومبي من مواليد 1962. درس الآداب في "جامعة سابانا". أسّس مجلة "أورينتي"، وكان من أبرز صحافيّي جريدة "الإسبيكتادور" الذين وثّقوا تاريخ كولومبيا. اغتيل عام 1991، أثناء قيامه بتحقيق صحافي بعنوان "ما سلبه العنف منّا". من أعماله الشعرية: "كنا مثل الشمس" (1986)، و"وطن من أجل عيني" (1987). في 2019، صدرت أعماله الشعرية والصحافية في مختارات بعنوان "يقينٌ قَلِق".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي