هل التدريبات الرياضية تساعد فعلا في إنقاص الوزن؟

وكالات - الأمة برس
2023-07-25

تعبيرية (بيكسلز)

من المتوقع أن تدر صناعة التدريبات الرياضية أكثر من 80 مليار دولار على مستوى العالم خلال عام 2023، بحسب بعض التقديرات. وكيف لا بالنظر إلى المزايا العديدة لممارسة الرياضة مثل الحفاظ على الصحة، وتحسين المناعة، وتقليل احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة، وغيرها من الإيجابيات.

ولعل من أهم الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى ممارسة الرياضة، الرغبة في إنقاص الوزن. ورغم أن القاعدة الذهبية التي يسير عليها البشر منذ قديم الأزل تقول إن تقليل الطعام وممارسة الرياضة ضرورة لإنقاص الوزن، تشهد الدوائر العلمية مؤخرا حالة من الجدل بشأن ما إذا كان الإكثار من التدريبات الرياضية يساعد حقا في إنقاص الوزن.

وينصب الجدل بشأن تأثير الرياضة في إنقاص الوزن على ما يعرف باسم “فرضية ترشيد الطاقة الكلية” للجسم، والتي تؤكد أن التدريبات البدنية لن تساعد في حرق المزيد من السعرات الحرارية لأن الجسم يعوض السعرات التي يفقدها أثناء ممارسة الرياضة عن طريق خفض السعرات التي يستهلكها في غير أوقات الرياضة. وبالتالي فإن التدريبات البدنية لن تساعد في إنقاص الوزن، وإن كانت سوف تعود بالفائدة على الصحة العامة من نواحي عديدة.

ويختلف الباحثون في مجال السمنة مع هذه الفرضية لأنها تستند على أبحاث قائمة على الملاحظة وليس على تجارب عشوائية محكومة، وهي الأساس العلمي الذي تقوم عليه الأسانيد العلمية. وتعتمد التجارب العشوائية المحكومة على تقسيم المتطوعين في تجربة معينة إلى مجموعتين، مع إخضاع المجموعة الأولى لعامل خارجي معين دون المجموعة الأخرى، وبالتالي معرفة مدى تأثير هذا العامل على نتائج التجربة. وقد أثبتت التجارب العشوائية المحكومة أن الرياضة تساعد في إنقاص الوزن، حسب وجهة نظر هؤلاء الباحثين.

ويشير هؤلاء الخبراء أيضا إلى مراجعة أجريت عام 2021 وشملت أكثر من 100 دراسة، تناولت أهمية التدريبات البدنية في إنقاص الوزن، وأكدت هذه الدراسات أن ممارسة التدريبات بأنواعها مثل الأيروبكس، وتدريبات المقاومة، والتمارين المكثفة تحت إشراف متخصصين تؤدي فعلا إلى إنقاص الوزن، حتى لو كان ذلك بشكل متواضع.

ويتساءل الباحث دونالد لامكين، أستاذ مساعد الطب النفسي والعلوم السلوكية الحيوية بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، عما إذا كانت هذه النتائج العلمية تعني أنه من الممكن بعد تناول قطعة شهية من الحلوى الدسمة، أن نقوم بممارسة بعض الرياضة، وبالتالي نحرق السعرات الزائدة التي دخلت الجسم.

ويقول لامكين في مقال نشره الموقع الإلكتروني Conversation المتخصص في الدراسات العلمية والأكاديمية، إن الأمور لا تسير في الحقيقة على هذا النحو. فلو كانت جرعة الرياضة الإضافية تساعد في حرق السعرات الحرارية الزائدة، لكانت التدريبات البدنية وحدها كافية للحفاظ على الوزن بعد القيام بحمية غذائية لخفض الوزن عن طريق تقليل السعرات الحرارية. وأوضح لامكين أن المراجعة العلمية التي أجريت عام 2021 كشفت أيضا اعتمادا على مجموعة من التجارب العشوائية المحكومة، أن ممارسة الأيروبكس أو تدريبات المقاومة لفترة تتراوح ما بين 6 إلى 12 شهرا بعد الانتهاء من الحمية الغذائية، لن تحول دون استعادة الوزن الزائد لدى البالغين.

ويرى بعض الخبراء أن المداومة تعتبر مشكلة رئيسية فيما يتعلق بدور الرياضة في إنقاص الوزن، بمعنى هل يداوم الأشخاص الذين فقدوا الوزن خلال حميات غذائية على ممارسة الرياضة بشكل منتظم من أجل الاحتفاظ بأوزانهم الجديدة؟

وقد أظهرت تجربة شملت 25 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، ونجحن في خفض أوزانهن خلال حميات غذائية وشاركن في برنامج رياضي تحت إشراف متخصصين، أن نسبة المداومة على ممارسة الرياضة بين أفراد هذه المجموعة لم تتجاوز 64%.

ويعتقد الكثيرون أن المسألة تتعلق بإحداث التوازن بين حجم الطاقة التي تدخل الجسم عن طريق تناول الغذاء وحجم الطاقة التي تخرج من الجسم خلال التدريبات البدنية، وبالتالي فإذا لم تساعد الرياضة في إنقاص الوزن، فلابد إذن من زيادة جرعة التدريب. ولكن الكلية الأمريكية للطب الرياضي سلطت الضوء على هذه الفرضية في بيان بشأن الأنشطة البدنية والحفاظ على الوزن، وذكرت أن كمية الرياضة اللازمة لهذا الغرض غير مؤكدة، وأشارت إلى أنه لا توجد تجارب عشوائية محكومة تستخدم وسائل القياس الحديثة لمراقبة ميزان الطاقة للمتطوعين في هذه النوعية من التجارب.

ويشير لامكين في مقاله إلى ما يطلق عليه اسم “لغز السعرات المفقودة” حيث تطرق إلى دراسة لقياسات الطاقة يرجع تاريخها إلى عام 2015، وجاء ضمن نتائجها أن إجمالي عدد السعرات الحرارية التي يفقدها من يمارسون الرياضة على مدار اليوم لا يختلف في الحقيقة كثيرا عن عدد السعرات التي يفقدها من لا يمارسون الرياضة، بالرغم من أن المتخصصين الذين أشرفوا على هذه التجارب يؤكدون أن المتطوعين الذين يمارسون التدريبات البدنية يفقدون ما بين 400 إلى 600 سعر إضافي في الحصة الرياضية الواحدة. فلماذا إذن لا يظهر تأثير هذه السعرات المفقودة عند المقارنة بين الرياضيين وغير الرياضيين؟

وذكر لامكين أن الإجابة على هذه السؤال ربما تعود بنا إلى نفس الفرضية السابقة التي تتعلق بترشيد الطاقة الكلية للجسم، ويوضح أن عملية الايض داخل الجسم، وهي تحويل الغذاء إلى طاقة، تتجاوب مع التدريبات الرياضية المنتظمة عن طريق تقليل السعرات التي يحرقها الجسم في غير أوقات ممارسة الرياضة.

ويقول الباحث الأمريكي: “لا تخدع نفسك بالظن أنه من الممكن ببساطة ممارسة مزيد من التدريبات من أجل التغلب على تأثير وجبة غذائية دسمة”، ولكنه يؤكد ان الرياضة، وإن لم تساعدك في إنقاص الوزن بالشكل الذي ترغب فيه، تظل لها فوائد صحية عديدة لا يمكن الاستغناء عنها.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي