"أدب طفولي" لأليخاندرو زامبرا: رسالة إلى الابن

2023-07-01

"أن تكون أباً يعني ذلك أن تسمح لنفسك بالانتصار، بالفوز، من أجل شيء واحدٍ فحسب: أن تصبح الهزيمة حقيقية"، قد تكون هذه الجملة، التي جاءت على لسان الكاتب التشيلي أليخاندرو زامبرا (1975)، مدخلاً مناسباً للحديث عن كتابه الجديد "أدب طفولي"، الصادر حديثاً عن دار "آناغراما" الإسبانية. 

قد يبدو الكتاب لأوّل وهلة، لا سيّما بعد قراءة صفحاته الأولى، غير قابل للتصنيف، على الرغم من عنوانه، إلّا أنّه يتضمّن قصّةً كُتبت بلغة بذيئة بعض الشيء وحادّة نوعاً ما، يحاول فيها الكاتب التشيلي أن يتعلّم، في أثناء مرورهِ برحلة علاجية، فن الزحف والحبو، لا سيّما بعد أن أصبح أباً.

تتداخل في الكتاب مذكرات الأبوة مع أحلام الطفولة، والخيال الذي يتناغم، بشكل غريب في جميع أنحاء الكتاب، مع واقع الأيام الأولى لفترة الحمل، والولادة، والأيام الأوّلى للطفولة. 

استطاع الكاتبُ التشيلي من موقعه كأبٍّ هذه المرّة أن يروي رحلة ذهابٍ وإياب بين الطفولة والأبوة، وقد انعكس ذلك على شكل السرد نفسه، إذ تبدو نصوص الكتاب رحلة بين المقالة والقصة، الخبر والتأمّل، الحياة والأدب، ما هو مكتوب وما هو مُعاش.

ضمن هذا المعنى، يمكن فهم الكتاب على أنه سيرة ذاتية مفتوحة وإصرارٌ على توكيد العلاقة بين الأب والطفل، لا سيما في ظلّ تطوّر الأجيال وظهور أشكال جديدة من العاطفة.

والكتاب، في غالبيته العُظمى، تجميع لنصوصٍ من مصادر مختلفة: أجزاء من دفتر الملاحظات، وقصص، وحوارات بين الأب والابن، ومقالات عن كرة القدم - الهواية المشتركة بين الأب وابنه-، والتلفاز، من بين العديد من الأشياء الأخرى. إنّه، بشكلٍ أو بآخر، رسالة طويلة ومُجزّأة، "إلى ذلك الابن الذي سيتمكّن في ذلك اليوم من المستقبل غير الكامل، من قراءة الكتاب"، كما يقول زامبرا نفسه.

ويأخذ الابن في الكتاب دور البطولة بشكلٍ مطلق، لا سيّما وأنّه في كثير من المرات، يلعب دور المُحرِض والمحفّز للذاكرة، حيث يستعيد الأبّ - أليخاندور زامبرا - عبره، مشاهد وصوراً من طفولته ومراهقته المختلفة عن طفولة ابنه. ويستغل زامبرا هذا التفصيل لمقارنة الأزمنة، والتأمّل في معنى أن تكون طفلاً وأباً في زمن الدكتاتورية، وفي معنى أن تكون كذلك في زمن الديمقراطية.

يّذكر أن أليخاندرو زامبرا من مواليد عام 1975. برزَ في الآونة الأخيرة كواحدٍ من أهمّ روائيّي أميركا اللاتينية. من بين رواياته نذكر: "شاعر من تشيلي" (ترجمة إلى العربية جعفر العلوني)، و"أشكال العودة إلى المنزل"، و"بونساي".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي