سيلفي سيرفواز: ما يعنيه الأدب الملتزم

2023-06-09

إذا كان علينا أن نعدّ قائمة بأكثر المواضيع التي احتدمت حولها النقاشات الأدبية خلال القرن الماضي، فلا بدّ لمسألة الأدب الملتزم أن تكون من بينها. وقد عرف النقاش حولها أوجَهُ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ونشْر الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر كتابه "ما الأدب" (1948)، الذي قدّم فيه نظريةً سياسية للأدب، قال فيها إن "الأدب يرميك في ساحة المعركة. وبهذا المعنى، فإن الكتابة تعني إرادة الحرّية. وبغض النظر إن شئت أم أبيت، فإنك تكون ملتزماً بمجرّد دخولك مجال الكتابة".

عرف كلام سارتر أصداءً على مختلف الساحات الأدبية حول المعمورة، ولا ننسى كيف أن الكتّاب والمثقّفين العرب انقسموا بين مدافعين عن آرائه وعن ضرورة أن يحمل الأدب رسالة ما، وبين رافض لتحويل الكتابة إلى مجرّد أداةٍ لغاية تتجاوز الإبداع والفنّ.

في كتابها "الأدب الملتزم"، الصادر "منشورات فرنسا الجامعية" بباريس، ضمن سلسلة "ما الذي أعرفه؟"، تقدّم أستاذة الأدب سيلفي سيرفواز صورةً عامّة حول تسييس فعل الكتابة، ولا سيّما في تاريخ الآداب الأوروبية.

لا تُخفي المؤلّفة أنّ "الأدب الملتزم قلّما حظيَ بسمعة جيدة" بين عموم المشتغلين في الكتابة، إذ لطالما جرى لوم المدافعين عنه بأنهم "يضحّون بالشكل والأسلوب على حساب المحتوى، ويقدّمون الفائدة على حساب الفن، والأيديولوجيا على حساب الحقيقة". وهي تشير إلى أن كتابتها محاولةٌ للذهاب أبعد من هذه "الرؤية الاختزالية" التي ترى من منظور ضيّق إلى ظاهرة شديدة التعقيد والغنى، بحسبها.

تحاول المؤلّفة الإجابة عن أسئلة مثل: لماذا نكتب، ولمَن؟ وما أثر الأدب في المجتمعات وأحوال العالَم؟ وما موقع الكاتب سياسياً في مجتمعه؟ وهل تمكن ممارسة السياسة من خلال إنتاج أعمال أدبية؟

وللإجابة عليها، فإنها تعود أبعد من سارتر وبرتولت بريشت، لتقرأ تجارب مفكّرين خلال عصر النهضة، مثل فولتير، وتجارب كتّاب من العصر الوسيط، مثل الشاعرة كريستين دو بيزان (1364 - 1430)، التي عاشت بين إيطاليا وفرنسا، وناضلت ضدّ النصوص الأدبية التي لا ترى في المرأة إلّا جسداً، مقدّمةً نصوصاً تناقض التهويمات الذكورية حولها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي